اكادير:الدورة 21 من مهرجان المسرح التربوي أو حين يتمسرح الدرس الصفي

 

 لم يكن مارك توين ( MARK-TUIN  ) مبالغًا حين ذهب إلى أن مسرح الطفل هو أعظم الاختراعات في القرن العشرين, ووصفه بأنه «أقوى معلم للأخلاق» وخير دافع إلى السلوك الطيب اهتدت إليه عبقرية الإنسان ..

ربما لا يعرف هذا الأديب الأمريكي الكبير أن هناك بهذه المدينة أساتذة مناضلون اقتنعوا بأهمية المسرح في تقوية شخصية المتمدرس وتمثله للسلوك المدني بشكل عام …والواقع يؤكد أن عمر هذه القناعة والإقناع وصلت إلى 21 سنة من الحضور على الساحتين الوطنية والدولية ..كانت الانطلاقة سنة 2009 ووفق شراكة بين الوزارة الوصية والشؤون الثقافية  الفرنسية غايتها الانفتاح على مجالات فنية ابداعية داخل المدرسة العمومية كالتشكيل والموسيقى والبيئة والمسرح …كانت الانطلاقة مشجعة ومؤطرة بوثائق ومذكرات …واختارت المدينة تيمية المسرح انطلاقا من تواجد تجربة وتراكم لدى أغلبية الأساتذة الممارسين داخل مسرح الهواة …وانطلق العداد بتنظيم اول مهرجان دولي قبل 21 سنة وبدعم مباشر من الجهات المحتضنة المغربية -الفرنسية ..وككل البدايات تكون التصفيقات حارة جدا. …وككل  النهايات في هذا البلد لايبقى إلا الصادقون المؤمنون بالمشروع وبأهميته الاستراتيجية داخل الحقل التربوي لذلك لاغرابة أن يكون شعار هذه الدورة …وحيدون نحن ..ومستمرون ..نعم كل شيء انتهى …رسميا جمدت الاتفاقية ..علق الدعم ..حتى الجمعيات التي تأسست على هامش هذه التجربة بقلتها اندثرت في مراكش كما في طنجة ..ألا أكادير ما زالت جمعية ا( انبثاق -أوفلا ) ..تناضل  من أجل الحفاظ على التجربة الرائدة وطنيا …

وبالفعل يكمن للمهتم والمتتبع أن يخضع تجربة 21 سنة ليقف وبصدق عن الانعكاسات الإيجابية على شخصية التلاميذ الذين ساعدهم الحظ أن يتواجدوأ في مؤسسة بها اساتذة ذوو تجربة ميدانية في المسرح …كيف استطاع هؤلاء أن يكونوا قادرين على الدخول في معترك الحياة لأنهم وعن طريق المسرح تدربوا على الحياة نفسها وبشكل تدريجي …لأن المسرح خلق لهم من حيث لا يدرون هذا التوازن الوجداني …والانفعال المضبوط ..خلق لهم القدرة على التعبير والفصاحة والكفاية التواصلية والإلقاء السليم

نعم المسرح يعطي دروسا في التعاون والصبر والانضباط …ونكران الذات والاعتماد على النفس …ويساعد في التغلب على الخجل ..وينمو خيال التلميذ بتدريب على الملاحظة ودفعه إلى البحث والاكتشاف وامتلاك سرعة البديهة وحسن التصرف ومواجهة الجمهور ..بل يقدم حلولا للكثير من المشكلات الاجتماعية القائمة والانحرافات السلوكية

وبالمعاينة .سنجد أن مسار الدراسة لتلامذة المؤسسات التى انخرطت في هذه التظاهرة طيلة هذه السنوات كانت ناجحا ومبهرا ..إن على مستوى حياتهم اليومية أو دورهم الايجابي وسط محيطهم الاجتماعي والأمر طبيعي جدا اذا وقفنا على عمق التجربة والآفاق التي فتحتها لهؤلاء على المستوى الوطني كما هو الشأن دوليا …كيف لايمكن للمرء أن لا يقف مدهوشا أمام مشهد مسرحي في أكبر قاعات المسرح بروما يؤديه تلامذة من أحياء شعبية بأكادير والجمهور هناك يقف احتراما لجودة العرض أداء وإلقاء وبلغة مولير

كيف لا يهتز شعورك  وانت تسمع النشيد الوطني والعلم المغربي مرفوعا يأيادي هذه البراعم …هناك في روما وفرنسا وبلجيكا ورومانيا واسبانيا. ..ولمدة 21 سنة كانت تلامذة أكادير حاضرين وبقوة في كل التظاهرات الدولية بل كانوا متفوقين وبالحجج والأرقام …كان ذلك بفضل إيمان بعض المناضلين التربويين المؤمنين الصادقين في دورهم التأطير  اتجاه الله والوطن ولافرق. .لأنه من سابع المستحيلات أن يثق بك شخص الآن وفي ظل هذه الفردانية  التي تطبع مجالنا العمومي أن هناك اساتذة دفعهم هذا الحس التربوي النبيل أن يشتغلون خارج حصص النظامية في إعداد مسرحية للمشاركة في محفل دولي..  إن يبحثوا عن نص بإبعاد تربوية …إن يدربوا ولشهور. ..إن يهيؤوا جوازات سفر لتلامذة لم يسافرون قط حتى إلى أقرب مدينة …إن يبحثوا عن تمويل للسفر طبعا إلى دولة أوربية وفرقة من حدها الأدنى تسعة أفراد …نعم هذه هي التجربة ..معاناة وأعصاب لكن المسرحي لا يستسلم بل يعتز وهو يرافق أبناء الأحياء الشعبية إلى المطار من أجل المنافسة على لقب دولي.

المسرحي لا يستسلم ولذلك مازال هنا وفي الدورة 21 ليؤكد استمراريته لأنه الوحيد المؤمن بأن المسرح مظهر حضاري مرتبط بشكل حيوي بتقدم الأمم ورقيها. .

المسرحي أيضا يأمل في أن يلتحق المؤسسات المشرفة على تدبير الشأن التربوي جهويا/وطنيا في مأسسة هذه التجربة وتطويرها أكثر .

وفي انتظار ذلك ارفع قبعتي احتراما لكل المناضلين التربويين الذين اغنوا هذه التجربة وفي صمت وبدون مقابل .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد