العودة الى المدرسة.. تلاميذنا بين سبورة سوداء وشاشات بالألوان

أزول بريس – بقلم الأستاذ عمر أيت سعيد //

مرت عطلة الصيف بسرعة البرق، كانت أحلام ” أنير” الطفل الصغير تدور وتجول حول اليوم الأول في المدرسة. كان يحلم بيوم اللقاء الأول مع أصدقاء جدد . يحلم باللقاء الأول مع أستاذ  أوأستاذة مقبلة على العلم والحياة على السواء . كان يحلم بعالم الأدوات ، مقلمات ،أقلام ،ألوان كتب ، دفاتر ومحفظة بهية جديدة لها عجلات يجرها برشاقة ومرونة. راوده ذلك  الحلم عدة مرات في فترة الصيف لكن ، لما وطأة رجلاه ردهات المدرسة لم يجد من حلمه شيئا ،وجد أطفالا ملثمين و أساتذة ملثمين ، لم يرى ابتسامة أحد ، فكانت تلك هي صدمته الأولى …

فلما ولج القسم وجد سبورة سوداء تناثرت حولها الطباشير…وأخرى بيضاء فقدت معالم السطور فكانت بالنسبة له كبحر دون شواطئ . حضر لأسبوع واحد فقط فأخبروه أن يرتدي هو الأخر كمامته باستمرار مخافة الإصابة بفيروس كورونا …

الشيء الذي وقع فعلا ، فقد أصيب أحد زملائه في القسم بالفيروس ، فأوقفت السلطات الدراسة بمدرسته لمدة 15 يوما فأخبروا التلاميذ أن الدراسة ستصبح عن بعد باستعمال الشاشات الصغيرة ، من تلفزات و و”طبليتات’ …

وفي هذه الشاشات الصغيرة اكتشف أنير عولم جديدة ولعب ترفيهية جديدة واكتشف كيفية التدريس بالدول الغربية والأمريكية …فأصبح ينظر الى مدرسته بشفقة وأسف …فقال لأبيه : ” يا أبت لماذا لون سبورتنا أسود ؟ ولون سبورة الأجانب بالألوان ؟ لماذا ليس في مدرستنا ألعاب ؟ لماذا تعج أقسامنا بالتلاميذ حيت لا نستطيع التركيز مع أستاذتنا ؟ لماذا محفظتي مليئة وثقيلة ولا أستطيع حملها؟ لماذا كنت تمنع عني الهاتف النقال طيلة الوقت ؟ و اليوم أصبح هو ملاذي وملاذك للتحصيل ؟

قلت له والدموع تنهمر من عيوني ، سأجيبك عن كل هذه الأسئلة بعد أن أستريح ربع ساعة فقط، فقد اشتغلت 30 ساعة هذا الأسبوع وغيري لم يشتغل الا 20 أو 10 ساعات فحصل على راتب سمين … فخطفت أضواء وألوان الشاشة إبني مني فترك الحديث معي وغاص في ذلك العالم العجيب …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد