الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: انعدام الإرادة السياسية لدى الحاكمين للنهوض بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية
بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم تابع المكتب المركزي، باهتمام كبير، بعض القضايا المرتبطة بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، سواء ما تعلق منها بالحقوق المدنية والسياسية، كحالة مجموعة من معتقلي الحركة الثقافية الأمازيغية واغتيال عمر خالق، أو تلك المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ذات الصلة. ونظرا لما للموضوع من أهمية في مجال حقوق الإنسان، كما هي مسطرة في الصكوك الدولية وتقرير الخبيرة المستقلة في مجال الحقوق الثقافية والتوصيات الصادرة عن هياكل الاتفاقيات، فقد ارتأى المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن يصدر بيانا خاصا في هذا الصدد، علما بأنه سبق له أن سجل، عبر تقاريره السنوية والموازية، ملاحظاته ومواقفه، ليس فقط عن واقع الحقوق والحريات، أو فيما يخص التماطل المسجل في إخراج القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، كأحد الأسس القانونية المنتظرة لإعادة الاعتبار للمكون الرئيسي للهوية الوطنية، ولكن كذلك عن التراجع الحاصل في الالتزامات السابقة لدستور 2011 في مجال التعليم والإعلام وفي استمرار الدولة في سياسة استئصال السكان الأصليين من أراضيهم وحرمانهم من الاستفادة من ثرواتهم عبر خوصصة منابع المياه والغابات واحتكار مواقع الثروات المعدنية لصالح الشركات الخاصة على حساب مصالح وحقوق المواطنين والمواطنات. وانطلاقا من هذه الاعتبارات فإن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان:
1: إذ يذكر بمواقف الجمعية الرافضة للعنف، كيفما كان مصدره وبواعثه، والداعية إلى جعل الجامعة فضاء رحبا للحوار ولممارسة الاختلاف في إطار من الاحترام المتبادل لكل الآراء، يندد باغتيال الناشط الأمازيغي عمر خالق، الذي يندرج في إطار الجرائم السياسية، ويحمل الدولة المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع داخل الجامعات المغربية، جراء التضييق على الحريات النقابية والعسكرة، مطالبا في نفس الوقت بإطلاق سراح كل معتقلي الرأي في الحركة الطلابية غير المتورطين في جرائم القتل، وفي مقدمتهم معتقلو الحركة الثقافية الأمازيغية؛
2. يسجل بقلق شديد: – التأخير والتماطل الحاصل في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ولجوء رئاسة الحكومة إلى الإعلان عن إجراءات لاستقبال مقترحات حول القانون التنظيمي، بعيدا عن المقاربة التشاركية الفعلية؛ مما يجعل من هذه الإجراءات، في واقع الأمر، إجراءات أحادية الجانب، لا يمكن إلا أن تسفر عن إقصاء المعنيين الحقيقيين بالشأن اللغوي والثقافي الأمازيغي، وتفضي إلى صياغة وولادة قانون على المقاس، يفرغ ترسيم الأمازيغية من أهدافه ومراميه الحقيقية؛ – التراجعات عن المكتسبات في مجال تعليم اللغة الأمازيغية، وعدم الالتزام بدفتر التحملات في مجال الإعلام السمعي البصري؛ وهي من المؤشرات التي تكشف عن انعدام الإرادة السياسية للنهوض بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية، والتي لا يمكن، بأي حال من الأحول، أن تتم بواسطة الخطابات والشعارات في غياب توفير وتخصيص ميزانية خاصة بها؛ علما أن قانون المالية لسنة 2016 لم يفرد أية ميزانية خاصة بالأمازيغية، أو بالمؤسسات التي يفترض أن تتكلف بما يتطلبه الترسيم من إجراءات وتدابير لتفعيل ذلك؛ – التعديل في الفصل 129 من المدونة العامة للضرائب، الذي يقنن التمييز بين أراضي الجموع الواقعة في مجال الري والباقي من غيرها، ويكرس نفس التمييز الوارد في الظهير رقم 1-60-30، بتاريخ 30 جمادى 1 لسنة 1389 الموافق ل 25 يوليوز 1969، الخاص بتمليك الأراضي الواقعة في محيط الري، وبالتالي يختصر الحق في التمليك عبر التحفيظ على فئة دون أخرى، وتبلغ مساحاتها حوالي 327000 هكتار من أصل 15 مليون، وتستفيد منها 62000 عائلة، من أصل 8 ملايين من المستفيدين ومن ذوي الحقوق، حسب إحصائيات الوزارة الوصية؛
3. يطالب بمراجعة سياسة توزيع الأراضي التي كان قد استولى عليها المعمرون، والتي عهد تدبير جزء منها، قبل تفويتها في السنوات الأخيرة، إلى شركتي صوديا وصوجطا، والعمل على إعادتها للسكان الأصليين وفق ما تنص عليه الوثائق الأممية لحقوق الإنسان ذات الصلة، ويدعو إلى وضع حد لخوصصة منابع المياه والغابات والثروات المعدنية، في غياب تام لإشراك المعنيين في التدبير وفي اتخاذ القرار، كجزء من تقرير المصير المنصوص عليه في المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمغرب، بحكم التصديق عليه، مطالب بإعمال مضامينه وملزم بتفعيل بنوده؛
4. يدعو الدولة إلى تحمل مسؤوليتها في تدبير ملف الأمازيغية والوفاء بالتزاماتها الدستورية والدولية في مجال الحقوق الثقافية واللغوية، والعمل الفوري على إعمال التوصيات الصادرة من الأجهزة الأممية، وفي مقدمتها تلك الصادرة عن لجنة مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري ولجنة الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية، وكل ما جاء في تقرير الخبيرة المستقلة المكلفة بالحقوق الثقافية.
المكتب المركزي الرباط في 19 فبراير 2016
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.