ويسلط المؤلف، الذي يقع في 172 صفحة من القطع المتوسط، الضوء على السخرية الأيقونية في المغرب وفن الكاريكاتير الذي يشتغل على تعرية الممارسة السياسية وكشف هشاشتها في المملكة، كما يرصد الذاكرة الهزلية من خلال رصد تجارب هزلية أيقونية تعبر عن هموم وجراحات الطبقة الفقيرة من أبناء الشعب.
ويتوزع الكتاب إلى ثلاثة فصول تتناول على الخصوص “السخرية والسخرية الأيقونية”، و”الكاريكاتير المصطلح والسياق”، و”تجربة الكاريكاتير في المغرب”، إلى جانب رسوم كاريكاتيرية في آخر الكتاب من إبداع رسامين كاريكاتيريين مغاربة.
ويعرض الفصل الأول للسخرية والسخرية الأيقونية كمفهومين اشتغلت عليهما حقول ومباحث أدبية وفنية عديدة اعتبرتهما وسيلتين وأداتين لإنتاج الضحك والفكاهة تنوعت فيهما الأغراض والمرامي وسياقات الإنتاج.
أما الفصل الثاني فيتعلق بالكاريكاتير مصطلحا وإبداعا احتل مكانة مرموقة داخل نسيج التعبيرات التشكيلية الهادفة والساخرة، وذلك بالاستناد إلى تاريخية هذا الفن ومرجعياته البصرية والإبداعية المتعددة معززة بتعريفات ومقولات لرسامين ونقاد وباحثين بارزين لهم دراية واسعة وممتدة بكارتوغرافية هذا “الإبداع المشاغب والمزعج” الذي تأسس جماليا على وظائف نقدية فاضحة شملت الميادين الساياسية والاجتماعية وغيرها.
وخصص المؤلف الفصل الثالث لتجربة الكاريكاتير في المغرب. ويغطي هذا الفصل جزءا من تاريخ هذا الفن انطلاقا من تجربة الرسامين الرواد وما تلاهم من رسامين ومبدعين “حملوا لواء الكاريكاتير بصدق وأمانة مع تباين في الصيغ والمعالجة والتعبير”، كما تناول هذا الفصل صحافة الكاريكاتير في المغرب سواء منها الصحف الساخرة الرائدة ( أخبار الدنيا، الكواليس، أخبار السوق، تقشاب، الأسبوع الضاحك، أخبار الفن …)، أو الصحف الساخرة الجديدة (جريدة “بابوبي”، ملاحق ساخرة بصحف يومية…).
ويرصد الكتاب جملة من الإكراهات التي لا تزال تعتري مجال الكاريكاتير، كما ورد في شهادات وكتابات رسامين مغاربة ينتمون إلى حقب وأجيال مختلفة، ليخلص إلى توصيات وتدابير تدعو إلى توثيق الرسم الكاريكاتيري في المغرب ودعم مبدعيه وتحفيزهم على المزيد من البذل والعطاء والإنتاج.
وفي تقديمه للكتاب، اعتبر الكاتب والباحث الإعلامي بوشعيب الضبار أن هذا المؤلف يشكل وثيقة سوف تعزز مكتبة الكاريكاتير التي تشكو من قلة المصادر، وندرة المراجع التي يمكن الاعتماد عليها للتأريخ للبدايات الأولى لهذا “الفن المشاغب”، وما أعقبها من امتدادات بفضل الأجيال الجديدة.
وأضاف أن الحيسن، بحكم سبره لأغوار الثقافة والفنون، يغوص بين تلافيف ذاكرة فن الكاريكاتير، ويتتبع مساراته ومسالكه، منذ نشأته حتى الآن، مشيرا إلى أن هذا الكتاب جاء في توقيته تماما، بعد أن أصبح من اللافت للانتباه ما يسجله الرسم الصحافي الساخر، في السنين الأخيرة، من حضور متزايد في الصحافة المغربية.
وسجل الضبار أن هذا الإصدار هو الأول من نوعه في المغرب، في شكله ومضمونه، وفي طريقة تناوله للفن الساخر، محاولا الإحاطة بالموضوع من جميع الجوانب، تاريخا ومصطلحا ومفهوما، حتى يكون أرضية قابلة لمزيد من المبادرات.
ويعد إبراهيم الحيسن فنانا وناقدا تشكيليا، باحثا في التراث الأدبي والجمالي الصحراوي، ويشغل أيضا منصب الكاتب العام لاتحاد كتاب المغرب – فرع العيون. له عدة دراسات في ثقافة وفنون الصحراء والفن التشكيلي والتربية الجمالية.
حصل ابراهمي الحيسن على جائزة الشارقة في البحث النقدي التشكيلي ثلاث مرات سنوات و2010 و2017.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.