إصدار جديد: رواية “حراس ابن خلدون” لمحمد الهجابي..

صدر للكاتب والمبدع محمد الهجابي رواية “حراس ابن خلدون” (الصادرة عن دار القلم برسم سنة 2024 وفي نحو 350 صفحة من القطع المتوسط) معروضة، بمكتبة “الألفية” و”دار الأمان” بالرباط وكشك “طارق” بالقنيطرة.

الفهرس الرواية:
تقديم: راس الخيط
الباب الأول: في التعريف بذرية ابن خلدون
أ- أولاد ابن خلدون
ب- بنات ابن خلدون
الباب الثاني: موضوعات في السياسة ومفاعيل الزمن
أ- إطلاق سراح
ب- حليب السباع
ج- خيط الربح
الباب الثالث: رُمّانة القبّان
أولا) شهادات (1985)
ثانيا) شهادات (1990)
على سبيل الختم: والسارد إذا عنعنَ
—–
وفي ما يلي مقتطف من هذا العمل السردي الجديد لمحمد الهجابي:
«ليلة السبت، وإلى وقت متأخر منها، بقينا نشرب ونتحاكى، بينما ضمخنا رضوان بتبغ غليونه حتى وهو بطعم الفانيلا. ومنه ذاك الاعتكار في مزاجي ونحن نترقب ولوج السينما. وفي انتظار الساعة العاشرة، موعد الدخول، حدثنا أحمد عن سر ميله، في أول وهلة، لشخصية عبدو بنعاشور بوصفه «راس الخيط» لعمله السردي هذا. وقال: لكنني بمجرد ما فكرت في بنعاشور وجّ اسم ابن خلدون، التاريخ والحمولة والإشارة، إلى شرفة دماغي. وزاد قائلا: إن للرجل مرتبة تسمو إلى مقام الشيخ لدى ساكنة ابن خلدون. وبصرف النظر عن بعض عيوبه، فالرجل لم يؤذ أحدا، وإنما سلك مسلك الأوفياء الصادقين تجاه ابن خلدون. فُرض علي اسم دار ابن خلدون تلقائيا. بل فرض نفسه عليّ. ولم أستنبش الاسم من غور بئر كما ترى. ولم يتسرب في البال خلسة. فكرت في بنعاشور، ففكرت، بالنتيجة، في دار ابن خلدون. ليس ابن خلدون في هذا العمل مجرد مكان، بل هي شخصية روائية بحق كذلك. على أن كليهما يصلح “راس الخيط”، أليس كذلك؟
روى المخلوفي، في ما رواه على مسامعنا، في ذلك اليوم الذي التأمنا فيه حول فيلم «الكيت كات»، أن من بين الأشخاص الذين عاشرهم هناك بنعاشور الذي يصلح لشخصية رئيسة في فيلم ناجح. وكلمنا عن طفطافته Triumph Tiger 100. وقال إن ولعه بركوب طفطافته كولع الشيخ حسني (محمود عبد العزيز)، في فيلمنا، بركوب دراجة الموتوسيكل وقيادتها متوسلا بالسمع كحاسة أساس، وليس بحاسة البصر كما هو الشأن في حالة صاحبنا بنعاشور.
وافق رضوان رأي المخلوفي في بنعاشور. هل وافقه الرأي في ابن خلدون؟ لا أقطع بشيء. كنت أنصت وعيني على باب بلاص. أذني لهما وعيني لبلاص. كان الجو ربيعيا ودافئا، والشارع شبه خال. كنت ورضوان نلبس كسوة خفيفة فيما يرتدي أحمد بذلة كحلية. لم يفلح فنجان القهوة السادة في أن يخفف عني صداع الرأس، فطلبت فنجانا ثانيا. صديقاي اللذان انهمكا في سرد طرائف ومستملحات، كان بنعاشور سيدها ومدارها، لم يشفّا عن حال شبيه حالي. كأنما لم يشربا بيرات ببار لولو (كونتينونتال)، ولا زادا عليها في الشقة بنبيذ.
ابن خلدون الدار، أليست هي «راس الخيط» بالأولى؟ بلى، فالكتاب فصّل الأمر. إنها عقدة مسالك عمارة الحكاية، وملتقى مساربها ومَناور مفرقها.
من اختار ابن خلدون اسما للدار؟ أيكون الاسم ذا علاقة بصاحب «المقدمة»؟ أيكون ذا صلة بدار ابن خلدون للنشر والتوزيع ببيروت، وما انثال عنها من متون ونصوص محكمة سارت بعناوينها أقلام ومجامع أهل اليسار والتياسر؟ من وجّ الاسم إلى ذهنه فأطلقه على دار بحي الأطلس لا يميزها في شيء عن باقي دور الحي سوى أن أفواجا من الطلبة وردوا عليها من كل فج في البلاد وركن وربض، وتراوح آخرون السكن بها لسنوات؟ أيكون التفافا على منزل زنقة الطالعة الكبيرة، أسفل «درب سيدي الدراس»، في زقاق «رحاة الشمس الفوقية»، والذي سار بين ألسنة الناس من أنه للعلامة ابن خلدون، فباتت هذه الدار من تلك على سبيل الباروديا؟ أيصح ربط الاسم بما جاء في المعاجم، من أن لفظة «الخلد»: • في «لسان العرب» من: دوام البقاء في دار لا يُخرج منها (أي ليس لها مخرج، أو لا مخرج لها)… أيكون سكان هذه الدار ممن خلد المخلوفي أسماءهم بذكره الدار، قد خلدوها، هم بدورهم، بأثر الأطياف والأنفاس والأصوات التي تزاحمت بين حيطانها وبمضاجعها، فجبوا ما قبلها من معالم ومطارح، وصاروا لها، بالتالي، حراس مقام وأبدال مزار، وصارت لهم، من جانبها، حاضنة أسرار وكاتمة أخبار وموضع أختام؟ وهل دخلوها ولم يخرجوا منها حقا مثلما تشير إلى ذلك المعاجم المفسرة؟
أسوق هذه الشوارد دون أن أجزم بيقين. بل الرأي عندي، في تواضعه الجم، أن هذه الدار التي اصطفاها صديقي العزيز أحمد المخلوفي، دون سائر الدور التي عاقر، وخصّ بها هذا المتن، إنما فعل لكي يقول لنا إن الحيوات التي عمرت بهذه الدار، ضمن سياق سياسي وتاريخي معلوم، لا تمثل الدار بما هي دار، أي بما هي مكان فحسب، بقدر ما ومأت إلى حراك من البشر شملها لسنوات ومنحها سيرة سارت بها ألسنة الأقربين والأباعد. ومن هنا، ففرادة هذا المكان بالذات هي من الرأسمال الرمزي لذاكرته… ولما لم يكن عليه، بالتالي، سوى التفتيش عن «راس الخيط» به يفرز «ميزان الماء» من «ميزان الخيط» من «ميزان الزمبة» من عمارة الحكاية، عاد إلى جوارير صندوق دماغه يبحث ويروز، حتى إذا طلع اسم بنعاشور جعله مبتدأ خبر «دار ابن خلدون». ثمّ إن الخبر تدحرج ككرة ثلج، وتوسع كأصداء غرف، إلى أن بلغ حجم كتاب. وفي هذا، قال المخلوفي إنه فوجئ بالكتاب وقد أمسى في هذا الشكل وليس على النحو الذي تخيله في المرة الأولى. ثمّ إنه نسب الأمر إلى ألاعيب الكتابة المارقة… »
الإهداء: إلى محمد الحبيب طالب
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد