يبدو أن عددا من وسائل الإعلام الوطنية لم تتوقف بالقدر المطلوب من التأمل أمام ذيوع خبر نجاح الشباب المغاربة المناضلين على مختلف جبهات مواقع التواصل الاجتماعي في إبطال تدوينة الرئيس بادين التي نشرها يوم الثلاثاء 3 غشت 2021 عبر حسابه الرسمي على تويتر ، والتي كانت عبارة عن خريطة للعالم تضم 60 بلدا التي ستستفيد من ًاللقاحات الأمريكية ومن ضمنها المغرب ، لكن بوضع جغرافية مفصولة عن أقاليمنا الصحراوية .
و الأكيد أن اجتياح هؤلاء ” المحاربين ” Warriors للشبكة العنكبوتية تحت أنظار الملايين من رواد الفضاء الرقمي ، إحتجاجا على فصل الصحراء المغربية ضمن تدوينة بايدن عن محدداتها الترابية والتاريخية , يعتبر حدثا يستحق التثمين ، بالنطر الى أن هؤلاء المحاربين المسلحين بكم هائل من المعرفة واليقظة لم يترددوا في التجند بشكل عفوي للدفاع عن وحدتنا الترابية إلى درجة جعلت المسؤول عن التواصل السيبيري للرئيس الامريكي يقوم بتصحيح الخطأ المذكور صبيحة العذ الأربعاء 4/ 8 / 2021 .
• و الواضح أن انتشار خبر حذف ” البوسط” post الذي سبق أن نشره طاقم التواصل الرئاسي نقلا على ما يبدو عن منظمة الصحة العالمية وخرائط الأمم المتحدة ، كان كافيا لإخراج الثعابين من جحورها ، حيث لم يكن مستغربا أن تكشر عن أنيابها مجموعة من وسائل الإعلام الجزائرية المتعاميةً عن النداء الملكي الداعي الى فتح الحدود والعقول و في ركابها شراذم المرتزقة ، وكذا بعض المتربصين المقيمين بين ظهرانينا، من أجل بيع الوهم والمغالطة للرأي العام والترويج للشك و الإلتباس ، زاعمين أن الولايات المتحدة الأمريكية – حسب قراءتهم التدليسية – قد توخت عبر تدوينة الرئيس أن تبعث برسالة تفيد بسحب اعترافها بمغربية الصحراء !!
• لكن هؤلاء واولئك الذين طبلوا وزمروا مبكرا واحتفلوا قبل أن يطلع النهار وتسطع الحقيقة ، لم يكونوا محظوظين أبدا ، اذ سرعان ما صدموا و خاب أملهم عندما عمد الرئيس بايدن إلى حذف تغريدته على تويتر ، والحالة هاته أنه لم يكن مجبرا على ذلك لو كان الأمر يتعلق فعلا بإعادة صياغة موقف أمريكي مخالف لما هو موجود حاليا إزاء قضيتنا الوطنية أو بتمرير رسائل ما إلى الطرف المغربي ، كما تروج له مع الأسف بعض الأبواق المنسحبة من جلد الوطن !!
• ثم اذا افترضنا جدلا أن القيادة الامريكية يمكن أن تتعامل مع الدول عبر موقع تويتر في مواضيع استراتيجية و ذات حساسية عالية، هل يتقبل العقل السليم أن تلجأ هذه القوة العظمى إلى اعتماد خطاب المناورة — وكأنها في موقع ضعف — للإيحاء غير المباشر للحليف والشريك الاستراتيجي المغربي عبر تغريدة ذات علاقة بلقاحات كورونا ، أنها تراجعت عن مواقفها الداعمة لسيادته على أقاليمه الجنوبية ؟؟
وفي هذا السياق نستحضر تصريح جيروم شيرمان الناطق الرسمي باسم السفارة الامريكية بالمغرب ، الذي أكد مؤخرا في حديثه لأحد المواقع الالكترونية المغربية ، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية Central intelligence Agency ما زالت تنشر إلى اليوم خريطة المملكة المغربية كاملة و متضمنة الصحراء المغربية .
واستنادا الى هذا المعطى يمكن طرح سؤال بسيط للغاية : هل نشر جهاز — سي أي إي — خريطة المغرب كاملة الأطراف ومكتملة المكونات جاء نتبجة صدفة عرضية انفلتت من تدبير القيادة الأمريكية ، ونحن نعلم درجة الانضباط والصرامة الأمنية داخل هكذا جهاز لا مكان فيه للارتجال ؟؟
و اذا كان نجاح الخطوة ” غير المنظمة ” – بعيدا عن القنوات الرسمية – التي أقدم عليها المناضلون الشباب يمكن أن يدرج ضمن ما نسميه بالدبلوماسية الرقمية ، فإن مبادرة من هذا النوع تفاعلت في مدى زمني واحد لنصرة القضية الوطنية، شكلت ولا ريب لحظة وطنية مضيئة تم من خلالها تنزيل التعبير الشبابي التلقائي بأدوات تواصلية رقمية ، وهو الأمر الدي لا بنبغي قراءة أبعاده بصفة عابرة وسطحية ، بالنظر الى ان الإجماع الوطني حول الصحراء المغربية هو قضية شعب و وجود واختيار نابع من قناعات صميمة لا يتأسس على الظرفية ، بل هو رصيد لامادي لا ينضب معينه عبر توالي الحقب والأجيال من العشق لهذا البلد الأمين والآمن و التشبث بثوابته الراسخة !!
ان هذا الجيش الاحتياطي غير المرئي من المواطنين الشرفاء قد أبان في محطات مختلفة عن قدرات حقيقية للحشد في زمن قياسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مقارعة خصوم الوحدة الترابية ، وذلك بتجاوزه للأساليب التقليدية (الثقيلة والمكلفة ) للإحتجاج التي تعتمد أساسا على الخروج الى الشارع العام ، وهو ما يجب تمثله و ترصيده بلغة العصر و على الوجه الذي يستجيب لمتطلبات زمن الرقمنة والسرعة في إصدار الفعل وردة الفعل ، بما ينسجم و الانتصار لروح المواطنة و خدمة المصالح العليا للوطن !!
التعليقات مغلقة.