الحاجة الى تقنين عرف أمازيغي…

ذ. الصافي مومن علي.

هذا العرف كان الى حدود القرن: 19 معروفا ومطبقا في المجتمعات الامازيغية المستقلة سياسيا عن نفوذ دولة المخزن المرمزية ، فبمقتضاه كان يتم تنظيم وضبط التعامل مع الفواكه ومع كل الثمار الفلاحية ، وذلك بمنع اي كان ، بما فيهم اصحابها وملاكيها من قطفها او حتى من التقاطها في الحقول، قبل حلول اوان نضجها الطبيعي ، المحدد زمانه من طرف السلطة الحاكمة ، تحت طاءلة تعرض المخالف لغرامة مالية ثقيلة المسماة:(تافكورت) .
اما سبب اثارتي لهذه المسالة فهو انه في السنوات الاخيرة تفشت في بلادنا ظاهرة فاسدة ، تتجلى في اغراق الاسواق والمحلات التجارية بفواكه مجهضة ، وقع جنيها وعرضها للبيع قبل نضجها الطبيعي.
واعتقد بانه لا مراء في فساد هذه الظاهرة ، لثبوت تعدد مضارها ، على اعتبار ان ضررها لا يصيب الناس في صحتهم او ذوقهم فحسب ، بسبب تناولهم فواكه نيءة بطبيعتها ،او ناضجة قسرا بفعل اصطناعي ، بدليل ان المتاجر وعربات البيع ممتلءة منذ شهرين تقريبا بفاكهة العنب ظاهر فسادها ، من لونها وشكلها وطعمها ، من منطلق ان الموسم الحقيقي لنضحها وللتصرف فيها هو اواخر شهر يوليوز وكذا شهر غشت.
ولا يقتصر الضرر على الصحة فقط ، بل يصيب ايضا جيب الناس وميزانيتهم ، لاندفاعهم تحت اغراء العرض المبكر الى اقتناء فواكه غالية الثمن ، حسبما هو ثابت من بلوغ ثمن الكيلوغرام الواحد من ثمرة التين في شهر ماي الذي ظهرت فيه : 50 درهما ، في حين ان ثمنها في شهر غشت الذي هو اوان تضجها الطبيعي ، لا يتعدى 15 درهم.
هذا ، وان كانت مسؤولية هذه الاضرار في هذه الحالة موزعة بين التجار من جهة ، بسبب عرضهم المبكر المتعجل ، وبين ضحايا هذا العرض من جهة اخرى ، بسبب جهلهم لميعاد النضج الطبيعي للثمار ، فينبغي ان لا ننسى ان لتلك الظاهرة ضرر اخر ثالث ، يلحق فئة الناس المدركة لهذا الميعاد ، فامسكت بسبب هذا الادراك عن اقتناء الفواكه المعروضة ، في انتظار حلول اوان نضجها الطبيعي ، هذه الفئة تتعرض احيانا لضرر الحرمان من تناول فاكهة معينة ، نتيجة نفاذها كليا في السوق ، بسبب قطفها وبيعها قبل حلول اوانها المعتاد ، بدليل ان ثمرة (حب الملوك) افتقدت نتيجة هذا السبب في موسم نضجها الطبيعي.
كما لا ينبغي ايضا ان ننسى الضرر الذي يصيب الفواكه في حد ذاتها ، على اعتبار ان اقتلاعها وانتزاعها من اشجارها يشكل اعتداء صارخا عليها ، لا قبل لها به.
اذن ، لا مناص لوقف كل هذه الاضرار ، من اقتباس مشرعنا لقاعدة العرف الامازيغي السالف الذكر ، وذلك باصداره لقانون يضبط قطف الفواكه والثمار ، والاتجار فيها ، مع التنصيص فيه على عقوبة رادعة للمخالفين تصل الى حد مصادرة المنتوج المعروض قبل اوانه، مع اغلاق محل البيع في حالة العود.

هوامش:
(ينص الفصل 160 من تشريع ” ” تاعقيت قصر الكارة ” على ما يلي :
– من لقط الزيتون في الغلة ، نصافه (اي عقابه) ريال ، وان لقطه في غير الغلة ، نصافه ، مثقال .

وينص الفصل 195 من نفس التشريع على ما يلي:
– اما من لقط البلح في سابع العنصرة ، حين يربط عليه الشيخ ، الى ان تبلغ عشرة ايام في شتنبر ، نصافه ، مثقال.

ذ. الصافي مومن علي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد