الإعتراف الدبلوماسي بإسرائيل
أزول بريس – محمد شنيب //
مفهوم الوطن والوطنية لم يتشربه سكان منطقة الشمال الأفريقي والشرق الأوسط بعد:لا من الناحية التاريخية ولا من الناحية الجغرافية وبالتأكيد من الناحية المصلحية والتي تٌدخل المفهوم السياسي أيضآ.
فالوطن كما هو معروف حداثيآ مفهوم لم يتم إيستعابه بالنسبة لشعوب كثيرة منها شعوب منطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقي وذلك لنتيجة عمق وتأثير التاريخ الديني ولا أقول لتأثير الدين في هذه المنطقة.التاريخ الديني كما هو معروف نتاج ما أفرزته الأنظمة الحاكمة المختلفة والتي تواجدت في منطقتي الشرق الأوسط والشمال الأفريقي والتفاسير الدينية المختلفة والتي كان يقوم بها المفسرون حسب إنتمآتهم المذهبية المختلفة وحسبما يرونه لتبرير ما يقوم به الحكام في فترات زمنية متعاقبة.أما الدين فهو تعاليم روحية تخص العبدات والتقوس التي ذكرت في القرآن والتي يمارسها المؤمن ليتقرب إلى الخالق.
ولا شك أن هذه المنطقة تاريخيا وحتى واقعيآ وقعت وتقع تحت تأثير الديانات الإبراهيمية أو التوحيدية التلاثة ألا وهي اليهودية والمسيحية والإسلام.فهذه الديانات التلاثة ظهرت في هذه المنطقة وبالتحديد فيما يسمى فلسطين والجزيرة العربية.
أيضآ هذه المنطقة وبالذات في فترة ماكان يسمى فترة التحرر الوطني من الهيمنة الأجنبية وبالذات فترة مابعد الحرب العالمية الثانية هو تشرب قوى التحرير للفكر الفاشي المسمى القومي العروبي الذي زاد من تشرب الفكر الفكر القومي وتجاهل الجانب التاريخي لهذه المنطقة وبالذات في إنتشار الفكر القومي بقيادة ” المنظرين للفكر القومي العروبي ساطع الحصري وميشيل عفلق” (1)و” العسكري المقدم جمال عبد الناصر”(2) الذي إستولى على الحكم في دولة مصر بإنقلاب عسكري؛ ومغامراته التي أدخلت مصر في حروب أساسها قوميآ لإظهاره بطلا مخلصآ لهذه المنطقة والتي كان يسميها “الأمة العربية”وتحريفه لتاريخ المنطقة ومحاولاته إظهار نفسه كشخص “صلاح الدين الأيوبي”(3)المنقذ لفلسطين وهزيمته للصليبين في الحروب الصليبية.
وتزامنآ لحدوث إنقلاب جمال عبدالناصر على الحكم في مصر في عام 1952 أي بعد إنشاء دولة إسرائيل وهزائمه مع هذه الدولة الحديثة والجديدة في المنطقة(4)والتي كان دائمآ يظهرها دائمآ ، تمشيآ مع الفكر القومي العروبي الكاذب، بإنتصارات لتحميس الجماهير التي غرقت في فكره القومي الكاذب.
عمومآ وبشكل مختصر تربت أجيال وأجيال في هذا الفكر القومي الكاذب لتعتقد أن وجدود وطن إسرائيل هو فكرة خلقت لتقسيم “الأمة”…!!! وأي “أمة”؟؟؟ هذه الفكرة الكاذبة وهذه الكلمة التي لا تنتمي لهذا العصر ولا يمكن حتى تحديد مفهومها ووجودمعناها بالمفهوم اللغوي؛هل هي “أمة”إسلامية أم “أمة”عربية أم “قبيلة” عربية تفترض وجودها وإمتدادها من جنوب غرب آسيا إلى شواطئ المحيط الأطلسي الشرقية (من الخليج الفارسي /العربي إلى دولة المغرب الأقصى). وظلت هذه الأجيال تعيش في هذه الكذبة القومية وبدون حتى معرفة معناها وتصر على أن الوجود الإسرائيلي إنما هو وجود إستعماري وإيستيطاني وإعتقدت أنه لابد من إزالته ورميه في البحر ولم تتوقف لحظة واحدة لتسآل نفسها هل وجد يومآ ما كيان وطني عبر التاريخ يسمى الكيان الوطني الفلسطيني والذي يعطي الحق كل الحق للفلسطينيين المنادات بأن أرض فلسطين هي لهم وحدهم وأنه لاحق لغيرهم مشاركتهم فيها.هذا هو الموقف القومي العروبي الذي وقفه قادة الدول “العربية”بما فيها مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا ولبنان وبقايا العائلات الإقطاعية الفلسطينية ضد قرار الأمم المتحدة الذي طالب بتقسيم الأرض الفلسطينية بين الفلسطينيين العرب (مسلمين ومسيحيين) من جهة واليهود الإسرائيليون من جهة أخرى؛وأصر بعماء كل القوميين العرب أن تكون كل الأرض للفلسطينين العرب فقط وأنه لاحق لليهود في هذه الأرض ولا شك أن هذا الرفض القومي العروبي كانت مرجعيته الخلاف بين الإسلام واليهودية أيام ظهور الدين الإسامي والذي لم يحدث على أرض فلسطين بل حدث في أرض يثرب في الجزيرة العربية.ويحدثنا التاريخ عن قيام معارك بين المسلمين آن ذاك التي أدت إلى طرد يهود يثرب (بني النضير والقينقاع وبني قريضةمن يثرب
سبب كتابة هذا المقال هو ما يحدث هذه الأيام وبالذات مما أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بأنه تم الإتفاق بين المغرب وإسرائيل بإقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية بينهما وما أثاره هذا الإتفاق من ضجة وصلت حتى الإحتجاج عند بعض الأوساط الثقافية والسياسية العروبية على إمتداد منطقة الشمال الأفريقي والشرق أوسطي.هذه الضجة التي تنسى ما يلي:
1-أن هذه المنطقة مكونة من أوطان ولكل وطن ظروف تاريخية ومعتمدة على موقع كل وطن جغرافيآ.
2-ولكل وطن من هذه الأوطان يرتبط بمصالح سياسية وإقتصادية معينة ومختلفة عن بعضها البعض في الكثير من الأحوال.
3-إنحسار الفكر القومي العروبي الذي ساد المنطقة منذ بداية القرن الماضي وحتى سبعيناته (في دول الشرق الأوسط) ومنذ إنشاء دولة إسرائيل بالنسبة لدول شمال أفريقيا حتى الآن.
4-إنتهاء الحكومات القومجية العروبية وبالذات في مصر وليبيا القذافي والتي كانت من الدول التي ساهمت مع الجزائر أيام بومدين في خلق ما يسمى الجمهورية الصحراوية العربية في محاولة لإجهاض فكرة إنشاء المغرب الكبير (كان للقذافي الشرط الرئيسي لقيام هذا المغرب أن يسمى المغرب العربي رافضآ تسميته المغرب الكبير).
حاول القوميون العرب على مختلف فصائلهم وحسب تسميتهم التركيز واللعب بمسميات حركاتهم السياسية المختلفة ظاهريآ على ما سموه القضية الفلسطينية وسموها قضية العرب.
غير أنه نحن كشعوب عانت من الإضطهاد والغطرسة الإستعمارية والتي كانت أولها إستعمار أبناء الجزيرة العربية لبلداننا وأوطاننا وفرض لغتهم وثقافتهم التي تجلت فيها الجهوية العشائرية والقبلية وإحتقار كل ماهو ليس عروبي؛وجعلت أمازيغ سكان شمال أفريقيا ينسون ماضيهم وتاريخهم وأبطالهم الذين وقفوا سدآ قاوم التدخل العروبي تحت ستار الإسلام من أمثال يوغرطوس ومسينيسا وسيپتيموس سيڤيروس الدي قاد غزوة لإنجلترا وسوكتلاندة وأكسيل وكهينا ديهيا وفي ذات الوقت يعتزون ويذكرون بكل فخر الغازي العربي عقبة بن نافع وغيره من الغزات أمثال موسى بن نصير وحسان بن النعمان…!!!!!
