ازدهار العملات الرقمية في أفريقيا رغم مخاطرها!..
تجاهل التحذيرات
من جانبه، قال أبيبي آيمرو سيلاسي، مدير إدارة شؤون أفريقيا بصندوق النقد الدولي،عند اعتماد العملات المشفرة كعملات قانونية،يجب إنشاء نظام « قوي » للمدفوعات، على أن يتسم الأمر بشفافية مالية كبيرة وإطار حوكمي.
بيد أن وزير الاقتصاد الرقمي في جمهورية أفريقيا الوسطى، جاستن غورنا زاكو، أبدى دعما كبيرا لتقنين البيتكوين، مشددا على أن العملات المشفرة سوف تلغي سيطرة البنك المركزي. وقال في مقابلة مع دوتش فيليه، « أي شخص يمتلك أموالا، سوف يرسلها إلى مستثمر لجني أرباح، سيحصل عليها بأي عملة ويمكن تحويلها إلى الدولار أو اليورو أو فرنك وسط أفريقيا ».
يشار إلى أن جمهورية أفريقيا الوسطى تستخدم في الوقت الحالي « فرنك وسط أفريقيا » المدعوم من فرنسا، إلى جانب دول أخرى معظمها كانت مستعمرات فرنسية في السابق حيث ترتبط العملة باليورو. وقد حذر مراقبون من أن اعتماد جمهورية أفريقيا الوسطى البتكوين عملة قانونية قد يؤدي إلى زعزعة استقرار عملتها الرسمية في ظل التنافس بين فرنسا وروسيا للسيطرة على الموارد والثروات الطبيعية التي تزخر بها هذه الدولة الفقيرة.
التقلب سبب القلق
ويبدو أن الانتقادات لهذه الخطوة لم تقتصر على معارضي الحكومة أو المحليين الاقتصاديين، بل تعالت في الأونة الأخيرة بعض الأصوات داخل برلمان جمهورية أفريقيا الوسطى ضد القرار الأخير. وتعد النائبة راشيل نغاكولا من أبرز منتقدي قرار اعتماد البتكوين عملة رسمية في جمهورية أفريقيا الوسطى. وقالت في مقابلة مع دوتش فيليه « طلبنا من السياسيين الإلمام بكافة الضمانات قبل تمرير القانون، لكنهم كانوا على عجلة من أمرهم، لذا فأنا لا أؤيد القرار ».
وقد أعربت منظمات مدنية عن قلقها إزاء القرار، وفقا لما ذكره أكاندجي كومبي، المتحدث باسم منظمة « المواطنة والتضامن مع جمهورية أفريقيا الوسطى ». والذي صرح لـ دوتش فيليه بأنه « جرى التصديق على القانون الخاص بالعملات المشفرة بشكل سريع دون شفافية. وهو ما يتعارض بشكل جذري مع السيادة الوطنية والحرية ومصالح مواطني أفريقيا الوسطى ».
وعلى وقع القرار، باتت بيتكوين قضية ساخنة ومثيرة للجدل في عاصمة البلاد بانغي. وفي هذا السياق قال أحد سكان بانغي لـ دوتش فيليه « من المضحك الحديث عن عملات رقمية ومشفرة في بلد لا يستطيع سكانه الوصول إلى الإنترنت ».
يشار إلى أن حوالي 10 بالمائة فقط من سكان جمهورية أفريقيا الوسطى يستطيعون الوصول إلى الإنترنت، وفقا لإحصائيات البنك الدولي. ورعم أن عددا من مستخدمي الإنترنت يرون أن البيتكوين توفر نوعا من الاستقلال المالي، إلا أن آخرين حذروا من أن العملات المشفرة ما زالت متقلبة.
فقد ارتفعت قيمة البيتكوين بنسبة 150 بالمائة العام الماضي لتصل إلى مستوى قياسي بلغ قرابة 69 ألف دولار، لكنها انخفضت بشكل حاد في الأشهر الأخيرة لتصل قيمتها 38 ألفا الأربعاء الماضي!
