إشكالية تحديد لوائح ذوي الحقوق في الأراضي السلالية

لا حديث لسكان الجبال والمداشر والمناطق  المجاورة للمدار الحضري للمدن   إلا عن مشكل   الجماعات السلالية المتضررة التي تتوافد  هذه الايام  على مقرات السلطات المحلية لإيداع  طلبات التعرض  على  لوائح ذوى الحقوق  المنشورة  التي يظهر أنها  لم تخضع في إعدادها  للضوابط القانونية مما  سيفسح المجال للسطو على  الاراضى السلالية التي يشرف عليها  مجلس الوصاية لوزارة الداخلية بمقتضى ظهير 27 أبريل 1919 وتقدر مساحتها  ب 12 مليون هكتار يستغلها  9 ملايين نسمة تقريبا .

محمد طامة

و فى هذا السياق  جاء   الخطاب  الملكي ليؤكد  بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لمجلس النواب  يوم الجمعة 12 أكتوبر 2018   على  تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي  مما جعل  وزارة الداخلية تسارع  إلى  توجيه مراسلة إلى الولاة والعمال تشدد من خلالها على  إعداد اللوائح النهائية لذوي الحقوق.

و لمناقشة هذه الإشكالية المزمنة سنحاول  مقاربتها من اجل تعميق النقاش القانوني  حول مجمل المعايير   التي اعتمدتها  عملية تحديد لوائح ذوى الحقوق  و سنكتفي  بنموذج  الجماعة السلالية  ولاد سليمان الكائنة بجهة البيضاء-سطات  بدائرة سطات الشمالية .  والسؤال المطروح  ما هي  المعايير التي اعتمدها  نواب هذه الجماعة  لانجاز هذه العملية.

بالرجوع إلى اللوائح  التي تم نشرها  بمقر قيادة المزامزة دائرة سطات الشمالية  بتاريخ 18 اكتوبر 2018  يظهر أنها  مشوبة بعيوب شكلية و جوهرية  نجملها حسب التحليل الاتى

1- من حيث الشكل :

الملاحظة الاولى  التى تثير الانتباه هى  ان هذه العملية لم تخضع للبحث العلني  من اجل تحيين  اللوائح السابقة  على غرار  باقي الجماعات السلالية  التي قامت بتوزيع مطبوعات لوائح اجمالية خاصة بتحديد  لوائح ذوى الحقوق  تتضمن عنصرين اثنين فقط :الاسم العائلي و الشخصي و رقم البطاقة الوطنية معدة من طرف  السلطة المحلية بتنسيق مع الجماعة السلالية قصد تعبئتها من طرف السكان الأصليين  مهما كان مقر سكناهم  داخل تراب الجماعة او خارجها و إرجاعها إلى  مقر القيادات  داخل اجل  يحدد لهذه الغاية  من اجل تدقيق  هوية  ذوى الحقيق  على غرار باقي الجماعات السلالية نذكر على سبيل المثال  الجماعات السلالية  بدائرة ورزازات  مما يستوجب إعادة النظر في اللوائح المنشورة  نظرا لعدم استيفائها لهذا الشرط  الالزامى

الملاحظة الثانية  التي يمكن اثارثها  هو الطابع الاستعجالى لإعداد تلك اللوائح  التي  تم نشرها بعد 6 أيام فقط من  الخطاب الملكي  وهذا  دليل  على عدم إخضاعها  للبحث العلنى السالف الذكر و عدم احترامها للآليات  التي نصت عليها  الدورية  الوزارية  رقم 51  بتاريخ 14-5-2007  المتعلقة بتحديد لوائح ذوى الحقوق بالجماعات السلالية  و  كذا المراسلة الوزارية الموجهة للولاة و العمال في الموضوع  بعد الخطاب الملكي  مما يفيد  عدم احترامها لروح  و نص  التوجيهات السامية  و التوجهات العامة التي أملتها الظرفية الراهنة  التي جاءت بها المراسلة  المذكورة  و القرار الملكى المعلن عنه بالتاريخ المذكور 12 اكتوبر 2018  وهذا دليل على أن اللوائح معدة سلفا قبل افتتاح الدورة التشريعية  بمعنى أن  فترة يومين  غير كافية لانجاز هذه العملية على الوجه المطلوب  مما  يعرضها للبطلان  .

2-من حيث الجوهر

الملاحظة الاولى  التي تسترعى الانتباه   عند تفحص  اللوائح   هي أن  عدد المسجلين باللوائح  لا يتجاوز 135 فردا  و استثنت  العديد من المنتسبين  للجماعة السلالية  علما بأن هذه الجماعة السلالية تضم 4 دواوير تحتوي على ازيد من   500  كانون  وهى  اولاد  سليمان- اولاد طالب- العمامشة- اولاد المسناوى  و المشار اليها   فى  مرسوم 14-1-2014 بمثابة مقرر التخلي  يقضى بنزع ملكية العقارات اللازمة   لبناء  الطريق السيار  المحيط بسطات  بل نرى  أن  المحتجين  على اللائحة  يتساءلون كيف لمجلس نيابي مطعون فيه بمقتضى المادة 132 من القانون التنظيمي رقم11/59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية أن يشرف على وضع لوائح ذوي الحقوق التابعين للجماعة السلالية ، كما سجل المحتجون  تناقض قرارات المجلس النيابي في مجموعة من المواقف  كمحاباته لبعض أعضاءه وأقاربه في منح حقوق استغلال أراضي الجموع السلالية  هذا علاوة على العديد من الشكايات  التي  تقدموا  بها  حول ما أسموه بالاختلالات و التجاوزات  المتعلقة بتحديد اللائحة الاسمية لذوى الحقوق المعدة اثر دراسة ملف تفويت عقار تابع للجماعة السلالية إلى مؤسسة العمران –حسب ما جاءت به جريدة انفاس بريس عدد  28 مارس 2016-

الملاحظة الثانية  التي يمكن إثارتها هي الوقوف عند العبارتين   “قاطن و مستفيد”  المشار إليهما في اللائحة  فما المقصود  بهما ? و هل يمكن اعتمادهما كمعيارين لتحديد لائحة دوى الحقوق ? بدءا  لابد من التذكير بان الدورية رقم  51 بتاريخ  14-5-2007  لم تشر ضمنيا و لا  صراحة إلى  عبارة “الاستفادة”  اذ من شان اعتماد  هذا المعيار أن يفتح المجال  لغير المنتسبين إلى الجماعة السلالية ولاد سليمان بالاستحواذ على الملك السلالى   لان  الأراضي السلالية  هي أراضي مشاعة بين أفراد القبيلة، يستغلونها  وفق تنظيم قانوني محكم و متفق عليه من طرف أعضاء الجماعة تحت رقابة  الجهة الحكومية الوصية وبالتالي  وجب  إبطال هذا المعيار لتفادى الخروج من المشروعية  التي نص عليها  القانون المنظم للوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك   الجماعية   وتفويتها اى الظهير الصادر في 27 أبريل 1919 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 329 بتاريخ 18 غشت 1919، لذا فان   عبارة “مستفيد” ،  ليست لها  اية حمولة قانونية، بما يعني من نقصان الأهلية القانونية لواضعي اللائحة  ،  أضف إلى ذلك أن المحتل آو المترامي على الأرض السلالية  يعتبر بدوره مستفيدا  و قد  تسنح له الفرصة لينوب عن الجماعة السلالية  كما هو الحال بالجماعة السلالية ولاد سليمان  مما يستدعى معه  الطعن في أهلية   النائب السلالى  و الطعن في اللائحة التي اعددها   و هذا دليل كاف لإلغاء  معيار “الاستفادة” و تعويضه ب معيار “الانتماء”  مما يعرض  تلك اللائحة للإلغاء و للطعن المشروع  .  أما العبارة الثانية ” قاطن” قيمكن اعتمادها  في حالة الانتساب الى الجماعة و لذلك فقد  وضعتها الدورية 51 السالفة الذكر في المرتبة الرابعة بعد معيار الانتماء و الازدياد داخل الجماعة و بلوغ سن الرشد  ذلك ان الدورية اعتمدت 9 معايير مرتبة كل معيار يوجد في مرتبة اعلي من المعيار الذي يليه  ولا يمكن اعتبار اى معيار في حالة عدم  استيفاء المعيار السابق  وتبعا لترتيب المعايير التى  نصت عليها الدورية  وجب طرح السؤال التالي :   من هم  ذوو الحقوق ? حسب دراسة وزارة الداخلية  المبثوثة بموقعها اللاكترونى إنهم :  الأشخاص الذين ينتمون إلى الجماعة  السلالية  و يتمتعون بحق الانتفاع من الاراضى الجماعية و يطلق عليهم اسم “ذوى الحقوق” بمعنى أن كل من ينتمي إلى الجماعة السلالية  له الحق في استغلال الاراضى السلالية  بقوة القانون و بالتالي كان لا بد و الحالة هاته من   استحضار فلسفة المشرع  بشأنها  و تدقيق المعايير الواجب اعتمادها  في تحديد اللوائح

3- استنتاجات عامة

يتضح جليا أن حالة أولاد سليمان  تحيلنا إلى  المبادرة الملكية التي اعتبرها  بعض المحللين بمثابة  مقدمة في طريق إيجاد حلول خارطة طريق لوضع حد لأزمة الأراضي السلالية، التي عمرت لعقود من الزمن.  و دون ان ننسى أيضا   تقارير  الهيئات الحقوقية التي  نبهت بدورها إلى  تزايد العديد من الخروقات والتجاوزات التي أصبح يعاني منها أعضاء الجماعات السلالية  على الصعيد الوطني ، نتيجة عمليات تفويت أراضي الجموع للوبيات العقار بطرق مشبوهة ، داعية وزارة الداخلية إلى إيفاد لجنة تحقيق إلى  المناطق  المعنية  للتقصي في مسالة  لوائح ذوى الحقوق و الاغتناء الفاحش لمسئولين ومنتخَبين  لا ينتسبون إلى  الجماعات السلالية  ، بتواطؤ عدة أطراف تتكامل أدوارها  حسب ما أكدته  اللجنة الوطنية للدفاع عن الأراضي الجماعية السلالية بالمغرب المنضوية تحت لواء الجمعية المغربية للإصلاح والإنصاف الاجتماعي  اثر تأسيسها في بداية اكتوبر 2011  حيث  وعدت في إطار التزاماتها المبدئية وميثاقها التاسيسى  إلى رصد الخروقات ومواجهتها لدى المصالح ذات الصلة  و لتبني ملفات وقضايا نهب الأراضي   الجماعية السلالية أو بما يسمى بأراضي الجموع أو أراضي العرشية …

هذا ما نتمناه  أيضا  لساكنة ولاد سليمان  التي  عرفت بدورها  عدة تجاوزات  كما هو الحال  بالنسبة  لنازلة  مازالت مترسخة في ذهني عندما   تم تفويت ملك  سلالى  الى شخصية غير سلالية  و نزعها بالقوة  بدون اى سند شرعي  رغم تدخل المرحوم بوشعيب السليماني  الذي دافع عن المظلوم  بكل ما أوتى له من  جهود  مشكورة لكنه اصطدم  بقوة خارجة عن إرادته  آنذاك  ونتمنى أن يحدو النواب السلاليون  الحاليون حدوه لخدمة المصلحة العامة.

إن الوضع  مازال قائما بالجماعة السلالية ولاد سليمان حسب ما  نشر في  الجريدة الرقمية  المذكورة   التي نشرت  قضية احتجاجات السلاليين السليمانيين  بخصوص   الخروقات التى  عرفتها عملية  تحديد اللائحة الاسمية لذوى الحقوق  مما جعلهم  يطالبون  بإلغاء اللائحة المطعون فيها  و هذا ما أكدته  التعرضات   الحالية على اللائحة  موضوع الطعن  التي تجاوزت 150 تعرضا  إلى حدود  يوم الجمعة 9 شتنبر 2018 حيث انطلقت عملية التعرض منذ  نشر اللائحة  و التي يباشر إجراءاتها  طاقم ادارى  بالقيادة  اظهر تحمسه و رغبته في إنجاح هذه العملية  تحت اشراف قائد و خليفة  القيادة  المعنية

تلك إذن هي ارتساماتنا حول  هذا الموضوع  بخصوص الاراضى السلالية  الذي  أعلنت عنه  المبادرة الملكية  خلال دورة اكتوبر التشريعية المنصرمة بعد  مرور 60  سنة  على أول  بادرة  قامت بها الدولة المغربية في عهد حكومة عبد الله ابراهيم ( 1958-1960) حيث قامت بتوزيع جزء من الاراضى الجماعية وصلت  مساحتها آنذاك إلى 110 ألاف هكتار لكن هذه الآلية  الشفافة توقفت منذ  ذلك التاريخ و حلت محلها مسطرة التحايل على انتزاع الأرض من أصحابها و حرمان ذوى الحقوق  من حقوقهم المشروعة  فهل سيعيد التاريخ  نفسه وإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه سلفا آم أن الوضع سيبقى على ما هو  عليه.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading