البطالة ظاهرة إقتصادية‎

حينما يعلن صاحب المصنع أو المعمل عن الإفلاس وعدم القدرة عن استمرار نشاطه التجاري، يجد العامل نفسه في مأزق خطير يهدد حياته وحياة أسرته. ومن أبرز المشاكل التي تجعل المواطن يفكر في الهجرة يعود أساسا للبطالة وفي هدا الصدد، ركز رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني على البرنامج التنفيذي للمخطط الوطني للنهوض بالتشغيل حيث قال إن البرنامج سيقوم بـدعم التشغيل المأجور لفائدة أكثر من 500 ألف باحث عن شغل، ومواكبة إحداث أزيد من 20 ألف وحدة اقتصادية صغيرة، بالإضافة إلى المحافظة على معدل النشاط بشكل يفوق نسبة 46 في المائة.
و غالبا ما يعود سبب إفلاس المصنع إلى آلات الإنتاج القديمة التي اعتاد العمال على تشغيلها بطرق تقليدية، ومع ظهور آلات الإنتاج المتطورة الحديثة التي تطلب من المستخدم أن تكون له معرفة مسبقة بالبرمجة أو تطلب منه الشركة المنتجة تكوينا مهنيا ربما يستغرق شهورا لمعرفة كيفية استخدام آلة الإنتاج المتطورة ،و في هذه الحالة يجد صاحب المصنع نفسه أمام خيارين، اما أن يغير أدوات وآلات إنتاجه القديمة بآلات جديدة ليستمر في نشاطه التجاري ويواكب متطلبات العصر أو الإفلاس.
وفي الخيار الثاني الدي يعلن فيه الافلاس، تنتشر البطالة ويبدأ التفكير في الهجرة والإستقرار في دولة صناعية توفر لمواطنيها عملا وعيشا كريما.الخلاص من معضلة البطالة يتطلب من الحكومة أن تبادر في إيجاد حلول ملموسة على أرض الواقع وعلى أرباب المصانع والمعامل أن تتغير عقليتهم تجاه الربح السريع وأن يعوا ان إستمرار أية مقاولة إنتاجية في العالم تتطلب إدخال آلات إنتاج متطورة وتكوين مهني مستمر للعامل حتى يكون الإنتاج في المستوى المطلوب وبأسعار معقولة تتماشى مع السوق ومع جيب المواطن.استمرارية المصنع في الإنتاج يعني بدون شك أن المنتوج جيد ويستجيب لمتطلبات السوق والأهم أن يكون سعر المنتوج معقولا يتناسب مع مدخول المواطن وقادر على المنافسة في الاسواق.و إذا لاحظ المواطن أن أي منتوج من صنع مغربي دو جودة عالية بالمقارنة مع المنتوج الأجنبي، فمن المستحيل أن يقتني المواطن المغربي المنتوج الأجنبي ويترك منتوج بلده.و بهذه الخطوة، يستمر الإنتاج وتنشط الصادرات وتنخفض البطالة نسبيا،ولا يمكن لصاحب أي مصنع او مقاولة إنتاجية على الإقدام على الإفلاس.
لكن البطالة حسب بعض التفسيرات التي ترى أنها ظاهرة اقتصادية تعاني منها المجتمعات التي تمر بظروف وأزمات اقتصادية على المدى القصير، كتلك الأزمات الاقتصادية الدورية التي تمر بها بعض الدول المتقدمة، أو على المدى الطويل، كالبطالة المرتبطة بحالة ركود اقتصادي ودور سياسي هش، في كثير من الدول النامية.
ومن بين الأسباب الرئيسية التي تساهم بشكل مباشر في البطالة تتجلى في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وضعف عجلة الاقتصاد، التي تفرز العديد من الوظائف للأيدي العاملة، وحملة الشهادات العلمية.
كدلك السياسات الاقتصادية التي تعتمد عليها بعض الدول التي تفضل نشاط الاستيراد، بدلا من صناعة المنتجات محليا وبالتالي توفير فرص عمل جديدة، إضافة إلى اتباع الدول المتقدمة أو الرأسمالية لسياسة تخفيض النفقات والاستثمارات العامة او ما يسمى ب” التقشف” بشكل دوري، ما يؤدي إلى توقف الكثير من فرص العمل، كما أن سعي الدول الرأسمالية إلى تحويل وجهة استثماراتها إلى الدول الفقيرة، للاستفادة من العمالة الرخيصة أدى أيضا إلى فقدان عمالتها المحلية لهذه الفرص.
و لا ننسى ارتفاع معدلات النمو السكاني، بالتزامن مع غياب استرتيجية لتوفير فرص عمل جديدة، لأعداد السكان المتزايدة.
و كدلك الحروب والصراعات العسكرية التي تحرم الأفراد من حرية ممارسة أعمالهم الموجودة أصلا، أو تدمر أماكن عملهم، وتوقف جميع مناحي الحياة.
و أخيرا، استغلال أرباب العمل للعمال كفرض ساعات عمل إضافية بأجر زهيد، أو تكليف العاملين بمهام إضافية خلال ساعات العمل.
فالبطالة في رأيي ظاهرة إقتصادية ترهق الدول النامية، يصعب التخلص منها ، وتجعل حياة المواطنين صعبة وغير طبيعية.
بقلم مصطفى توفيق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد