“لم يكن ممكنا بالنسبة لي أن يمر حادث الهجوم على مستشفى محمد السقاط للمرة الثانية على التوالي خلال نفس السنة، 2015، دون ألاّ أعلّق على الموضوع باعتبار أن الهجوم الأول تمّ خلال الفترة التي تولّيت فيها مسؤولية إدارة المستشفى، و لأول مرّة سأخرج عن صمتي لتوضيح بعض الأمور التي لا يعرفها الجميع، خاصّة أنَّني التزمت الصمت لعدة اعتبارات آنذاك..الذي لا يعرفه الناس هو أن ذلك الهجوم كان السبب الرئيسي الذي سرّع بإعفائي من مهامي، خاصة أنه كان بمثابة هديّة غير منتظرة من السماء، بالنسبة للذين شكّل لهم نبشي في الملفات المالية القديمة، و التي لازلت بالمناسبة أحتفظ بنسخ منها، بمثابة حبل بدأ يلتفّ حول رقابهم…
المهم، ذلك الهجوم الذي تساءلت مرارا و تكراراً في إمكانية أن يكون مدبّراً، تساؤل لم تعد الإجابة عنه مهمةً بقدر ما يهمني أن أستحضر صيرورة الأحداث و ما عرفته من تسارع غريب، استعملت فيه جميع الوسائل للضغط عليّ، أسردها عليكم باختصار :
أولاً : بمجرد إلقاء القبض على المتورطين، لم يتوقف هاتفي عن الرنّ، مكالمات لم تكن عادية باعتبار أنها كانت أغلبها من شخصيات نافذة جداً، محلياً، جهوياً و مركزياً، كلها تصب في اتجاه واحد، و هو التنازل عن الشكاية، طلبات قوبلت كلها من طرفي بالرفض على اعتبار أن المغاربة سواسية في الحقوق و الواجبات، خاصة أن الأمر يتعلق بالمساس بحرمة مؤسسة عمومية
ثانياً : أمام رفضي، لم تتأخر ردة فعلهم طويلاً، خاصة أنهم كانوا محترفين في تدبير الصراعات، و أمامهم فرصة ذهبية لا يجب إفلاتها، و هي المصادفة التي أرادت أن تكون مديرة المستشفى و وزير الصحة من نفس الحزب، لذلك كان تسييس الملف الحلّ الأمثل و الأسرع، تسييس ابتدأ بمقالات بعناوين مثيرة من قبيل ‘ مديرة السقاط قولبات زميلها في الحزب’…. و انتهى داخل قبة البرلمان، تلك المؤسسة التي أُسّست من أجل الدفاع عن حرمة مؤسسات الدولة، بأسئلة على وزير الصحة في الغرفتين معاً و في نفس اليوم، حيث وصل الحد بالمستشار المحترم أن يقول لوزير الصحة ‘ السيدة المديرة تقول أن لا أحد يستطيع إعفاءها من مهامها لأن مدير ديوانك هو من وضعها هناك’، تبعها مباشرة طلب ممثل الشعب الذي لم يصل لمجلس المستشارين ممثلاً لدائرة عين الشق، حيث يتواجد المستشفى بطلبه من الوزير بإعفائي من مهامي …طريقة مكيافيلية بامتياز أعطت أكلهابسرعة فائقة
و لكن النهاية الجميلة و الرائعة بالنسبة لي، هي أن أغلب الشخصيات التي لعبت دوراً في هذه المسرحية المبتذلة، فقدوا مناصبهم بضعة أشهر بعد إعفائي، و لكن الفرق الوحيد هو أنّ خروجي كان برأس مرفوعة و بقناعة تابثة على نفس المبدأ، و هو محاربة الفساد بجميع أشكاله، و من أيّ موقع أتواجد فيه، أما الكرسي فلا أهمية و لا اعتبار له بالنسبة لي، سواءً البارحة، اليوم أو ربما غذاً…”
بنيحيى نورة، المديرة السابقة لمستشفى السقاط، الدار البيضاء
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.