استقبال الأسود: ماذا لو كنا أذكياء؟

ذ. أحمد بودهكات

كنا سنربح وصلة ترويجية مجانية تجوب العالم..

كأس العالم هو حدث لتسويق صورة البلد، وهو ما استطاعت أن تصل إليه قطر بامكانياتها المالية، وهو كذلك ما حققه أبناؤنا في المنتخب الوطني بمهاراتهم الكروية وبأخلاقهم العالية..

فبعد أن سلطت الكاميرات على ملاعب قطر، خطف الرگراگي وزياش وحكيمي وبونو والآخرون الأنظار، وبدأ الكل يبحث وبكل اللغات عن هذا المغرب أين يقع، وما هي الخلطة السحرية التي ولدت هؤلاء المشاكسين الذين أبهروا العالم ونافسوا الكبار بعد أن عدهم الكل من الصغار..

الحقيقة أن ما كسبه المغرب من مونديال قطر لم ولن يحققه ولو صرف أضعاف ما صرفه على ترويج اسمه في المحافل الاقتصادية والسياحية الدولية.. وفي غمرة تسليط الأضواء على الأسود كان الكل ينتظر حفل استقبال يليق بالحدث..

ماذا لو كنا أذكياء؟؟
كنا سنربح وصلة ترويجية مجانية تجوب العالم..

كان يكفي التعاقد مع شركة اعلامية محترفة تسوق الحدث، بصور ذات جودة عالية وبسيناريو وإخراج تلفزي مثقن يظهر عشق الجماهير للساحرة وامثنانهم بما فعله أبطالهم ويبرز مقومات البلد التاريخية والاقتصادية والعمرانية.. تحت عنوان بارز “هذا هو العرين الذي خرج منه هؤلاء الأسود”.

ففي الوقت الذي كان فيه استوديو المواكبة في القناة الرياضية يستعرض العضلات بمعلومات وعنتريات أكل عليها الدهر وشرب، كان الأجذر بث وصلات مصورة لمعالم المسار الذي سيمر منه الموكب فالرباط عاصمة منذ الأزل، فيها بصمات تتجذر في ما قبل الميلاد، مرورا بجميع الامبراطوريات التى حكمت المغرب وتركت آثارها هناك، أسوار الرباط وسلا وأبوبها، قصبة الوداية وشالة وصومعة حسان وضرح محمد الخامس وغيرها من المعالم تستحق أن يشاهدها العالم في حلة رائعة..

وفي الرباط أحدث الابداعات العمرانية لأشهر المعماريين، “زهى حديد” وضعت بصمتها في مدينة الأنوار في مسرحها الجاثم على ضفاف ابي رقراق، كما يقف برج محمد السادس شامخا يحرس المدينة من الأعلى كأعلى صرح معماري، جمال الرباط في محطات قطاراتها وفي جسورها وشوارعها وحدائقها الرائعة..

في الرباط أيضا أكاديمية كروية ومعهد وطني لكرة القدم ومركب ضخم وملاعب للقرب، فلما لا وصلات قصيرة لتسويق المغرب الرياضي مغرب كرة القدم..

وكما قلت في الأول… قد نكون أخطأنا التاريخ وضيعنا وصلة اشهارية مجانية، بسبب ضيق أفقنا أو ربما لسوء تقديرنا، فالترويج الجيد لمقومات البلد هو أول مدخل لتنميته…

اما الموكب حيث الأبطال فكان تصويره كارثيا لا درونات تتعقب المشاهد ولا كاميرات في المستوى وكأننا نعيش خارج التاريخ..
الفرص لا تأتي إلا مرة أو مرات قليلة، والاستثمار في استغلالها هو في نفس الوقت فوز بها…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد