الإجهاز على تكليف أساتذة اللغة الأمازيغية.. يدشن أولى نكسات “التدابير ذات الأولوية”

بقلم: الحسين أبليح

——————————–

مع انطلاق الدخول المدرسي 2015-2016، انطلقت معه جملة من القرارات مست جوانب مختلفة من الحياة المدرسية وتدبير الموارد البشرية، ومن بين ما مسته بشكل أساس، تدريس اللغة الأمازيغية، باتخاذ قرارات مصيرية في شأنها على صعيد بعض الأكاديميات وبعض النيابات التابعة لها.

كان باكورة هذه القرارات، ما اتخذته الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة، والقاضي بتجريد مدرسي اللغة الأمازيغية في وضعية ” تكليف” بالتعليم الابتدائي من مهام تدريس هذه اللغة التي اضطلعوا بها ردحا من الزمن، ويتعلق الأمر ب 23 أستاذة وأستاذ.

 وقد أثار هذا القرار الاستباقي من لدن أكاديمية الرباط، حفيظة التنظيمات الأمازيغية في الداخل والخارج، كما فتح شهية الكثير من المراقبين والمتتبعين للشأن الأمازيغي لتحليل تداعيات هذا القرار. ولعل أولى الملاحظات التي يمكن سلها من ذلكم القرار، يمكن إجمالها في:

  • أن هذا القرار الذي عده الكثير من الفاعلين الأمازيغ قرارا خطيرا في حق تدريس اللغة الأمازيغية، اتخذ على المستوى الجهوي دون أي سند من الوزارة الوصية، اللهم إلا إذا اعتبرت الكلمات التوجيهية للوزير بلمختار بصدد الاجتماعات المحضرة للدخول المدرسي بمثابة مذكرات ومراسلات في الموضوع. وإذا كان هذا صحيحا، فإننا سنكون أمام طريقة جديدة في التدبير الإداري للشأن التربوي، يتم فيه الاستيعاظ عن المذكرات والمراسلات الوزارية، بالكلام الذي يلقيه المسؤولون المركزيون على عواهنه والذي لا يمكن تبيان جده من لعبه؛
  • استناد جل النواب الاقليميين للوزارة على شماعة ” تدبير الفائض” و ” سد الخصاص” في اتخاذهم قرار سحب التكاليف من مدرسي اللغة الأمازيغية كحل وحيد لفك هذه المعضلة. مما يدفعنا لقول إن المسؤولين الإقليميين للوزارة محدودو الرؤية وعديمو الحيلة، فهؤلاء لا يستطيعون إيجاد أي حل بديل للكثير من المشكلات والمعضلات ذات الصلة بتدبير الموارد البشرية إلا الإجهاز على مكتسبات مدرس اللغة الأمازيغية، واستباحة مكون “اللغة الأمازيغية ” بالتعليم الابتدائي، بعد أن تم تحييد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وتجميد عمل الوحدة المركزية لتدبير ملف الأمازيغية بالوزارة؛
  • هذا التراجع المتزامن مع بداية الدخول المدرسي، ينذر بخروج مدرسي مبكر للأمازيغية، لدرجة يمكن معها القول إن هذا القرار يعتبر أولى الفتوحات التي تحققت من تنزيل ” التدابير ذات الأولوية” التي لم تتضمن إشارة للأمازيغية بل هي مقصيةنهائيا من رؤية لغات التدريس بالمدرسة، والتي صاغتها الوزارة الوصية ضمن رؤية إصلاح المنظومة التربوية – رؤية 2030 -؛
  • لم يتم التفكير مطلقا في جيش مدرسي اللغة الأمازيغية الذين سيتم تفكيك أسرهم بجرة قلم الوزارة، مما يضرب في العمق مبدأ صون حقوق ومكتسبات رجل التربية والتكوين وحفظ كرامته وعدم امتهانها.

أمام هذه الملاحظات الأولوية المتنزلة من قرار الوزارة، بأجهزتها المركزية والجهوية والإقليمية، سيكون على الفاعل الأمازيغي اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن يعيد ترتيب أوراق اللعب، بتسطير مهام جديدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ملف الأمازيغية برمته، وبصدد ملف تدريس اللغة الأمازيغية تحديدا.

سيكون لزاما علينا اليوم أن نعيد صياغة “رؤية إنقاذ”، على أنقاض التكتيكات اللحظية، التي تكبدنا جراءها خسائر فادحة رهنت تدريس اللغة الأمازيغية لأزيد من اثنتي عشر سنة. بل سيتحتم على الجميع إعادة تشكيل الخطاب الأمازيغي وفق وعي جمعي يوثر المنهج الماكروسكوبي على الميكروسكوبي، واعتبار معضلة تدريس اللغة الأمازيغية نقطة ضمن ملف أكبر هو ” ملف منظومة التربية والتكوين “.

إن عدم رفع رهان إصلاح المنظومة في شموليتها، لدى الفاعلين الأمازيغيين بالذات، هو ما أصاب الارتقاء باللغة الأمازيغية في مقتل، إذ لم يستطع الفاعل الأمازيغي تجاوز حد ” الأمازيغية أولا، ولملف التعليم رب يحميه”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد