الأماكينية وسؤال العلمية في فكر الدكتورعلي صدقي أزيكو

//بقلم: محمد أمداح*//

يشرفني أن أشكر كافة المنظمين والساهرين على تنظيم هذه الندوة العلمية التي طالما انتظرناها بشغف كبير وأخص بالذكر المجلس القروي لجماعة تافنكولت وجمعيتا الانبعاث للتنمية الاجتماعية، وجمعية تامونت للتنمية الشاملة وكافة الشركاء، الذين أجدد لهم الشكر وساهموا كذلك بمداخلاتهم القيمة؛ وأخص بالذكر على سبيل المثال لا الحصر مكتب منتدى الأدب لمبدعي الجنوب والشكر الخاص لرئيسه الذي غمرته فرحة عارمة لما سمع بتنظيم هذا الملتقى الفكري وسهر على الاتصال بأعضاء المنتدى لإنجاز الورقة العلمية الخاصة بهذا الملتقى، وسأساهم قدر الإمكان كعضو داخل المنتدى بمداخلة اخترت لها العنوان أعلاه.

فأثناء تصفحي للكتب التاريخية والمقالات والدراسات التي كتبها الدكتور علي صدقي أزيكو ما بين 1968 و1996، اقتنعت أنه ذلك المفكر المؤرخ، الأديب، الأنتروبولوجي المثقف الملتزم. ناهيك ان الدكتور علي صدقي أزيكو يعد أحد أقطاب الثقافة المغربية، والنموذج الفذ للشخصية المغربية التي أثرت الفكر التاريخي المغربي والعالمي، وتركت أثرا إيجابيا فكريا لتطور المغرب المعاصر المتفتح. فهو بحق نموذجا رائدا ينتمي إلى المدرسة المغربية الجديدة في الكتابة التاريخية بمعالمها القائمة؛ بل يعتبر من أوائل المدافعين عن الهوية المغربية ومعلمة من معالم الفكر المغربي الأصيل؛ وهو هرم من أهرامات البحث التاريخي والعلمية المكانية لبلادنا علاوة على كونه من بين دعاة العودة إلى الذات والانطلاق منها وعدم التنكر لها ولجذورها.

وكما يبين كتابه تاريخ المغرب والتأويلات الممكنة وديوانيه تيميتار وإزمولن، نكتشف أنه مثقف بارع وباحث متوقد وشاعر صادق ومفكر إنساني الحاصل على دكتوراه السلك الثالث من جامعة السوربون في التاريخ الاجتماعي تحت إشراف العالم الاجتماعي الدكتور جاك بيرك صاحب الأطروحة الشهيرة: les structures socio économiques et culturelles du haut Atlas : Le cas de sexawa. بل من المؤسسين للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي ويعتبر أن الشعر ليس حرفة من لا حرفة له، بل هو رفيق كل الحرف في كل مكان في البيت، في الحقل، في المرقص (أسايس) وفي الأعياد وفي الأعراس. كما صرح بذلك رحمه الله في حوار مع إحدى الجرائد الوطنية، أعادت جريدة نبض المجتمع نشره في عددها المزوج شتنبر أكتوبر 2014.

وما يميز منهجه أنه يعتمد على مصادر متعددة ومتنوعة لكون كتاباته لا تعتمد على النقل الحرفي، وإنما ترتكز بالأساس على مقارنات عديدة، وهذا ما نلمسه من خلال هوامش وإحالات أبحاثه، بحيث نجدها غنية وتلقي الأضواء على التاريخ الجهوي لتاريخ المغرب، خصوصا تاريخ الجنوب المغربي. ثم أن دراسته التاريخية تتسم بكونها تقدم تصورات وتطرح إشكالات عامة حول تاريخ المغرب وتاريخ شمال أفريقيا بصفة خاصة.

