التأويلات المختلفة لتأخر الحكومة في تفعيل رسمية الأمازيغية

الصافي مومن علي
الصافي مومن علي

   الصافي مومن علي

أكيد أنه بعدما عقد جلالة الملك المجلس الوزاري الذي صادق على القوانين التنظيمية المتبقية ، من بينها القانونين التنظيميين للأمازيغية ، يكون جلالته اذ ذاك قد نجح في الخروج من المأزق الذي وضعته فيه الحكومة ، لما أحالت عليه هده القوانين في ظروف غير عادية ، صعبة وضيقة جدا، أي في الوقت الميت الواقع بعد انتهاء آخر الدورات العادية للبرلمان ، وكذا في العطلة الصيفية التي تتوقف فيها الأعمال  للاستراحة، ثم الأدهى من هذا كله في فترة الانشغال المحموم بالانتخابات التشريعية، وذلك على اعتبار أن هذه الظروف المادية المقلقة ، لو كانت قد دفعت بالمؤسسة الملكية، الى الرد عليها بقلق وبرفض عقد المجلس الوزاري، لفوات الاجل ، لكانت الحكومة والحالة هذه  قد نجحت في التملص من مسؤوليتها ، ومن أخطائها في تفعيل رسمية الأمازيغية ، محملة الملك هذه المسؤولية ، بادعائها أنه هو الذي امتنع من عقد المجلس الوزاري، وهو الذي يعيق المجرى الطبيعي لهذه القوانين الى البرلمان للمصادقة عليها ، في الوقت الذي قامت فيه هي ، بإعداد تلك القوانين كما أمرها الدستور بذلك.

والحق أن اختيار الحكومة احالة القوانين الامازيغية على الجهات العليا، في هذه الظروف الصعبة ، قابل لعدة تأويلات أهمها:

1)- تأويل بعض اطراف الحركة الأمازيغية الذين يرون في هذا الامر، تأكيدا لعداء رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران للامازيغية ، وبالتالي يعتبرونه مناورة ماكرة منه لعرقلة مصادقة البرلمان على تلك القوانين ، حرمانا للأمازيغية من حقوقها التي يضمنها لها الدستور.

2)- تأويل بعض اطراف أحزاب المعارضة الذين سيتخدونه دليلا قاطعا على صحة ما يتهمون به حزب العدالة والتنمية الحاكم ، من عدم الكفاءة في تدبيره للشأن السياسي للبلاد.

3)- تأويل بعض الأطراف العلمانيين الذين سيدخلونه في طبيعة سلوك الحركات السياسية الإسلاموية ، المتسم في نظرهم بالتحكم وبالاستبداد ، والمتعارض مع سلوك الدولة الديموقراطية  ذات مؤسسات حديثة.

4)- تأويل بعض المحللين السياسيين الذين سيرون فيه ، محاولة لخلق صراع مجاني بين الحركة الأمازيغية وبين المؤسسة الملكية ، عن طريق دفع هذه الحركة ، الى الاعتقاد بأن كل ما كانت تتعرض إليه الأمازيغية من تهميش وإقصاء ، في عهد هذه الحكومة ، راجع الى المؤسسة الملكية.

وبعــــــــــــــــد

أظن انه مهما كان هذا التأويل فإن المهم أن المؤسسة الملكية بعقدها للمجلس الوزاري الاخير قامت فعلا بواجبها طبقا للفصل 48 من الدستور، الشيء الذي يفرض على الحكومة بعد ذلك  أن تقوم بدورها المتمثل في التزامين اثنين هما:

أولا :  قيامها فورا بإحالة القوانين التنظيمية الآنفة الذكر على كتابة الضبط لمجلس النواب ، كما يقضي بذلك الفصل 85 من الدستور.

ثانيا: قيامها كذلك بطلب عقد دورة استثنائية للبرلمان لمصادقته على تلك القوانين، تنفيدا لأحكام الفصل 86 من الدستور، التي تلزم البرلمان بمصادقته على جميع القوانين التنظيمية قبل انقضاء الولاية التشريعية.

ومن ما شك أن ضيق المدة التي بقيت من عمر هذه الولاية التشريعية ، والمحددة في أحد عشر يوما بالضبط ، سيؤدي بالحكومة الى خلقها صعوبة مادية أكبر للبرلمان، ترهقه لا محالة في إنجاز مهمته ، تتمثل في دفعها إياه دفعا ، الى العمل ليلا ونهارا، وفي أيام الآحاد وأيام العطل – تماما كقاضي المستعجلات –  ليتسنى له إتمام مصادقته على تلك القوانين قبل انتهاء الموعد الذي حدده له الدستور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد