الرباط، الأمازيغية محور لقاء نظمه حزب التجمع الوطني للأحرار

احتضن المقر المركزي لحزب التجمع الوطني للأحرار بالرباط لقاءا دراسيا حول موضوع: “مشروع القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم ومجلات الحياة العامة ذات الأولوية “وذلك يوم الإثنين 18 يونيو الجاري، بمشاركة الأستاذة أمينة اوشلح مديرة جريدة “العالم الأمازيغي”، وخبيرة في مجال الثقافة الأمازيغية، والأستاذ الحسين الملكي محامي بهيئة الرباط، وخبير في مجال اللغة الأمازيغية، وبحضور عدد من النواب خاصة اعضاء لجنة التعليم والثقافة والإتصال وأعضاء المكتب السياسي للحزب.

وسجل الأخ عبد الله غازي بإسم اللجنة المنظمة اللقاء الدراسي، أن “تنظيم هذا اللقاء يندرج في إطار إستراتيجية الحزب وكذا استراتيجية فريق التجمع الدستوري لجعلهما مؤسستين متفاعلتين مع نبض المجتمع في المواضيع الرئيسة لإعمال الدستور وتحقيق الطابع الفعلي للتمتع بالحقوق، لاسيما الثقافية واللغوية منها”، موضحا أن “محددات تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يجب أن تثبت التعديل الدستوري الذي تمثل في تكريس الهوية المغربية، كما جاء في الخطاب الملكي، وفي مقدمتها الأمازيغية”.

من جانبه أوضح الأخ مصطفى بايتاس مدير المقر المركزي للحزب في كلمة افتتاحية في هذا اللقاء أن: ”هذا اللقاء الدراسي يأتي في سياق تفاعل البرلمانيين من أجل مرافقة التشريع الحكومي، في ما يخص الأمازيغية وتنزيل مقتضيات الدستور في فصله الخامس لأن ” بلورة قانون تنظيمي يتماشى مع مضامين الدستور ويحضى بالقبول يجب أن يستحضر التراكمات الايجابية الأكاديمية والحقوقية والأدبية للحركة الامازيغية وكذا مساهمات حزب التجمع الوطني للأحرار الذي كان له السبق في تبني مقترحات جمعية مدنية فاعلة في الحقل الأمازيغي وتقديم مقترح قانون يتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في مجلس النواب”.
وشدد بايتاس على أن الحزب مستعد لتبني مرة أخرى كل التعديلات والملاحظات من أجل تجويد النص التنظيمي السالف الذكر مشيرا أن الفريق بصدد وضع الترتيبات من أجل تنظيم لقاء تفاعلي بمجلس النواب بحضور كل المكونات والفعاليات المهتمة بالمسألة والقضية الأمازيغية.

وفي نفس السياق أكد بايتاس في هذا اللقاء ضرورة تملك أدوات حجاجية ورؤية أكثر وضوحا تراعي كل الاعتبارات والأبعاد المرتبطة بهذا الموضوع الوازن والمساهمة في النقاش الدائر حول أنجع السبل لتفعيل مضامين الفصل الخامس من دستور فاتح يوليوز 2011، سواء ما تعلق منها بترسيم اللغة الأمازيغية أو تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية أو إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

من جهتهما استعرض المحاضران أمينة أوشلح والحسين الملكي المراحل التي قطعها مشروع قانون ترسيخ اللغة الأمازيغية، مؤكدين على هذا القانون التنظيمي هو قانون استراتجي وأساسي يهم جميع المغاربة دون تمييز، منوهين بحزب التجمع الوطني للأحرار لكونه كان سباقا لتبني مقترح قانون يتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية من قبل جمعيات مدنية أمازيغية. كما أشارا في تدخلهما أن الفضل في طرح أسئلة بالأمازيغية بالبرلمان يعود إلى فريق التجمع الوطني للأحرار.
واعتبرا ترسيم اللغة الامازيغية من بين المستجدات التي جاء بها الدستور المغربي الجديد، إذ خلافا لكل الدساتير السابقة، تم الاعتراف لأول مرة بالأمازيغية كلغة رسمية للبلاد الى جانب اللغة العربية في فصل خاص باللغات وضمن الأحكام العامة جاء فيه :”تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء”.
ويوفر الفصل حماية قانونية للأمازيغية من خلال التنصيص على إصدار قانون تنظيمي سيحدد “مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية”.
كما يوفر هذا الفصل حماية للأمازيغية على المستوى المؤسساتي من خلال التنصيص على إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية سيعمل على “حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات. ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبته وكيفيات سيره”.

وسجلا المتدخلان خلال هذا اللقاء أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، جاء بعيدا عن منطق يستحضر متطلبات إعمال الدستور والالتزامات الاتفاقية لبلادنا، ومكاسب المصالحة اللغوية والثقافية منذ 1999، ولم يعتمد المقاربة التشاركية، وظل بعيدا عن تطبيق منهجية تستحضر الجودة التشريعية للقوانين.
و توقف المحاضران عند ملاحظات أولية تتعلق بالعديد من جوانب القصور في المشروع، التي تبرهن عن غياب إرادة فعلية للحكومة في إعمال الالتزامات الدستورية المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، حيث إن عدم تدارك جوانب القصور هذه سيؤدي من الناحية العملية إلى إبطاء و تعطيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
ولاحظا المتدخلان أن الحكومة لم تنظم أي مسار تشاوري مع الفاعلين المدنيين العاملين في مجال الترافع بخصوص إعمال الفصل 5 من الدستور بل أن الحكومة تأخرت كثيرا في إعداد مشروع القانون التنظيمي، وهذا يضرب في العمق الطابع التأسيسي للولاية التشريعية الحالية. وسينعكس هذا البطء سلبا على عدد من القوانين ذات الصلة الوثيقة بضمان الحقوق اللغوية والثقافية. كما أدى هذا البطء في الإعداد إلى أن توجه لبلادنا عددا من الملاحظات الختامية من قبل الهيئات الأممية للمعاهدات ومن المقررين الخاصين للأمم المتحدة بخصوص وضعية الحقوق اللغوية و الثقافية.
وفي الختام دعا الخبيرين إلى “استحضار المضامين والصكوك الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف المغرب وتوصيات الآليات الاتفاقية وإعمال مبدأ الإنصاف المرتكز على معياري العدالة والمساواة بين اللغات والثقافات واستحضار ايجابيات بعض التجارب المقارنة”.
وأجمع باقي المتدخلون من برلمانيون وأعضاء المكتب السياسي وأطر الحزب على أهمية هذا القانون التنظيمي الذي يهدف أساسا الى تعزيز التواصل باللغة الأمازيغية في مختلف المجالات العامة ذات الأولوية، باعتبارها لغة رسمية للدولة ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، وآلية لدعم قيم التماسك والتضامن الوطني، وذلك من خلال المحافظة على هذه اللغة وحماية الموروث الثقافي والحضاري الأمازيغي، والعمل على النهوض به وترصيد المكتسبات الوطنية المحققة في هذا المجال وتطويرها، بما يضمن الانصهار مع باقي مكونات الهوية الوطنية الموحدة والمتعددة الروافد، والانفتاح على الثقافات والحضارات الانسانية جمعاء.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading