إضاءة نقدية في عنوان الرواية الموسومة ” كفارة الحبس للنساء ” للتونسية حبيبة المحرزي

الناقد السوري محمد مجيد حسين/ متابعة سعيد الهياق

” الثقافة هي ما يبقى فينا بعد أن ننسى ما قرأناه ” مكسيم غوركي

الأضداد.. وانزياحات الطمأنينة

تُشكل الجندرةُ، بمُختلف تشعباتها، ومؤثراتها،مناخاً شائكاً ما بين الأفكار وتطبيقها على أرض الواقع فمعظمنا يدَّعي تبني الذهنية التقدمية في الظاهر وفي بعض المواقف كحد أقصى، وعلى المحك تُكشر ذكوريتنا عن أنيابها، ويتبوأ العنف ماهية سلوكنا.
ثمة صراع أزلي جندري لهُ جذور ضاربة في التاريخ بين السلطة الذكورية والمرأة عبر صراع ونضال وديمومة تنتقل من جيل إلى جيل. أمهات تقتربن بتضحياتهن من مشارف الأساطير، وأخوات يبلغن أعلى سلالم هرم الإيثار. ثمة فتيات منحنَ أباءهمن أطواقا من الحنان والسعادة والأنثى الزوجة، حسب مفهومي، عظيمةٌ ولكنً الاختلاف وارد بل حتميً وثمة شريحة شبه محدودة ارتقت راببة التمرد.
فمنذ جلجامش والكائن البشري يعيش صراعا بين الجنسين يتمدد ويتقلص بحركة شبيهة بالمد والجزر والى اليوم والجدلية قائمة بين الجنسين بنسبية بينة وفق الانتماءات الدينية والمذهبية والاجتماعية والفكرية.

” كفارة الحبس للنساء” هذا النحت المتقن ما ذهبت إليه الروائية حبيبة المحرزي القادمة من بعيد لتنضم إلى موكب النساء الأحرار عاشقات الكرامة والحياة خارج قلاع العبودية والخنوع. وأن تسمي كاتبة شرقية روايتها ” كفارة الحبس للنساء” هنا يمكننا استساغة باقة من الهواجس المستندة إلى دوافع تصب في خانة الثورة على العبودية الذكورية دون تجاوز الخطوط الحمراء كإنسان لا كامرأة.

أي أنَّها تفضي بنا إلى ثورة على العبودية عبر خارطة طريق يرسمها العقل وتوجهها القيم الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية دون المسً بالثوابت والفضائل.
الحياة في عمقها قائمة على الثنائيات الجمال، قبح ، الكراهية، المحبة، الرجل، المرأة، والسلسلة تمتد بنا حتى لا نهاية جدلية العلاقة ما بين الأضداد كما ذهب إليها الفيلسوف ألألماني هيغل في الجدلية التاريخية ومن أشهر أقواله في هذا السياق” وحدة وتناقض الأضداد”.
الجدلية التأثير والتأثر كينونة الرجل ملازمة لوجود المرأة وكينونة المرأة مقترنة بوجود الرجل أي أن ووفقاً لهيجل الرجل والمرأة هما محور الحياة على سطح هذا الكوكب.
هنا نصل إلى المُتبغى من تسمية الرواية “كفارة الحبس للنساء”
ثمة مقولة شائعة ” الحبس للرجال ”

وهنا استبدلت الروائية المسند اليه من الرجال إلى النساء وكأنها أرادت أن تؤكد بأن لدى النساء المنظومة الأخلاقية ذاتها والتي تخرج من كينونتها المرذولة إلى الحمد والافتخار . فالرجل الذي يتفاخر بدخول السجن من أجل هدف نبيل بات لدى شريحة ليست بالقليلة من النساء أمرا ممكنا يحيل على القوة والصمود ما دامت الدوافع نضالية لإثبات الوجود.
فالمفردة ” كفارة” لها بُعد ترميميً يؤشر على إمكانية البدء من جديد على أسس صلبة صحيحة دون تعثرات ولا زلاّت فهي.
العودة للصواب لتصحيح مسار كان دون المؤمل لكن المستقبل سيكون أعتى وأجمل.
و”الحبس للنساء” صرخة لزعزعة الآخر وبيان أنً المرأة وإن ظلمت فهي قادرة على المواجهة دون خوف أو خضوع حفاظا على الكرامة والحرية.
وردا على المنظومة الذكورية المتسلطة.

منذ جلجامش والكائن البشري يعيش صراعا بين الجنسين يتمتد ويتقلص بحركة شبيهة بالمد والجزر.
يمكننا أن نستسيغ جملة من دموع الدوالي تختزل بمقولة واحدة المرأة أعلنت ثورتها على الطغيان الذكوري ولا موطئ قدم للعودة للتبعية.
محمد مجيد حسين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد