الأمازيغية في برنامج عمل جماعة أكادير..

الحسين بويعقوبي

بدعوة من المجلس الجماعي لأكادير شاركت يوم 17 غشت 2022 عبر تقنية التواصل عن بعد في “ورشة الأمازيغية” المبرمجة في إطار اللقاءات التشاورية التي تنظمها الجماعة لإعداد برنامج عمل الجماعة 2023-2028.

اللقاء التشاوري

وخلال مداخلتي وبعد التنويه بالمبادرة و بتخصيص ورشة خاصة بالأمازيغية أثرت الانتباه إلى أن موضوع الأمازيغية موضوع عرضاني يخترق كل المجالات الأخرى، كما ذكرت بلقائين سابقين في نفس الموضوع : الأول نظم يوم 1 فبراير 2022 بمشاركتي إلى جانب ذ. رشيد أبغاج، والثاني يوم 27 يونيو 2022 أطره فانسون كليمون فيراندو، الخبير المستشار لدى حكومة كاطالونيا في السياسات اللغوية لعرض التجربة الكاطالونية في ترسيم لغتها.

لقد اتضح من خلال التجربة الكاطالونية أن هناك فرق تشريعي قانوني مع التجربة المغربية، ذلك أن القانون الاسباني يسمح للحكومات الجهوية بسن قوانين للحفاظ على لغاتها الجهوية شريطة ألا تتعارض والقانون الوطني، في حين أن القانون المغربي لا يسمح بذلك وظلت كل القوانين مركزية، مما يجعل التجربة المغربية في تدبيرها لثنائية اللغة الرسمية (العربية والأمازيغية) منذ 2011 تجربة خاصة، لكن تبقى التجربة الكاطالونية مهمة على مستوى الاستئناس.

وبناء على ما سبق، فموقع الأمازيغية في برنامج جماعة أكادير محكوم ببعدين (وطني و محلي) :

1. البعد الوطني لرسمية الأمازيغية

هذا البعد يجعل بعض الإجراءات مرتبطة بقرارات وزارية على مستوى المركز. فإن كانت الأمازيغية لغة رسمية منذ 2011 وصدر قانونها التنظيمي منذ 2019, إلا أن ذلك لا يسمح مثلا اليوم لجماعة أكادير بإخراج عقد ازدياد مكتوب بالأمازيغية، لأن ذلك مرتبط بإجراءات أخرى وتعديلات قانونية تتم أولا على مستوى وزارة الداخلية، قبل تفعيلها في الجماعة الترابية. كما يطرح مشكل توحيد المعجم المستعمل على المستوى الوطني، إذ لا يمكن أن نترجم عبارة “عقد الازدياد” بشكل مغاير في كل جهة، أو في كل جماعة.

2. على المستوى المحلي (جماعة أكادير)

على هذا المستوى، فالقرارات المتخدة لفائدة الأمازيغية ستكون محكومة من الناحية السياسية بالتزامات أحزاب الأغلبية المسيرة للمجلس حيال هذا الموضوع في برامجها الانتخابية، وخاصة ما جاء في برنامج الحزب ذات الأغلبية الذي يرأس المجلس، ومن الناحية القانونية بما يسمح به القانون في مجالات تدخل الجماعة. وبناء عليه، نقترح ما يلي :

-تفعيل ترسيم الأمازيغية في المرافق التابعة للجماعة

نظريا، يقصد بترسيم الأمازيغية في المرافق التابعة للجماعة إستعمال هذه اللغة شفويا وكتابة في كل المعاملات التي تتم بين هذه المرافق والمواطنين. وعمليا تطرح بعض الإشكالات التي يستوجب تجاوزها الكثير من العمل البيداغوجي وبعض الوقت، ومنها غياب الموارد البشرية المتمكنة من المعجم الإداري الحديث بالأمازيغية وقلة الموارد المتمكنة من كتابة الأمازيغية.

– ترسيم التواصل الشفوي

أقصد بترسيم التواصل الشفوي بالأمازيغية العمل على تغيير صورة الإدارة المغربية لدى المواطن، خاصة الناطق بالأمازيغية، الذي لا يرى فيها إلا إدارة ناطقة بالعربية، وهذا ما يجعل الدخول إلى الإدارة يعني الدخول لمجال إستعمال العربية. وتتعزز هذه النظرة حين يلتقي المواطن مع موظف لا يتقن الأمازيغية، وقد يجيبه، أحيانا بلكنة عنيفة بعبارة “هضربالعربية”، وهو عنف رمزي غالبا لا ننتبه إليه. ولكي تتغير هذه النظرة أقترح ما يلي :
– جرد الموارد البشرية الناطقة بالأمازيغية في الجماعة وإعادة توزيعها على المصالح وفق مبدأ وجود ناطقين بالأمازيغية في كل مكتب/مصلحة.

– إستئناسا بالتجربة الكاطالونية، أن تكون الجملة الأولى المستعملة من طرف الموظف بالأمازيغية، من قبيل(مانزاكين، ما يرا الخاطر،…)، وجواب المواطن هو الذي يحدد طبيعة اللغة المستعملة فيما بعد (الأمازيغية أم العربية)

-أن تتم النقاشات والمداولات في دورات الجماعة بالأمازيغية والعربية والعمل على حل مشكل الترجمة لمن لا يفهم إحدى اللغتين.

– ترسيم التواصل الكتابي

أقصد بترسيم التواصل الكتابي إستعمال الأمازيغية إلى جانب العربية في كتابة كل المراسلات التي تتم بين الجماعة والمواطن, وبين الجماعة باقي المؤسسات. ويستوجب هذا ما يلي :

-توظيف متخصص في الأمازيغية شفويا و كتابة وضابطا لأسلوب و للمعجم الحديث ولقواعد كتابة اللغة الأمازيغية.

– تنظيم دورات تكوينية للموظفين الحاليين، في إطار التكوين المستمر، ليضطلعوا بهذه المهمة الجديدة.

-أن تكتب الجماعة كل الإعلانات الصادرة عنها و اللافتات و الملصقات والمناشير باللغتين العربية والأمازيغية.

-أن تكتب تسميات كل المصالح والمكاتب وكذا التشوير داخل كل المرافق التابعة للجماعة بالأمازيغية والعربية.
– كتابة محاضر الاجتماعات بالأمازيغية

أما على مستوى الهوية الثقافية لأكادير و دعم الأنشطة الثقافية فيمكن القيام بما يلي :

– إعادة فتح موضوع لوكو أكادير الذي أجمع سكان أكادير على رفضه والتفكير في لوكو جديد يليق بالمدينة.

– أن تشترط الجماعة في كل نشاط تدعمه (في حدود الممكن) حضور البعد الأمازيغي، وحضور الأمازيغية على مستوى الدعاية للنشاط بشكل متساو مع العربية.

– حضور الأمازيغية لغة وكتابة في الهوية البصرية للمدينة من خلال كتابة كل علامات التشوير وأسماء الأحياء و الأزقة…

– كون مدينة أكادير مدينة عالمية و منفتحة، فهذا لا يعني تجريدها من أصولها ومقوماتها الثقافية، ولذلك لابد من تكريم رموزها الثقافية من خلال إعطاء أسمائها للشوارع والأزقة والأحياء.

-الحفاظ على الأسماء التاريخية للأحياء وترسيمها (إحشاش، أمسرنات،.بوتشاكات،..)، واشتراط إعطاء أسماء أمازيغية للتجزئات السكنية الجديدة.

– تشجيع و دعم الجمعيات لتنشيط دار الشباب و دور الحي في مجال الثقافة الأمازيغية.

-توسيع نطاق الشراكات بين الجماعة والجمعيات المهتمة بالأمازيغية : إلى جانب الجامعة الصيفية و إسني وورغ، اللتان تربطهما شراكة مع الجماعة، يمكن إضافة شراكات أخرى في مواضيع متخصصة من قبيل رابطة تيرا المتخصصة في الكتاب الأمازيغي، والمتميزة على المستوى الدولي، وذلك بناء على دفتر تحملات واضح.

-اقتناء الكتب الأمازيغية و توزيعها على المركبات والمراكز الثقافية التابعة للجماعة.

– التفكير في طريقة لتشغيل الفنانين (الروايس مثلا…) من خلال اتفاقيات مع جهات أخرى (المركز الجهوي للسياحة، المجلس الجهوي سوس ماسة،…) لضمان برمجة تسمح بتشغيل الفنانين في مختلف الوحدات السياحية بالمدينة، بما يضمن كرامتهم.

– التفكير في تخصيص مكان خاص بفن الروايس، وفق برمجة أسبوعية أو شهرية، تسمح لسكان المدينة و زوارها بالتعرف على هذا الفن و الاستمتاع به.

(شكرا للمجلس الجماعي لأكادير على إتاحة هذه الفرصة وشكر خاص للسيد خالد القايدي، كاتب المجلس، على الدعوة وتنسيق اللقاء)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد