الرباط : تنظيم ملتقيات التاريخ حول البادية

unnamed-4
كانت البادية أساس عيش الإنسان منذ ظهوره على الأرض نظرا لارتباطه القوي بها. وعلى إثر حدوث الثورة النيوليتقية أصبح الإنسان القديم قادرا على إنتاج طعامه وتخزينه بفضل تحكمه في تقنيات النشاط وتدجين الحيوانات بمختلف أنواعها. فالاهتمام بتاريخ البادية يعني في النهاية الاهتمام بتاريخ الإنسان. إن اختيار موضوع البادية في تاريخ المغرب يهدف في العمق إلى دراسة تاريخ الإنسان المغربي كفرد وكجماعة من أجل الوصول إلى معرفة كيف كان، وكيف كان يتحول إلى أن أصبح على ما هو عليه الآن. ارتبط هذا الإنسان بالبادية منذ أن كان وبشكل شمولي. تسعى هذه الدورة باختيارها لهذا الموضوع تسليط الضوء على التحولات التي عرفها هذا المجال المغربي سواء تعلق الأمر بالظروف الطبيعية أو التقنية أو البشرية لما لهذه التحولات من علاقة بالتنوع الذي عاشه ويعيشه الإنسان المغربي إلى اليوم.

أدت التحولات التاريخية والديموغرافية والتقنية والخدماتية المتصاعدة إلى الزيادة في الإنتاج والمبادلات وفرضت التكامل فيما بين المناطق، كما ساهمت في تأسيس المدن والحواضر. الأمر الذي زاد من الاحتياج إلى البوادي في مراحل سابقة حيث كانت نسبتها تفوق نسبة المدن، إلا أن تغير طبيعة الاقتصاد غيرت من هذا التوازن فأصبحت نسبة المدن في تصاعد على حساب البوادي. قد يكون من المفيد الوقوف عند ظاهرة المدينة في البادية والبادية في المدينة. كيف حصل هذا التحول؟
لا شك أن للتنوع الطبيعي دور في تنوع المناظر الطبيعية وفي الأنماط الإنتاجية كما أن لطبيعة الملكية الأثر القوي على الإنتاج بل حتى على العلاقات الاجتماعية: الحياة في الجبل تفرض على الفلاح تحديات طبيعية وبشرية وتحتم عليه التأقلم والتكيف لمسايرة النمط الجبلي المفروض، علما أن هذا النمط يختلف داخل الجبال نفسها، وتختلف الحياة في الريف عن تلك التي توجد في سلسلة الأطلس.

يرتبط مفهوم البادية بالسهول والهضاب لما تتوفر عليه هذه الأخيرة من شساعة في المجالات المخصصة للزراعة ولتربية الماشية مقارنة مع ما نجده في الجبالٍ، بالإضافة إلى الظروف الطبيعية التي تكون أكثر ملاءمة. رغم الصعوبات الطبيعية والبشرية تبقى السهول خزانا للإنتاج الفلاحي في المغرب وإليها يرجع الفضل في ضمان تموين المغاربة. واستطاعت أن تقوم بذلك بفضل انفتاحها المبكر على التحديث. كما أن ظروف العيش في الصحراء المغربية صعبة إلا أنها لعبت أدوارا تاريخية هامة لأنها غرست البعد الإفريقي في المغرب منذ أقدم العصور، كما أنها تتميز بوجود النمط الفلاحي الواحي الفريد.
انطلاقا من هذه المعطيات التي تشكلت عبر العصور وتحكمت فيها الظرفيات التي عاشها المغرب عموما والبادية على الخصوص، سوف يحاول الملتقى الذي تنظمه الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية في شكل محاضرات وموائد مستديرة أن يظهر معطيات قد تساعدنا على معرفة الماضي لفهم الحاضر قصد التفكير فيما يتطلبه المستقبل.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading