إنسانية الإنسان في عهد الإعلام الجديد..

حاول الباحث المتخصص في الإعلام والاتصال، هشام المكي في كتاب له متوسط الحجم في حوالي 200 صفحة مقاربة أزمة القيم في زمن الإعلام الجديد. ( الكتاب: الاعلام الجديد وتحديات القيم)

وقد جاء مضمون هذا الكتاب مفصلا على ثلاث فصول كبرى، حيث خصص الفصل الأول كمدخل مفاهيمي لضبط معاني الإعلام الجديد وأنواعه، حسب المدارس والنظريات الفلسفية، مبرزا الخصائص المميزة لهذا النوع الجديد في عالم الإعلام، كما حاول تسييج مفهوم القيم حسب منابع الاستمداد بين النظر الأخلاقي والمرجعية الدينية، حسب معتقدات كل ديانة.

أما الفصل الثاني فقد تناول فيه بالتفصيل السيرورة التاريخية، من خلال ذكر  أصول الإعلام الجديد وتحولاته على القيم الإنسانية، متتبعا تاريخ بروز الإعلام الجديد، بسبب التطور الهائل الحاصل في نظم المعلوميات والاتصال، مؤكدا أن هذا النوع الحديث في وسائل الإعلام، ظهر بشك جلي بفضل تطور النظام السيبراني لوسائل الاتصال والتواصل، مما نتج عنه تحول هوياتي للإنسان، بحيث جردت هذه المكنة الجديدة الإنسان المعاصر، من كل الحمولات والتصورات السابقة، حيث برز “الكائن الإتصالي”، والإنسان المتواصل، الذي لا ينفك عن عالم “الويب” “والويفي”.

في حين عالج في الفصل الثالث، التحديات التي فرضها التطور الهائل لوسائل الإعلام الحديث، على مستويات عدة من جهة المخرجات والمدخلات، وكذا من جانب الاستعمال المتزايد للأجهزة الإعلامية،  والتأثيرات السلبية لوسائل الاتصال على فئة الأطفال والشباب، من ناحية التنشئة الاجتماعية، والضبط الاجتماعي، وترتيب الأولويات، والتحكم في الرأي العام، والذعر الأخلاقي، فالتحدي القيمي للإعلام الجديد كما جاء في ثنايا الكتاب،   أمام ثلاث صور، إما خلق قيم جديدة، أو تدعم القيم والاتجاهات السائدة، أو تغير القيم والاتجاهات الموجودة.

كما تتبع تحديات الإعلام الجديد، على مستوى التواصل بين الأفراد، حيث أدى التطور الهائل إلى اتساع الفجوة التواصلية بين أفراد المجتمع، حيت تبدلت العوائد بين الأمس واليوم، فمثلا أصبحت التهنئة تقدم عن طريق آليات  التواصل الحديث “الوتساب”،  دون تحمل وعثاء السفر لزيارة الأقارب والأحباب، كما سعى إلى ذكر تحديات القيم السياسية بالنسبة للأحزاب السياسية، في مجابهة تحديات تطور وسائل الاتصال، كما لم يغفل القيم المعرفية  المترتبة عن الإعلام الجديد، من خلال دراسة طبيعة المحتوى الرقمي الذي ينشر في العالم العربي، والذي يغلب عليه جانب الترفيه والتسلية.

واختتم كتابه لبيان أن دراسة القيم الجديدة المترتبة عن الإعلام الجديد، بين عدة مسارات تشتغل إما على مستوى التهديد القيمي، أو مستوى النقد الأخلاقي للمحتوى الإعلامي، وفريق آخر مندهش لإمكانات الثورة الإعلامية الجديدة، معتبرا أن كتابه هذا محاولة لرصد وفهم أهم  التحولات المنبثقة عن الإعلام الجديد على كل المستويات.

فهد أوحسون صحفي متدرب