هل استطاع فؤاد “إله النهر” أن يلقي القبض على قلب الحورية البيضاء “غالاتيا”، ويخلصها من قبضة المعاناة وغدر الزمن؟ في زحمة الأحداث، تندلع شرارات تشظيها الاجتماعي والنفسي الذي زاد من حدة لهب الوجع انكسارها العائلي. فمن سطر كل تلك الخموش في وجه عائشتها؟ ومتى اشتدت رياح الاحتياج؟ وكيف فرت نظارة العيش من ثقب اللحظات؟
لماذا صار عبد الحي الملقب ب”عدو الشمس” عدوا للعلم، للطفولة، للإنسانية، للعطف وللحنان؟ أستسمر غالاثيا في ذرف دموعها آسفة على مقعدها الدراسي، مشتاقة لصديقاتها ووجه مربيتها؟ كيف ستتناسى أقلامها المكسرة وأوراقها التي طليت بوحل الأحذية؟
هل ظهور الكولونيل حسون يمكن أن يكون الخلاص الذي سينعش آمالها وينجيها من عثراتها وإهاناتها أم ظهوره وبال على مسيرة حياتها و شرف عائلتها؟
كيف ستنزع الغيظ من صدرها الذي ضاق بوابل الأحداث التي حوطتها وأضرمت نيران الضياع في هدوئها؟ أصارت رمزا لفتاة خذلت وخدعت من محيطها لذلك تستمر في درف دموع الوجع والحنين؟
ليس هذا سوى غيض من فيض ما توقده فينا رواية سمية قرفادي الموسومة ب”آهات غالاثيا”، الصادرة في طبعة جميلة عن منشورات النورس، إن الوجع هنا بصيغة الجمع “آهات”، وحاملته مفرد “آهات”، وتتوغل الأحزان المميتة وسط جسد وقلب صبية لم تتفتح على ربيع الحياة بعد. مستمدة أوجاعها من محيطها والأيادي المطلية بالسواد والقلوب الصدئة بالانتقام، ليتفجر وجعها آهات وآهات.. أثقلت كاهل نفسيتها المتشظية وعقلها ومخيلتها البيضاويين. وهي تصارع من أجل لقمة عيش ممزوجة بالرماد.
إنها رواية” آهات غالاتيا” للمبعة سمية قرفادي التي نجحت في نحت صوتها السردي الخاص، فضاؤها متنوع. شخوصها يعيشون على حافة القلق، بطلتها مثقلة بأسئلة ملغزة وقلق لا يلين، زمانها مختلف، نحن أمام عمل أدبي متميز للروائية المغربية سمية قرفادي. عمل يجمع بين الحقيقة والخيال. بين الأسطورة والميثولوحيا، تقود بنيته السردية المتعددة الأصوات، بمجموعة من الرؤى الفلسفية وسط فضاءات مدينة سلا، مدينة التصوف والزهد، مدينة المجاهدين والمضطهدين… مدينة الرجالات السبع وأولياء الله الصالحين..
حيث تقدم لنا الرواية رحلة صاخبة مكتظة بضحيح الحدث ووفاء القهر حاملة في طياتها متناقضات الحياة من حب وكراهية استسلام وانتصار حبور وضياع. في قالب إنساني/اجتماعي/رومانسي.. واضطهادي أحيانا بكل السياسات والنزعات التهديمية والإنتقامية.. كل ذلك في قالب سردي درامي وبلغة شاعرية ماتعة.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.