الحسين أبليح: على حزب الأحرار الاستثمار في إدراك الوعي الهوياتي الأمازيغي
أزول بريس - حاوره : الحسن باكريم
على مرمى حجر من انتخابات 2021، أكد الناشط الامازيغي “الحسين أبليح “، الكاتب العام لجبهة العمل الأمازيغي، على:
“اقتناع” مكونات الحركة الأمازيغية بأن ملف تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يطرح حتمية الانخراط المباشر في دينامية نضالية وترافعية جديدة وبديلة.
********************
المنسق الوطني السابق للحزب الديمقراطي الأمازيغي المحضور، لمح إلى صعوبة التجربة التي تخوضها الحركة الأمازيغية اليوم
في تعاقدها مع بنيات سياسية قائمة لها أجندتها ورهاناتها الناجزة.
ما الذي ستستفيده الأحزاب من ضم الحركة الأمازيغية إلى صفوفها، وما الذي ستستفيده الأمازيغية من المشاركة السياسية؟
صعوبة الإجابة على هذا السؤال/ السؤالين تكمن في المغامرة في القول بميكانيكية استفادة الحركة الأمازيغية من الأحزاب المتعاقد معها، كما استفادة هذه الأحزاب من الحركة الامازيغية.
لا وجود لمقاييس تضبط القاعدة الإنتخابية للحركة الأمازيغية، الغائب الأكبر عن اللوائح الانتخابية، بل أستطيع أن أحيلك على تجربة مقاطعة ايمازيغن لانتخابات 2007 بإيعاز وحركية من الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، حيث كان تأثيرنا محدودا، مع أن المكسب يومئذ كان قوة العملية أكثر مما كان المكسب هو قضم المساحات المتحكم فيها بدقة.
الفاعلون السياسيون الذين تعاقدنا معهم واعون بأن تبني المطالب الأمازيغية سيكون مؤثرا في النتائج الانتخابية، بيد أن الفاعل الأمازيغي بات صعب المراس أكثر من أي وقت مضى، فلا مجال لفصل الخطاب الأمازيغي اليوم عن الفاعل الامازيغي عينه، وهو الشيء الذي انبنت عليه كل المفاوضات التي قدناها مع الأحزاب التي انصتت لنبض المجتمع الامازيغي.
سأضرب لك مثلا حزب التجمع الوطني للأحرار الذي اصطفيناه للعمل التشاركي المومإ إليه، فهو بنية سياسية يصعب عليها فك معضلة اختلاط الوعي الهوياتي الأمازيغي بالإنتماء القبلي وتأثيره البين على النتائج، وقد يكون في عقود البرامج التي وقعها مع الحركة الامازيغية خلاصه إن أفلح، ولك في حزب العدالة والتنمية الذي ما زال يحصد أصوات معشر السوسيين على رقعة سوس الكبير- وهو المجال الامازيغي حصريا- أكبر اختبار على أن وصفة النجاح ليست سهلة كما يعتقد البعض.
ثمة مخاوف من انكسار الحركة الأمازيغية على صخرة العمل السياسي؟ أليس تاريخ إيمازيغن تاريخ خلو من السياسة؟
تكرر هذا القول كثيرا بمناسبة بروز ما بات معروفا اليوم على الساحة السياسية بجبهة العمل الأمازيغي، كما لو كانت الغاية من ورائه محو تاريخ غير هين من العمل السياسي الأمازيغي.
لابد من التذكير أن الحركة الأمازيغية ظلت ردحا من الزمن حبيسة النضال المطلبي المدثر بلبوس ثقافية أسهم في هدر الزمن الهوياتي للمغاربة قاطبة، فنقاش انخراط الحركة الأمازيغية في العمل السياسي ليس ابن اليوم. لدى ايمازيغن تجربة الحزب الديمقراطي الأمازيغي الذي تأسس بقيادة امغار أحمد الدغيرني سنة 2005 قبل أن يتم حله وإبطاله بحكم قضائي سنة 2008. ومكث الأمازيغ غير بعيدين –ومنهم أغلبية من حزب الدغيرني – لينخرطوا بكثافة أيضا في تأسيس حزب تامونت للحريات سنة 2016 وتعرض للمنع والتضييق.
لذلك فإن أي حديث عن تاريخ ايمازيغن في خوض غمار السياسة يقتضي الرجوع إلى التجربتين بما يتطلبه الرجوع ذاته من تقييم ذات التجربتين.
هل ماتت فكرة الحزب الامازيغي؟
الإجابة عن هذا السؤال لا تستقيم بالحلال أو الحرام، بل الأسلم أن تُشْرَع على متغيري الخطأ أوالصواب. وعليه، فأي مبادرة تسعى إلى تحزيب الأمازيغية ستواجه بما ووجه به الدغيرني، وستودي بالتجربة في مهدها. فبالنسبة لأجهزة الدولة وخصوصا وزارة الداخلية ففيتو “العرقية” جاهز للإجهاز على أي تجربة انفرادية بالأمازيغية على الساحة. وهو ما حصل مع حزب الدغيرني، كمسوغ لحل الحزب ومنعه؛ وهو ما حدث أيضا مع “حزب تامونت للحريات”، مع اختلاف السياقات طبعا.
أنا في موقع يسمح لي بالقول من خلال تجربتيْ الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي وتامونت للحريات، أن تأسيس حزب بمرجعية أمازيغية محال في السياق المغربي الحالي؛ وقد أورد بهذا الصدد سببين:
- الموضوعي ذو صلة “بالخيار البراغماتي للدولة” أكثر منه “بالموقف” في تعاطيها مع المطلب الأمازيغي؛
- والذاتي متعلق بغياب اللحمة الأمازيغية الضرورية لدى النخب الأمازيغية (وليس عموم المغاربة أو أَكْدُودْ) للانضواء تحت مشعل واحد في إطار سياسي موحد وموحِّد.
البديل اليوم أمام الحركة الأمازيغية هو انخراط مكوناتها في المشهد الحزبي القائم، أو ما يمكن أن نطلق عليه بالتغيير من داخل المؤسسات – الشعار الذي اقترحته جبهة العمل الامازيغي- ؛ يحدوها ويحدونا “اقتناع” وليس “إيمان” – على حد تمييز محمود أمين العالم – مكونات الحركة الأمازيغية بأن ملف تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يطرح حتمية الانخراط المباشر في دينامية نضالية/ ترافعية جديدة وبديلة، مدخلها سياسي بامتياز.
التعليقات مغلقة.