الانتخابات الأخيرة و موت الإيدولوجيات

عرف المغرب لمدة طويلة في تاريحه المعاصر احزاب سياسية بايديولوجيات مشرقية متاثرة بالقومية العربية، وبعدها احزاب متاثرة بالاسلام السياسي و خاصة تيار الاخوان المسلمين, واستمر ذالك لمدة طويلة وتمكنت من تسيير شوؤن الدولة طيلة سنوات ورسخت عن طريق الاعلام و التعليم ذهنية مشرقية عميقة ادت الى تراجع الحس الوطني المغربي ويتجلى ذالك من خلال تفضيل القضايا المشرقية كفلسطين على القضايا الوطنية,
وتعتبر في نظري نتائج الانتخابات الاخيرة تغييرا عميقا للمجتمع المغربي وذالك من خلال الملاحظات التالية:
1. الاسلام السياسي بالمغرب و مشكلة النص المقدس والمجال المدنس:
تعتبر العدالة  والتنمية الحزب السياسي ذي المرجعية الاخوانية كتيار اسلامي عالمي وتمكن من الوصول الى السلطة بدعم من الاطياف التيارات الاسلامية الاخرى لمدة عشر سنوات. ومع ان استعمال الدين الاسلامي في السياسة يشكل خطرا كبيرا على الحزب الذي يتبناه وعلى الدين نفسه لان الخطاب الديني غير قابل للنقاش وان القضايا السياسية قابلة للنقاش لذلك فان الفقيه في المسجد لا يمكن مناقشته لانه يفترض انه ينتقل من النص الديني المقدس، ولذلك لا مجال لمعارضته, ولما تقمص الحزب السياسي العدالة و التنمية جلباب الفقيه شكل مجال ارتباك لدى المغاربة لانهم كانوا عبر التاريخ يعرفون مجال الفقيه الذي ينحصر في مجال امور الدين و لا يتدخل في مجال الجماعة الترابية التي تتكلف بامور الدنيا. ثم ان عملية اقحام الدين في مسرح السياسة هي عملية مهمة في مسار التاريخ البشري لانك ستدخل النص المقدس الى المجال المدنس (اي السياسة) وبالتالي سيتعرض للنجاح و السقوط، فاذا سقط النص في المسرح سيحدث رجة كبيرة في الذهنية المجتمعية في اتجاه فصل النص المقدس عن المجال المدنس, وان العملية المهمة التي قام حزب العدالة و التنمية هو ادخال الدين في السياسة اي ادخال النص المقدس في المجال المدنس ( بالمفهوم الانتبولوجي وليس الاخلاقي) هي عملية في غاية الاهمية حيث سيتبين لعموم الناس وبالتالي المجتمع ان المقدس و المدنس لا يجتمعان. وبالتالي سيستعيد المجتمع المغربي لقواعده الاصيلة وهي الفرق بين الفقيه و السياسة اي امور العيش و التدبير, اي الاتجاه العملي نحو العلمانية,
ان انهيار حزب العدالة و التنمية بهذا الشكل هو استيقاض المغاربة من وهم تدبير السبحة للعلاقات المعقدة للمجتمع. ما حدث للعدالة و التنمية يشبه ما حدث للشيح ماء العينين في معركة سيدي بوعثمان عندما جاءه القائد الاخصاصي شارحا له معطيات علمية عن الجيش الفرنسي و مقارنته بالجيش القبائل السوسية طالبا منه الانسحاب وممارسة استراتيجية جديدة وقال له الشيخ “بهذه السبحة سافتح القاهرة و دمشق” فوقع ما وقع.
كثير من التحاليل تشير الى ان من بين اسباب انهيار الحزب كان بسبب توقيع العلاقة بين المغرب و اسرائيل هذا التحليل غير صحيح وان المغاربة يهمهم المغرب اولا وان ذالك لا يوجد الا في ذهن من تاثروا بالايديولوحية المشرقية المواطن تهمه الخدمات الجيدة البنيات التحية و الماء و التعليم و الصحة والكرامة الهوياتية.
2, المغرب اولا
هذا الشعار كان من نحت الحركة الامازيغية في مقابل القضايا المشرقية وفهم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اهميته, لقد كان حزب الوردة من اشد المدافعين عن القضايا المشرقية و اصبح الان وبشكل ذكي تبنى الشعار المغرب اولا فاهما ان المغرب اصبح ورجع الى ذاته, ان شعار المغرب اولا كان له صدى عميقا لدى المغاربة, و لا يمكن فهم ابتعاد بل نفور الناس عن العدالة و التنمية بشكل مهول وغير مفهوم كما عبر عنه السيد عزيز رباح الا انه بقي وحيدا غارقا في الايدويولوجية المشرقية بنوعيها, واعتقد ان الاتحاد الاشتراكي سيعود الى مكانته القوية مستقبلا باختياره لهذا الشعار.
3. الاحرار والكلاسنسونت Glasnost
حزب الاحرار تطور خلال فترة قصيرة بفضل شخصية عزيز اخنوش بذكائه و استرتيجيته العملية في تطوير الحزب بشكل سريع وفي تجاه صحيح, بدا سي اخنوش بطرح الاسئلة الصحيحة ماذا يريد المغاربة؟ واود ان اقف عند طرح الاسئلة الصحيحةو لقد ضيع المغرب خمسين سنة بعد استقلاله اعتماد على طرح اسئلة خاطئة وسيتنتج منها نتائج خاطئة, ومازالت بعض الاحزاب تطرح اسئلة خاطئة, استعمل امين العام للاحرار منهجية متطورة في التشخيص والتقييم واستخلص نتائج عملية وقام بحملة انتخابية جد متطورة ( قضية استعمال المال من اختصاص القضاء ولا تنفع الا كمبررات واهية تمنعك من الاعتراف بالمسوؤلية) واول من استخلصه من التشخيص قضية الامازيغية و حاول اقناع جزء من شباب الحركة الامازيغية من اجل المشاركة في الانتخابات وهي التي تؤطر العدد الهائل من الشباب وكانوا يقاطعون تمكنت هذه الفئة من الانخراط وساهمت بذلك في ارتفاع نسبة المشاركة ( قمنا بعملية حسابية لعينة في احدى القرى باشتوكن عدد ساكنتها 300 نسمة تم تسجيل في الانتخابات فيها 50شخص من الذين يقاطعون الانتخابات هذه عينة صغيرة) اذن اخنوش قام بعمل جيد قبل الانتخابات بكثير, وحزب الاحرار هو الذي قام باعداد برنامج واضح ومفصل ومنشور باللغة الامازيغية وعبر التواصل الاجتماعي وباستعمال الوسائط التعليمية الواضحة وبشكل احترافي.
4. استنتاجات
= ان المجتمع المغربي اصبح واعيا بالعملية الانتخابية لكونها اساسية في تسييير الشان المحلي وان ما يهم المجتمع المغربي هو جودة الخدمات وان استعمال لخطابات الايديولوجية لن تنفع وان القضايا المشرقية واستغلال الدين ستتورى في الخطاب السياسي وان المهم هو جودة الخدمات وان اي حزب عليه ان يستوعب هذه الحقيقة
= ان الخريطة السياسية ستتغير مستقبلا وان المعترك الانتخابي سيصفي نفسه والباقي للاقوى مثل ما حدث في الدول المتقدمة الكبرى كبريطانيا و امريكا وان الاحزاب القوية و الكبرى هي التي ستتنافس في الانتخابات
=+ قضية اخرى مهمة ان الاحزاب الحكومية لن تفلت من مراقبة الناس وبشكل مستمر و ستراقب تنفيد الوعود فعزيز اخنوش سيصبح مراقب بشكل قوي في تنفيذ وعوده المهمة بخصوص رجال التعليم و تنفيد الطابع الرسمي للامازيغية باحدات ميزانية ومؤسسة خاصة بها, وبالتالي عليه ان يشكل حكومة التي توافق على برنامجه,