بإشراف من السيد والي جهة سوس ماسة، عامل عمالة أگادير إداوتنان، تنظم جماعة أگادير وجهة سوس ماسة، بشراكة مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والفعاليات المدنية، الذكرى الستين لإعمار مدينة أكادير (1960 – 2020).
يوم الاثنين 29 فبراير 1960 الموافق لـ 02 رمضان 1379، في الساعة 11و41 د ليلا، قضت مشيئة الله أن يضرب زلزال مدمر مدينة أگادير، جوهرة المغرب الحالمة على ضفاف خليجها المبتسم. كانت 15 ثانية كافية لدفن أزيد من 15 ألف ضحية (حوالي نصف عدد سكان المدينة آنذاك) تحت الأنقاض، بينما أصبح معظم الناجين من الكارثة بلا مأوى ولا أهل ولا أقارب.
خلفت الكارثة جرحا عميقا في نفوس الناجين منها، ونفوس كل المغاربة، وأثارت موجة عارمة من التعاطف والدعم من جميع أنحاء العالم، نظرا لحجم الخسائر البشرية وفداحتها، ولشهرة المدينة وإشعاعها الدوليين. وخلال الأيام والأسابيع التي تلت الكارثة، ظلت التعبئة على أشدها بمشاركة كل أطياف الشعب المغربي المكلوم، تحت قيادته جلالة المغفور له الملك
محمد الخامس، وبجانبه ولي عهده الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، وبمساندة أصدقاء المغرب وعدد من الأمم، من أجل إنقاذ من يمكن إنقاذهم، وإسعاف المنكوبين ومساعدتهم على تجاوز آثار الصدمة وآلامها.
وفي غضون ذلك، كانت العزائم تحتشد، والإرادات تزداد صلابة ويقينا؛ في أن يتمكن المغرب، قيادة وشعبا، من إعادة بناء المدينة عنوانا للتحدي، وتجسيدا لطموحات الوطن في التقدم، وإصرار الجميع على تجاوز النكبة. كان هناك حلم وعزم، ولَّدا انبعاث المدينة من جديد؛ وهو ما خلدته القولة المأثورة للمغفور له جلالة الملك محمد الخامس، المنقوشة على حائط الذكرى: “لئن حكمت الأقدار بخراب أگادير، فإن بناءها موكول إلى إرادتنا وإيماننا”. وهو ما جسده أيضا الإشراف الملكي المباشر لجلالة المغفور له الحسن الثاني على مرحلة إعادة البناء، وما يواصله اليوم جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بحرصه على تبويئ المدينة مكانتها التي تستحقها كواسطة لعقد المغرب الموحد، وإشرافه الشخصي يوم 4 فبراير الجاري على إعطاء انطلاقة لبرنامج التنمية الحضرية لمدينة أكادير.
ستون عاما مرت اليوم على هذا الحلم الصامد. ستون عاما من البناء والإعمار، حقَّ لساكنة المدينة ومحبيها أن يفخروا بقوة التحدي التي جعلته ممكن؛ وحق لهم أيضا أن يسائلوها ويتأملوها ويفهموا نجاحاتها وعثراتها وطموحاتها الآتية.
أگادير، مدينة الانبعاث، مدينة التسامح، مدينة التضامن الوطني والدولي، وواسطة عقد المغرب الموحد، تقف اليوم تكريما واعترافا لكل بُناتها، وتجعل من هذه اللحظة التذكارية لحظة لتجديد حلمها وتطلعاتها وطموحاتها، لحظة للتقويم ولحظة للاستشراف.
أگادير، من خلال هذه الوقفة، تخاطب ضميرها كي تظل جديرة بتاريخها ورمزيتها.
أگادير تجعل من سنة 2020 بأكملها سنة لتخليد التشييد والبناء، سنة للتفكير المشترك من خلال
المبادرات التي يقترحها مختلف الفاعلين، على مدار السنة، تعبيرا عن مشاركتهم في هذا الجهد الجماعي، عبر أشكال مبتكرة وصيغ فنية وثقافية متنوعة، تتيح للأجيال الناشئة التعرف على إرثها الحضري الغني، عكس ما توحي به مظاهرها المعمارية الخارجية؛ كما تتيح لساكنة المدينة وزوارها الوقوف عند مضمون كل التحولات التي عرفتها المدينة خلال هذه العقود الستة: مؤهلاتها وعوائقها وتحدياتها؛ ما لها وما عليها؛ ما هو كائن، وما ينبغي أن يكون.
ومن خلال الفعاليات المسطرة في البرنامج الرسمي لهذا التخليد، ستكون ساكنة المدينة وزوارها، من مختلف الأجيال، مع فقرات متعددة وقع الاختيار على تركيزها في أرجاء مركز مدينة الانبعاث، التي تشكل ذاكرة المدينة ومرجعيتها، لما لها من رمزية في مسار إعادة البناء. وتتمحور هذه الفقرات حول ثلاثة أبعاد: بُعد البناء الثقافي: مساءلة الذاكرة ومغامرة الإبداع؛ بُعد الفحص العلمي: التحليل والفهم من أجل الوقاية والقدرة على الاستشراف؛ بعد التربية والتحسيس: الأجيال الصاعدة والمدينة. وتجد هذه الأبعاد تجسيدها في أنشطة متنوعة ولقاءات حافلة تحتضنها مرافق المدينة (القصر البلدي، صالون المؤتمرات التلال الذهبية، ساحة المسيرة الخضراء، ساحة ولي العهد، ساحة الأمل.. ابتداء من 28 فبراير؛ حسب برنامج الاحتفالية.
أگادير، عبر هذا التخليد، لا تريد الوقوف عند حدود الذكرى والتذكر، بل تحرص على التصرف كمدينة راشدة ذات شخصية وإرادة تجسدها، وذات مشروع تنموي واع. هذا هو مغزى الوقوف عند ستين عاما من الإعمار والبناء.. هذه هي الروح التي تحرك كل المشاركين المنخرطين في المبادرة: روح العمل المشترك، من أجل مصير مشترك لمدينتهم الناهضة، التي تشكل اليوم الجسر الرابط بين شمال المغرب وجنوبه؛ وذلك ما يعبر عنه شعار هذه الوقفة:“أگادير؛ إرادة ملك. وعزيمة شعب: انبعاث مستمر….”
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.