وكل هذا من أجل تأسيس مدرسة «تاريخية مغربية متميزة» ومنفتحة على العلوم الحديثة، التي تسعى إلى خلق قطيعة مع الكتابات التاريخية التقليدية المعتمدة على التكرار لما قاله المؤرخون السابقون فقط دون أي نقد أو تمحيص لهذه القراءات التاريخية. وبهذا سيتضح جليا من خلال قراءتي المتواضعة لمشروعه الفكري والتاريخي أنه – ومن خلال تصفحي لكتاب: نماذج من أسماء الأعلام الجغرافية والبشرية المغربية – وقفت على أن المؤرخ الأماكيني. صنف الأعلام إلى جغرافية وبشرية ومؤسسات تاريخية كما يوضح الجدول التالي:

من الأعلام البشرية التي ذكها أزيكو: إبراهيم بن محمد الكندافي – أرغن – أيت إيرانت – إيكونكا، [البوعبدلي إبراهيم واحد من أكبر قواد دير الأطلس الكبير] المراكشي ذكر في رحلة الوافد علاقته مع باشا مراكش غير ودية انتقل إلى منطقة إدا ومسطوگ بعد زيارة الخليفة عبد المالك بن إسماعيل ثم انتقل إلى زينيت بإسكساون ومع وفد من إدا ومسطوگ يحرسه. واجهه الفروكيون بالعداوة التي ترجع إلى تنافس بينهما ويعود ذلك إلى ما قبل تعيين عبد الكريم بن منصور باشا في مراكش لأنهم كانوا في حملة زايد بن إسماعيل على مراكش لمكانة بوعبدلي وسط قبيلته، قتل خنقا 718 م.

أما المؤسسات الاجتماعية الثقافية التي ذكرها أزيكو هي: أكادير تنتشر أكثر في الجنوب الغربي لأكادير بما فيها الأطلس الكبير الغربي وسهل سوس والأطلس الصغير. أجدير في الريف وفي منطقة القبائل. J. Menssine – citrouille

وكذلك كلمة أكدال – أكراو لم ترد كثيرا في المصادر المكتوبة استبدلت بأيت ربعين وأيت العرف ، «أمزوار» شخصية منبثقة من الجماعة – أمغار سلطة عليا كسلطة القائد أو العامل يستمد السلطة من دعم المخزن المركزي – أمنوكال – توفر المجال الإمبراطوري.

مصطلح إيكرامن: الولي الصالح – أيت ربعين (إكرامن) مجلس القبيلة وردت في ترجمة إلى محمد بن مبارك الإقاوي في كتابه: «دوحة الناشر» يفصلون في الفصل في الجبايات والقضايا المدنية كأحداث الأسواق فصدرت إينفلاس – أنفلوس  متوگا – وأنفلوس البارود – وأنفلوس نومدو.

توقف كذلك عند كلمة: تاحگات: مقابل: تاگوزولت حلفين معارضين حگة حدة بعض القبائل مستقرة بسوس. تستعمل بكثرة في الأطلس الصغير. فحگة تاحگات تراجعت سمعتها بعد القرن 17 م. بعد أن تحالفت تاكوزولت المناهضة لها مع أسرة بودميعة الإليغية التي هي رمز المشروعية السياسية وأسست الإمارة التزروالتية. انظر أطروحة الدكتورة خديجة الراجي حول الزاوية السملالية.

وبذلك يستحق الدكتور علي صدقي أزيكو الذي تم تكريمه مرات ذوات العدد في بلدنا بمدنه وقراه وبجامعاته ومؤسساته التعليمية وبالنسيج الجمعوي، خصوصا فدرالية الجمعيات التنموية لتافنكولت والتي خصصت مهرجانها  للاحتفاء بفكره الأدبي والتاريخي والجغرافي والأنطروبولوجي؛ من خلال جامعة ازيكو للثقافة الامازيغية والتي لا محالة ستحتفل هذه السنة بدورته الخامسة بشراكة مع الجماعة القروية لتافنكولت وشركاء اقتصاديون وفاعلون جمعويون كما ألفنا في دورات سابقة.

باحث*

مداخلتي بمهرجان تافنكولت في نسخته الأولى في: 02 – 03 – 04 شتنبر 2011