الأمازيغُ ليسُوا راضينَ عنْ وضعية الأمازيغية، ثقافة ولغة، في منطقة شمالِ إفريقيا، أو بلاد “تامْزغا” كمَا يُسمّيها الأمازيغ. تلْكَ هي الخُلاصة التي يُمْكن الخروج بها من الكلماتِ الرسمية التي ألقيَتْ في افتتاح أشغال المؤتمر العامّ السابع للكونغرس العالمي الأمازيغي، والذي ينعقد بمدينة أكادير، بعْد اضطرار مسؤولي الكونغرس إلى نقل مؤتمرهم من مدينة زوارة الليبية، بسبب تهديدات تنظيم “داعش”.
رئيسُ الكونغريس العالمي الأمازيغي خالد زيراري أشارَ في بداية كلمته في افتتاح أشغال المؤتمر، الذي يحضره أمازيغ من الجزائر وأوربا والطوارق.. إلى أنّ الهدف الذي تصبو الهيئة التي يرأسها إلى بلوغه هوَ الوصولُ إلى فضاء يعيشُ فيه المواطنون “سعداء ومكرّمين”، لافتا إلى عدد من “الانتهاكات” التي قالَ إنّها ما زالتْ تُمارسُ ضدّ الأمازيغ، قائلا: “العنصرية إزاء الأمازيغ جريمة، وسنواجهها بكلّ حزم”.
وانتقد الزيراري استمرارَ غلْق الحدود المغربية الجزائرية، بعْد مُضيّ أكثر من عشرين عاما على إغلاقها إثر أحداث فندق إسني بمراكش سنة 1994، معتبرا أنَّ ذلك يضربُ حقّ حرّية التنقل، التي هي من بينِ الحقوق الأساسية للإنسان، داعيا السلطات المغربية والجزائرية إلى إعادة فتْح الحدود بيْن البلديْن، ضمانا لحقّ مواطنين البلديْن في حريّة التنقّل، كما ندّد زيراري باستمرار منْع تسجيل الأسماء الأمازيغية في سجلّات الحالة المدنيّة، وقال: “لنْ نقبَل أبدا باستمرار هذا المنْع”.
وفي حينِ لمْ تستْثْن انتقاداتُ مسؤولي الكونغرس العالمي الأمازيغي أيّا من الأنظمة السياسية والحكومات المغاربيّة، إلّا أنَّ النظامَ الجزائري نالَ الحصّة الأكبرَ من الانتقادات، ففيما وصفَ خالد زيراري الأحداث التي عرفتْها منطقة القبايْل بالجزائر سنة 2001 والتي أسفرتْ عن مصرع 130 شخصا، بـ”الربيع الأسود”، تحدّثتْ ممثلة الكونغريس العالمي الأمازيغي بالجزائر بمرارة عنْ وضعية الأمازيغ هنا، قائلة: “نحنُ نُقتل، نُعتقل، تُهضم حقوقنا… وتطولُ لائحة المُعاناة والألم”.
وهاجمَ الناشط الأمازيغي الجزائري فرحات مهنّي بشدّة النظام الجزائري وقالَ متحدّثا عن أحداث القبايْل: “في سنة 2001 قتلوا 130 أمازيغيّا، وفي المرّة القادمة سيقتلون 1300، وفي مرّة لاحقة سيقتلون مائة وثلاثين ألفا”، واصفا ما تعرّض له أمازيغ ليبيا بـ”الأعمال الإرهابية”. ويظهرُ أنَّ معركة أمازيغ الجزائر مع النظام الجزائري ماضيّة في التصعيد، إذْ قال فرحات مهني إنَّ نشطاء أمازيغ جزائريين سيتوجّهون إلى مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك لرفْع العَلَم القبايْلي هناك، “لكي نضع الأمين العامّ للأمم المتحدة في صورة ما يجري في القبايْل”، يقول المتحدث.
وفي ليبيا يبْدو أنّ معاناةَ الأمازيغ هُناك قدْ تفاقمتْ، بعْد أن انضاف إرهابُ المتطرّفين إلى لائحة أسباب معاناتهم، إذْ قالَ فتحي بنخليفة، الرئيس السابق للكونغرس العالمي الأمازيغي وممثله الحالي في ليبيا، إنَّ أهْل مدينة زوارة، عاصمة الأمازيغ في ليبيا، كانوا مستعدّن لاستضافة الدورة السابعة للكونغرس العالمي الأمازيغي، “لكنْ حُرمنا من تحقيق حُلم ذلك الوصال، بسبب جهاتٍ لا شريعة لها سوى شريعة النهب والإرهاب”.
وهاجمَ بنخليفة بشدّة الجماعات المتطرّفة متّهما إياها بالتسبب في تفاقم معاناة الأمازيغ في مزوارة، رغم أنها كانتْ من أكثر المدن الليبية أمْنا واستقرارا -على حدّ تعبيره- موضحا “أهْل زوارة هم أصحاب رسالة نبيلة وسامية، رسالة بناء الأوطان وليسوا بأصحاب غرائز الشرّ والقتل والتدمير والتفجير”، وتابَع: “الأمازيغ يجتمعون من أجل البناء والرخاء لا من أجل تشكيل جماعات إرهابية وخلايا دموية نائمة ومستيقظة، فَلَمْ يُسجَّل أنَّ أمازيغيا فَجَّر نفسه أو قَتل مدنيين بدعوى التدين أو باسم الله، ولم يُسجّل أنْ ضُبط أي أمازيغي حارب الشعبَ الليبي إلى جانب القذافي إبّان ثورة 19 فبراير”.
ولمْ يُسمحْ للوفْد الليبي الذي كانَ مقرّرا أن يُشارك في المؤتمر السابع للكونغرس العالمي الأمازيغي بمدينة أكادير بالدخول إلى التراب المغربي، وعلّقَ بنخليفة على ذلك بالقول: “لم تُمنح لهم تأشيرة الدخول إلى بلدهم الثاني (المغرب) بدواعي أمنية، وكأنهم محلّ شبهة”، وانتقدَ بنخليفة بشدّة منْع الوفْد الليبي من دخول المغرب، “في الوقت الذي تتمّ استضافة من يمثل القتل والإرهاب في مدينة الصخيرات تحت حماية دولية وتحت ذريعة أكذوبة الحوار الليبي”، في إشارة إلى الأطراف الليبية التي جمعتها مفاوضات خلال الآونة الأخيرة بمدينة الصخيرات المغربية.
محليّا، وجّهتْ ممثلة الكونغريس العالمي الأمازيغي بالمغرب انتقاداتٍ لاذعةً للحكومة المغربيّة. فعلى الرغم من ترسيم اللغة الأمازيغية كلُغة رسميّة في دستور سنة 2011، إلّا أنَّ الترسيم “كان تمييزيّا، لأنّه تعمّد وضع الأمازيغية في الرتبة الثانية بعد العربية”، تقول المتحدّثة، كما انتقدتْ تأخّر الحكومة عن إخراج القانونيْن التنظيميين المتعلّقيْن بالأمازيغية، رغم أنهما كانا من القوانين التنظيمية الأولى التي كانَ مُزمعا تفعيلها، وأضافت: “بعد مضيّ أربع سنوات على ترسيم الأمازيغية لم يتحقّق شيء، في ظلّ هذه الحكومة المحافظة التي تشنّ حملة ضدّ الأمازيغية والحقوق الثقافية للأمازيغ”.
وبخصوص تعميم اللغة الأمازيغية، قالتْ ممثلة الكونغرس العالمي الأمازيغي إنّ هناك إحباطا وسط الأمازيغ إزاءَ هذا الموضوع، وعلاقة بذلك، تطرّق عُمدة مدينة أكادير طارق القباج، الذي حضر افتتاح أشغال المؤتمر السابع للكونغريس العالمي الأمازيغي إلى معاناة الأمازيغ في الجبال، قائلا: “كيفَ يُمكن الحديث عن تدريس الأمازيغية في مدارس لا تتوفّرُ فصولها على نوافذ تقي التلاميذ برْد الشتاء حيثُ تنزل الحرارة إلى سبْع درجات أوْ أقلّ”، وأضاف القباج أنَّ الدفاعَ عن الأمازيغية يُعتبر “معركة”.
وسرَدتْ ممثلة الكونغرس العالمي الأمازيغي في المغربِ مجموعة منَ “الانتهاكات” التي قالتْ إنها ما زالتْ تُسجّل في حقّ أمازيغ المغرب، مثل نزْع الأراضي “وتفويتها لأباطرة البترول”، على حدّ تعبيرها، في إشارة إلى الخليجيين، وتفويت مجموعة من المنابع المائية للأجانب، بعد نزعها من المواطنين الأمازيغ، واستمرار منْع تسجيل الأسماء الأمازيغية في سجلّات الحالة المدنية، ومعاناة سكّان منطقة “إميضر” الغنيّة بالمعادن، والتي لا تستفيد المنطقة من عائداتها.
وتابعت المتحدّثة: “الدولة المغربية لم تفعل شيئا للأمازيغ، فرغم دسترتها إلا أنَّ الإشكال يكمن في عدم تفعيل الدستور، ومع الحكومة الحالية فقدْ تراجعنا ثلاثين أو أربعين سنة إلى الوراء”.
هسبريس – محمد الراجي
——————————————————————————————————-
الصور للزميل مبارك اشباني
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.