شكلت ورشة « نبنيو خطابنا السياسي » أرضية للنقاش حول طبيعة الرسائل السياسية التي يعتمدها المسؤولون السياسيون في لقاءاتهم الحزبية، والتي يعولون عليها لإقناع المواطنين بمشاريعهم وبرامجهم.
وأطر هذه الورشة، المنظمة في إطار الجامعة الصيفية لشبيبة التجمع الوطني للأحرار اليوم السبت بمدينة أكادير، كل من أعضاء المكتب السياسي محمد أوجار، ومصطفى بايتاس وأنيس بيرو، والنائبة البرلمانية أسماء أغلالو، وعبد العزيز الرماني خبير في الاقتصاد الاجتماعي، وزهر الدين الطيبي، المحلل السياسي، وياسين أخياط عضو كرسي اليونسكو حول الممارسات الصحفية والإعلامية.
وأجمع أعضاء التجمع الوطني في هذه الورشة على أن العالم بأسره يعيش أزمة الفكرة السياسية، تظهر لدى التيارات السياسية، التي لا تعتمد على المبدأ الحزبي، مثل ما يحدث في إسبانيا وإيطاليا ووصلت تجلياتها تونس.
وأوضحوا أن أزمة الفكرة السياسة تولد مشاكل على مستوى الخطاب السياسي لدى السياسيين اليوم، مؤكدين أن « الخطاب ليس شخصا أو كلاماً، بل قضية نؤمن بها كما أنها مشاريع سياسية، أما الخطاب ككلام يأتي في المرتبة الأخيرة ليعكس مشروع الهيئة التي تعبر عنها ».
وأشاروا إلى أن الفكر اليساري والليبرالي سابقا دافع على قضايا ولدت أفكاراً سياسية، وجعلت عدد من المتعاطفين يتبنون خطاباً واضحاً، في المغرب أيضا كان الصراع قوياً لطرد الاستعمار، وتوحد الجميع حول خطاب سياسي له قبول فكري.
أعضاء الحزب في الورشة، أكدوا أن التجمع الوطني للأحرار، كان واعياً بالإشكالات المرتبطة بالخطاب السياسي، وأن هذا التوجس يناقش داخل الهياكل منذ المؤتمر الوطني السادس، كما طرحت أسئلة حول كيف نعيد للفكرة السياسية بريقها ليؤمن المواطن بأن الاهتمام بالسياسة يغير الواقع.
ولا ينكر أعضاء التجمع الوطني للأحرار قوة الخطاب في تغيير العقليات، ولعل أكبر مثال هو ما يفعله الإرهابيون بعقول الناشئة، التي تستهلك حديثاً مؤثراً مدمراً، ليس لهم فقط بل للمجتمع ككل.
وشددوا أن التجمع الوطني للأحرار راهن على الأرقام، وجعل من خطابه، حصيلةً مثمرة يسوقها للمواطن، مستدلين بمخطط المغرب الأخضر ومخطط أليوتيس، ومخطط التسريع الصناعي، فضلا عن استجابة الحزب للنداء الملكي لإعداد تصور حول النموذج التنموي الجديد.
في الاتجاه ذاته، أوضحوا أن الخطاب السياسي يستدعي تغييرا جذرياً، في ظل الرقمنة والسرعة التي يعيشها العالم، أي عوض خطاب ساعتين من الزمن، تكفي اليوم 30 ثانية لبعث رسائل قوية لمئات المتلقين في أماكن مختلفة.
من جهته، دعا المحلل السياسي زهر الدين الطيبي، إلى تبسيط الخطاب، والإيمان باختلاف مرجعيات المتلقي، واحترام ذكائه، والإنصات أكثر من إعطاء الدروس.
وشدد الطيبي على ضرورة توجيه خطاب معرفي، لا يبيع الوهم، ولا يقدم الوعود، التي لن يفي بها مستقبلا أو تلك التي لن يكافح للحصول عليها.
وتابع المتحدث ذاته قائلا : « مؤسف جدا أن الشباب يمثل خمس ساكنة المغرب، و70 في المائة منهم لا يثقون في العمل السياسي، 5 في المائة فقط يؤمنون به نسبيا و1 في المائة يمارسونه فعليا، وتدني هذه الأرقام راجع بالأساس إلى تدني الخطاب السياسي الذي أفقدهم الثقة ».
وأكد المحلل السياسي على أن الشباب اليوم لا يقبل المساومة، وعلى هذا الأساس فعلى السياسيين التحلي بالوسائل والآليات للإقناع وإيصال رسائل الأمل، فضلا أن هذه الفئة تحتاج لنخب تنتمي إليها، قائلا إن الجيل الحالي لا يتفاعل إلا مع نخبة شابة تفهم مطالبه وأهدافه ».
من جهة أخرى، أكد الخبير في الاقتصاد الاجتماعي، عبد العزيز الرماني، على ضرورة توفر الخطاب السياسي على مرجعية واضحة، أمام متلقيه من العموم ومن مناضليه داخلياً
ودعا المؤسسات إلى الرقي بالخطاب السياسي، والابتعاد عن التعتيم، الذي ينتج خطابا لا يؤمن بالوعي الاجتماعي ولا يحترمه ولا يرغب في التغيير، إضافة إلى تسويق النجاحات في الخطابات بطريقة سلسلة غير رتيبة حتى يتحقق مبدأ الجذب والشد ثم الإقناع.
التعليقات مغلقة.