المهم في هذا الموضوع ما أود التركيز عليه هو أن الشعوب التي ناضلت الإستعمار ومات من أجل الحصول على حقوقها في الحرية والوطن الألاف بل حتى الملايين لا شك أنها تقف مع حقوق الشعب الفلسطيني في تكوين وطنه وكذلك حقوق الشعب اليهودي على السواء وأن إقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع إسرائيل(5) لا ينتقص من حقوق الفلسطينيين في بناء وطن حديث لهم في أرضهم جنبآ لجنب مع الإسرائليين فقد يدركوا يوما ما فلسطين ممكن أن تتحد تحت راية العلمانية والحداثة حيث لا تكون هناك لا دولة يهودية ولا دولة مسيحية ولا دولة مسلمة.
ولترجع الصحراء ووادي الذهب إلى وطن المغرب الأقصى حتى يتم تحقيق المغرب الكبير في شمال أفريقيا
محمد شنيب – إسطنبول 12.12.2020
هوامش :
(1)ميشيل عفلق كان من منظري الفكر القومي العروبي وهو من أسس وترأس حزب البعث الذي في سوريا والعراق؛ وساطع الحصري كان أيضآ من كبار منظري القومية العروبية؛ وكلاهما كان من سوريا وكان مهووسآ بما سماه الوحدة العربية والتكلات السياسية المنطقية في منطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقي؛فقد عارض قيام الهلال الخصيب والمغرب الكبير وإعتبرهما عقبة في تحقيق ماكان يسميه الوحدة العربية وتجاهل بالآساس الشعوب الأصلية من أكراد في بلاد الشام والأمازيغ في الشمال الأفريقي.
(2) المقدم جمال عبد الناصر كان مخطط إنقلاب مصر في عام 1952 الذي أتى به إلى قمة الحكم وكان طارحآ للفكر القومي العروبي محاولآ التبشير بأن سكان المنطقة الممتدة من جنوب غرب آسيا (ما يسمى بالخليج العربي) حتى شواطئ المحيط الأطلسي في دولة المغرب هم عرب جميعآ وإستغل هذا التيار القومي لبناء المجد الشخصي لنفسه وبعد أن زج بمصر في حروب فاشلة لإبراز شخصيته كمنق لما كان يسميه “الأمة العربية” متناسيآ كليآ وجود الشعوب الأصلية في منطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقي ومعتبرآ إياهم جميعآ عرب..!!!
(3) صلاح الدين الأيوبي كان كرديآ من سوريا ولم يكن من أصول عربية;ويعتبره بعض من المثقفين المصريين بالقيام بتدمير بعض الآثار الفرعونية في مصر لإعتباره إياها من عبادة الأوثان
(4)دولة إسرائيل لها صفات حداثية كثيرة ولكن في ذات الوقت دولة تعتبر الدين اليهودي أساسها وبذا فهي لا يمكن إعتبارها دولة مبنية على الحداثة حسب المفهوم المتعارف عليه لمعنى كلمة الحداثة والذي يفصل الدين عن الدولة ويعترف بالمواطنة وحقوق المواطنين جميعآ بغض النظر على معتقداتهم الدينية والتي تعتبرها الحداثة شيئ مرتبط بالشخص وإيمانه.
(5)يعلم الكثير أن علم دولة إسرائيل ،الجارة الشرقية للدولة مصر، رفع في دولة مصر وذلك بعد أن إعترفت بها دولة مصر في سبعينات القرن الفارط…!!!! فكيف لهم أن يحتجوا الآن لقيام دولة المغرب بالإعتراف الدبلوماسي بدولة إسرائيل التي تفصلها عنها ألاف الكيلومترات
التعليقات مغلقة.