الدول الفقيرة تطرق أبواب البيتكوين
في المقابل، يرى مؤيدو العملات المشفرة أنها تصب في صالح شعوب العالم النامي، لا سيما مع ارتفاع معدلات التضخم. ومن بين الأصوات المؤيدة لهذا الرأي أليكس فون فرانكنبرغ، مدير صندوق (High-Tech Founder Fund)، الذي قال إن البلدان الفقيرة على وجه الخصوص مرشحة لتقنين العملات المشفرة في نظامها المالي.
وأفاد في مقابلة مع دوتش فيليه، بأن « أفريقيا تمتلك فرصة جديدة، لكن من المهم مشاركة الجميع وتحسين البنية التحتية »، مضيفا أن أكثر من ملياري شخص على مستوى العالم لا يمتلكون حسابات بنكية، خاصة في القارة السمراء وبلدان أمريكا الوسطى.
وأشار إلى أنه في ضوء ذلك، تبرز البيتكوين كطريقة مثالية للدفع، مضيفا أن العملات المشفرة تمتلك ميزة رئيسية مقارنة بالعملات التقليدية، وهي أن المتاح منها 21 مليون قطعة فيما لا يمكن التحكم فيها بشكل فردي.
غسيل الأموال؟
ويؤكد فون فرانكنبرغ يؤكد أن العملات المشفرة سوفتسهم في تحسين معيشة الناس خاصة في البلدان الفقيرة.وقال إن « بيتكوين عبارة عن أموال قوية وغير تضخمية، لذا أعتقد أنها سترفع مستوى المعيشة بشكل كبير في البلدان الأشد فقرا ».
وأثار ازدهار استخدام العملات المشفرة المخاوف من إمكانية استغلالها في عمليات غسيل الأموال، لكن فون فرانكنبرغ يرى أنه « لا يمكن أن يكون هذا الدافع الأساسي لاستخدام البيتكوين »، مضيفا أن جرائم غسل الأموال يمكن أن تحدث في بلدان يتم فيها تداول عملات مشفرة، لكن بنسبة أقل من الأنظمة المالية الأخرى. وأضاف أن التعامل بالعملات الرقمية يكون واضحا بشأن من يقف وراء المعاملة، مضيفا « لهذا السبب، لا يمكن استخدام البيتكوين في جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها ».
شعبية متنامية.. لكن!
يشار إلى أن السلفادور أصبحت العام الماضي أول دولة في العالم تقر بيتكوين كعملة شرعية للدفع، ما سمح بتداولها واستخدامها من قبل المستهلكين في جميع تعاملاتهم إلى جانب الدولار الأمريكي عبر تطبيق (Chivo Wallet) أو « محفظة شيفو ».
وقد أثار قرار السلفادور انتقادات من مؤسسات مالية دولية، حيث دعا صندوق النقد الدولي حكومة رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة إلى إعادة النظر في قرار اعتماد بيتكوين كوسيلة دفع رسمية بجانب الدولار.
بدوره، حذر كريستيان أمبروسيوس، المحاضر في معهد دراسات أمريكا اللاتينية في جامعة برلين الحرة، من أن السلفادور كانت « تخاطر باستقرار نظامها المالي » عقب تقنينها البيتكوين. وفي مقابلة مع دوتش فيليه، حذر أمبروسيوس من أنه « يمكن إساءة استخدام ذلك فهناك دولار وبيتكوين وهذا يجعل السلفادور مكانا جذابا لجرائم غسيل الأموال ».
ورفض الباحث الزعم بأن استخدام البيتكوين من شأنه أن يسهل عمليات تحويل الأمور ويجعلها بأسعار رخيصة، مؤكدا أنه « لا توجد حاجة لأن تلجأ حكومة إلى تقديم مناقصة قانونية خاصة بالبيتكوين من أجل ذلك ».
التعليقات مغلقة.