الراحل محمد أجعجاع: تماطل الحكومة في ترسيم الأمازيغية أفقد الحركة الأمازيغية الثقة في مؤسسات الدولة (حوار سابق)
حاوره الحسن باكريم
علمنا في الموقع براحل أحد مناضلي الحركة الأمازيغية بالأطلس المتوسط ويتعلق الأمر بالمناضل محمد أجعجاع رحمه الله الذي أعطى الكثير للأمازيغية كإعلامي وفاعل مدني … بهذه المناسبة نعيد نشر حوارا أجريناه معه ونشر على صفحات يومية آخر الساعة … سنة 2018
وبالمناسبة الأليمة ذاتها أنعى المناضل محمد بودهان في تدوينة له وفاة زميله أجعحاع قائلا :
الأستاذ محمد أجعجاع يغادرنا إلى الأبد..
بعد عشرة أيام على وفاة الدكتور حسن بنعقية، يغادرنا اليوم (30 ـ 01 ـ 2022) أحد أهرامات الحركة الأمازيغية، الأستاذ محد أجعجاع، الذي سبق أن حضر إلى الناظور قبل أيام فقط لتقديم التعازي في وفاة صديقه الأستاذ بنعقية. لقد كان أجعجاع من المؤسسين الأوائل للخطاب الأمازيغي، أنشأ مع ثلة من المناضلين في تسعينيات القرن الماضي مجلة “تيفاوت” التي كانت مرجعا إعلاميا وفكريا للحركة الأمازيغية. كما كان عضوا مؤسسا لجمعية “أسيد” بمكناس. بعد ثلاث سنوات من تعيينه عضوا بالمجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، سينسحب، مع ستة آخرين في 2005، من هذه المؤسسة احتجاجا على عدم تجاوب المسؤولين مع مشاريع تنمية الأمازيغية التي يعدّها المعهد. وقد كان هو صاحب فكرة إنشاء مجموعة “الاختيار الأمازيغي” التي تشكّلت في البداية من الأعضاء المنسحبين من المعهد قبل أن ينضم إليهم آخرون. بحكم أن الأستاذ أجعجاع عايش نشأة “الحركة الوطنية” وظروف الحصول على الاستقلال، فقد كان له اطلاع عن كثب على حقيقة وخبايا هذه الحركة، ودورها في محاربة كل ما هو أمازيغي. ولهذا فهو يعتبرها تمثّل الوجه الوطني للاستعمار الفرنسي، كما شرح ذلك في عدة محاضرات ودراسات ألقاها ونشرها حول الموضوع، كاشفا عن الكثير من الأكاذيب التي تملأ تاريخنا الحديث، مثل أكذوبة “مطالب الشعب المغربي” التي ينسبها “الوطنيون” إلى أنفسهم مع أن الفرنسيين هم الذين كتبوها.
إنه لمؤلم جدا أن يأتي نعي الأستاذ أجعجاع بعد 10 أيام فقط بعد نعي صديقه الأستاذ بنعقية. فلترقد رحه في سلام، وكل التعازي لأستره وذويه ولكل مكونات الحركة الأمازيغية.
الحوار :
محمد أجعجاع ينتمي الى الأطلس المتوسط. ولد ونشأ ببولمان وهي قرية تحيط بها الجبال والغابات، وتخترقها طريق تربط بين فاس والجنوب الشرقي. التحق بمدرسة القرية، التي كانت ضم أطفالا مسلمين ويهود وفرنسيين، اشتغل في قطاع التعليم مدرسا ثم مفتشا، مناضل سياسي، فاعل جمعوي كان وراء تأسيس عدد من المبادرات الجمعوية ولكن تبقى جمعية أسيد أهمها، التي حظي برئاستها لمدة، عضو مؤسس للكونغرس العالمي الأمازيغي، عضو سابق بالمجلس الاداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، من مؤسسي الاختيار الأمازيغي كان مديرا لجريدة أمازيغية ..
أنت أحد مناضلي الحركة الأمازيغية الذي أعطى كثيرا من وقته للنضال من أجل أمازيغية المغرب. ما تقييمكم لمسار الحركة الأمازيغية عموما ؟
شكرا على الاستضافة. في البداية، أؤكد أن الحركة الأمازيغية حركة ديمقراطية، مؤمنة بالتعدد. ولقد ولدت ولادة شرعية من رحم المجتمع المغربي المرتبط بالأرض، والوفي لتاريخه ولغته وثقافته. وحماية لهذا الإرث، خاضت نضالات وقدمت تضحيات لانتزاع الشرعية القانونية بمقتضى دستور 2011 الذي تعززت به مشروعيتها المكتسبة بالتاريخ والجغرافية. وارتباطا بتجاهل الحكومة لمقتضيات الدستور الداعي إلى تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، فهي حالة تدعو إلى القلق على مآل القيم الديمقراطية في البلاد. فهده الحكومة، وهي الجهاز التنفيذي للدولة، تتعامل بانتقائية مع القضايا الوطنية، ولا تنضبط لالتزامات الدولة تجاه الشعب. فكان على الأمازيغية، أن تنتظر سنوات، ويخطب الملك في افتتاح البرلمان لتدرك أن الأمر جدي، فيصيبها الارتباك وتختار الهروب إلى الأمام لتزيد الأمر تعقيدا. وقد نتج عن موقف الحكومة السلبي، أن فقدت الحركة الأمازيغية ثقتها بروح الجدية لدى مؤسسات الدولة من تنفيذية وتشريعية، فاستعادت روحها النضالية وانطلقت تنظم صفوفها لخوض معارك فرضت عليها، معززة هذه المرة بالشرعية والمشروعية.
والحركة الثقافية الأمازيغية أيضا حركة اجتماعية ذات طبيعة سياسية، عملت على حماية النسيج المجتمعي من التصدع بتنمية الشعور بالانتماء إلى الأرض وأبنائها، وليس إلى ثمارها فقط. كما حرصت على تحرير الوعي الوطني من التضليل الإيديولوجي، إذ ساهمت في اثارة النقاش الهادف بين مختلف المكونات الثقافية المغربية على أساس الأرض التي هي وطن الجميع، وليس العرق الذي تتميز به مختلف مكونات الشعب المغربي.
حسب يعض الباحثين الحركة الأمازيغية تنهج استراتيجية المهادنة والاستجداء المقتصرة على أسلوب المذكرات والملتمسات والبيانات، إلا إذا استثنينا الفعل الشبابي الأمازيغي سابقا ضمن حركة 20 فبراير، في نظركم، ما مدى محدودية هذه الاستراتيجية؟
أعتقد أنه يتوجب توخي الحذر كلما تعلق الأمر بتقييم الممارسات والخطابات المرتبطة بالأمازيغية. فمند 2011 والاعتراف برسميتها، تغيرت المعطيات على الأرض، ولم تعد الحركة الأمازيغية وحدها تخوض في الشأن الأمازيغي. لقد توسعت قاعدة المهتمين بها، وتوزع الفاعلون، في حقل الأمازيغية، إلى فاعلين سياسيين يوظفون الأمازيغية كورقة متميزة في الساحة السياسية الوطنية، ينتظرون بواسطتها تزكية من المجتمع للوصول إلى المؤسسات الرسمية للدولة، كممثلين لإرادة الناخبين. وهم بهده الصفة وكفاعلين سياسيين، يوظفون، على قدر تجاربهم وقناعاتهم وجرأتهم، الأساليب السياسية المتعارف عليها، من مهادنة واستجداء.
لكن إلى جانب هؤلاء، هناك الفاعلون المدنيون. فهم لا يمثلون، وإنما يعبرون عن قناعاتهم الشخصية أو الجماعية، بأساليب مختلفة من النضال. منها ما جاء في السؤال من أسلوب المذكرات والملتمسات والبيانات، ولكن هناك أيضا أشكالا من التضحيات، من مادية وتفرغ للقضية ومتاعب شخصية يعيشها المناضلون في حياتهم الخاصة والعامة. ولا ننسى أسمى التضحيات بالروح كما نعيش اليوم ظروفها المؤلمة مع اغتيال االشهيد عمر خالق. هناك أيضا عشرات المناضلين يحملون عاهات جسدية، وآخرون ذاقوا مرارة الحرمان من الحرية. كلها أساليب نضالية. صحيح تتفاوت الدرجات، لكنها تشترك في التعبير عن اعتزازها بهويتها الأمازيغية، كما تساهم في تقوية صفوف المقاومين من أجل أن تستعيد الأمازيغية مكانتها في أرضها.
تمت دسترة اللغة الأمازيغية في دستور سنة 2011، ويبدو اليوم أن شيئا لم يتحقق للأمازيغية. ما رأيكم في الموضوع والتداعيات السلبية التي خلفها داخليا وخارجيا على مسار الحركة الأمازيغية؟
اعلان دسترة الأمازيغية لا يعني أن خصومها قد انخرطوا في هدا المكسب الوطني بل سيظلون يناورون لتأخير تفعيل ترسيم الأمازيغية كما جاء به الدستور. فلا يجب أن ننسى أن خصومها مندسون في دواليب الدولة وفي مراكز القرار. ومواجهة هدا الجحود يقتضي الانخراط في العمل السياسي الديمقراطي للتواجد في مؤسسات الدولة على مختلف المستويات والعمل على تشكيل قوى سياسية وطنية وديمقراطية ضاغطة، تعيد للمغرب صفته التاريخية الأصلية.
دسترة الأمازيغية تشترط إخراج قانون تنظيمي لإعطائها الطابع الرسمي. وهدا القانون يراوح المكان مند ست سنوات. فكيف تنظرون الى هدا؟
هذا السؤال يجد الجواب عليه في التفسير الذي قدمته للإجابة على السؤال السابق. انه جزء من مناورات المعادين للأمازيغية. فهم يتحكمون في الجدول الزمني. خد كمثال جدولة إعداد القانون التنظيمي لتفعيل الفصل الخامس من الدستور. لقد كان آخر ما فكرت فيه الحكومة التي قادها حزب العدالة والتنمية، وبالشكل والنتيجة المعلومين، رغم خطورة الموضوع وأهميته. وفي الأخير أكرر مرة أخرى، أدعو مناضلي الحركة الأمازيغية الى الانخراط في العمل السياسي الديمقراطي.
وما تقييمكم لعمل الحكومة بخصوص اعطاء الطابع الرسمي للأمازيغية ؟
لقد تعددت المناسبات، في السياسة الوطنية، التي ظهر فيها الحزب الحاكم أنه يفتقد أسرار التدبير السياسي، يكفي أن رئيس الحكومة السابق، زميل الحالي في الحزب الأغلبي، لا يميز بين مسؤوليته الرسمية في تدبير شؤون الدولة، وحريته الشخصية في التعبير عن رأيه الخاص، في الشأن العام كجميع المواطنين العاديين. فكيف نصنف إعلانه كرئيس الحكومة بفتح عنوان الكتروني، لتلقي مقترحات مختلف الأطراف، من أجل وضع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟ فكيف يلبي الديمقراطيون مثل هده الدعوة الغريبة، والتي تصيب المكتسبات الديمقراطية في العمق، لأنها زادت من تعقيد المسألة وأعطت للموضوع معنا آخر، لأنها تذكر بموقف رئيس الحزب المعارض لترسيم الأمازيغية، وليس موقف رئيس حكومة والدولة المغربية التي التزمت دستوريا بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
علاقة بما سبق، ما هي الاستراتيجية المرحلية التي يجب تباعها من أجل بلورة أرضية مشتركة وموحدة للعمل والنضال بغية تحقيق دينامية الممثلة في الإنصاف الفعلي والعادل للأمازيغية؟
هناك خلفية تاريخية يجب أخدها بعين الاعتبار، لفهم العوامل المحددة لإستراتيجية مختلف مكونات الحركة الأمازيغية، التي لم تعش نفس التجربة، لا مع الاستعمار ولا في ظل الاستقلال، مع النخب السياسية المغربية، التي حافظت، بعد أن مغربتها، على بنية النظم الإدارية الاستعمارية، في تعاملها مع المناطق ” البربرية ” حسب تعبيرها. وهي مرحلة طويلة استغرقت ما يزيد على قرن من الزمن، عاشت الأمازيغية في ظله، بين التهميش والإقصاء، إضافة إلى حرص السياسات الرسمية على عزل المناطق الأمازيغية بعضها عن بعض. وهي السياسة التي تصدى لها رواد الحركة الأمازيغة، الدين عملوا، ضمن إستراتيجيتهم، على مد الجسور بين مختلف المناطق التي حافظت كليا، على مقوماتها اللغوية والثقافية الأمازيغية، من جنوب وشمال ووسط، في ظل الجامعة الصيفبة لأكادير، انطلاقا من 1980، ثم جاء ” ميثاق أكادير” سنة 1991 لترسيخ الوحدة بين مختلف المناطق الأمازيغية. وفي سنة 2000 تشكلت أول قيادة وطنية ببوزنيقة، تحت اسم” لجنة البيان الأمازيغي” ضمت ممثلي المناطق الثلاثة، من بين موقعي البيان الأمازيغي. الخلاصة التي يجب الخروج بها، في ضوء هده اللمحة التاريخية، هي أن تبقي الحركة الأمازيغية، من جهة، على إستراتيجية “وحدة الهدف” كمنهج لتحقيق أهداف يتقاسمها الجميع. ومن جهة أخرى، تحترم “تعدد الوسائل”، حماية لقوتها الإستراتيجية، واستقلال طاقاتها الخلاقة لمواجهة مناورات القوى التي فاجأها ترسيم الأمازيغية، وتعمل بشتى الوسائل من أجل إفراغه من غايته الدستورية.
باعتبار تجربتكم في الدفاع عن القضية الأمازيغية، ما هي أهم القضايا التي تودون أن تشتغل عليها الحركة الأمازيغية، للتغلب على الصعوبات التي تعاني منها، وبناء ميزان قوى كفيل بالضغط من أجل الاستجابة لمختلف المطالب كاملة غير منقوصة أو مقزمة؟
القضية الأمازيغية قضية عادلة. وتطورها في رأيي، يتطلب من الحركة الأمازيغية توفير ثلاثة شروط أساسية وهي أولا التشبث بالاختيار الديمقراطي القائم على الارتباط بالأرض والالتزام بقيم التعددية والروح الديمقراطية كمنهج لتدبير التنوع الذي يميز النسيج المجتمعي المغربي ثانيا معالجة القضية الأمازيغية كقضية أجيال، تلتقي حولها كل الأجيال، نساء ورجالا ثالثا الانخراط في العمل السياسي الملتزم صراحة بالمساواة بين اللغتين الرسميتين، من أجل السهر، من داخل المؤسسات الرسمية على تنميتها وتطويرها، وليس الاتكال على من لا يهمهم أمرها لإخراجها من التهميش
أنتم كذلك فاعل جمعوي وإعلامي أمازيغي، ما تقييمكم لمسار الجمعيات الأمازيغية عموما وبالأطلس المتوسطي خصوصا؟ خاصة أنك من مؤسسي جمعية أسيد؟
إن الكثير مما تحقق للأمازيغية وطنيا، يعود فيه الفضل إلى الجمعيات والحركة الطلابية، بسائر المناطق المغربية لأنها حملت بكل اعتزاز مشعل التصدي لخطاب الكراهية والاحتقار تجاه الأمازيغية وما تختزنه من قيم إنسانية تتجاوب مع قيم الحداثة. كما ساهمت في احتضان الشباب الذي فتحت في وجهه فضاءات متعددة ومتنوعة، ليتربى على قيم الحوار والنقاش والقبول بالاختلاف وبالرأي الآخر والنسبية في الأحكام.
نظمت “جمعية أسيد” مؤخرا، وبتعاون مع التنسيق الأمازيغي، يوما دراسيا بمدينة مكناس تحت شعار “إنصاف الأمازيغية والأمازيغ “. أين يتجلى هدا الإنصاف؟ وهل الأمازيغ أنصفوا الأمازيغية ؟ وكيف يمكن الجمع بين تحقيق مطالب الانصاف وتعبئة الأمازيغ للانخراط في نضال الحركة الأمازيغية؟
لا يختلف اثنان أن الأمازيغية كلغة وثقافة ومعظم المناطق التي لاتزال متشبثة بثقافتها الأصلية تعرف التخلف والهشاشة على سائر الأصعدة لقلة التجهيزات الأساسية بها، رغم ما توفره للدولة من ثروات تشكل مصدر اغتناء لصالح مناطق المغرب النافع كما رسم اليوطي حدوده.
ولإخفاء آثار سياسة التمييز هده، كثيرا ما يشار إلى عدد المسؤولين السياسيين والإداريين من أصول أمازيغية، كحجة عن سلامة وشفافية ما يتقرر في مؤسسات الدولة. إنها وضعية مزرية وظالمة تنتظر من الحركة الأمازيغية مواجهتها بالأساليب السياسية، ودلك بالانخراط في العمل السياسي.
فعلا التأمت الجمعيات والإطارات والفعاليات الأمازيغية في إطار اللقاء الوطني الذي نظمه التنسيق الوطني الأمازيغي وجمعية أسيد بمدينة مكناس يوم السبت 2 دجنبر 2017، حول موضوع “من أجل إنصاف فعلي للأمازيغية والأمازيغ”، وتدارست من خلال ندوتين الوضع الحقوقي والتنموي بالمغرب ومشروعي القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. وفي ختام هذا اللقاء الوطني طالب المشاركون(ات) بالإفراج عن معتقلي الحراك السلمي بالريف وبزاكورة وفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات في الاختلالات التي عرفها مشروع النهوض بالأمازيغية
وقد أكد بيان صادر عن هذا اللقاء الوطني للجمعيات الامازيغية بمكناس على أن الوضع السياسي العام يتميز بنكوص خطير نتج عنه الإمعان في إضعاف التنظيمات السياسية والمدنية وترسيخ آليات السلطة على حساب اعمال مبادئ وقيم التدبير الديمقراطي لعمل المؤسسات. كما رفض ذات البيان الأسلوب القمعي الذي تم به التعامل مع حراك الشارع المغربي، خاصة الحراك السلمي بالريف ومناطق أخرى بالمغرب.
وسجل بيان الحركة الأمازيغية غياب العمل الجدي للمقاربة التشاركية في اعداد وبلورة السياسات العمومية، وإقصاء ممنهج للديناميات والحركات والتنظيمات الاجتماعية والثقافية الديمقراطية في المساهمة في النقاش العمومي، وخير مثال على ذلك التأخير الفظيع والمنهجية التي تم بها وضع مشروعي القانونين التنظيميين للأمازيغية ومجلس اللغات والثقافة المغربية، وكذا الرؤية الاستراتيجية 2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
وندد المشاركون في لقاء مكناس باستمرار السياسة الاقتصادية اللاشعبية التي أدت إلى تكريس وصاية المؤسسات المالية الدولية مما أفضى إلى تقليص ميزانية الاستثمار الداخلي وتأزيم الأوضاع الاجتماعية والزيادة في نسبة البطالة وإلى مزيد من التفقير للجهات والمناطق المهمشة خاصة بسوس والريف والوسط والجنوب الشرقي التي تستغل ثرواتها دون أن تنعكس إيجابا على أوضاع ساكنتها.
وطالب بيان الحركة الأمازيغية باعتماد مقاربة تنموية شاملة وفعلية، ترتكز على العدالة المجالية والتوزيع العادل للثروات وحق الساكنة في استغلال الأراضي والملك الغابوي، والحكامة الترابية، واستدماج المقومات اللغوية والثقافية والخصائص الجهوية في وضع المخططات والسياسات العمومية.
كما طالب بفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات في الاختلالات التي عرفها مشروع النهوض بالأمازيغية، والتراجعات الحاصلة والتأخير في سن القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
ورفض البيان أساليب الوصاية والكولسة التي اعتمدت في إعداد مشروعي القانون التنظيميين المذكورين وما ترتب عن ذلك من تصورات ومشاريع نكوصية لن تساهم في ترجمة وضعية اللغة الرسمية وفي رفع الميز والنهوض بالأمازيغية، وأكد من جديد على رفض مشروعي القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ودعوة البرلمان إلى إعمال المقترحات المتضمنة في المذكرات الترافعية للإطارات المدنية الأمازيغية لتعديلهما بما يجعلهما منصفين للأمازيغية ومثمنين لمكتسباتها المؤسساتية ومعززين لها، ومساهمين في تحقيق العدالة اللغوية والثقافية بما يجعلهما رافعة للتنمية ولتقوية الانتقال نحو الديمقراطية.
ودعا البيان كل مكونات الحركة الأمازيغية إلى الوعي بالظرفية الصعبة التي تمر منها الأمازيغية على عدة مستويات، وتجاوز الخلافات الهامشية وتنسيق الجهود والمبادرات لتحقيق الإنصاف الفعلي للأمازيغية والأمازيغ في وطنهم.
التعليقات مغلقة.