إسبانيا تحاكم نفسها اليوم
أزول بريس - يوسف الغريب
وسواء غادر المجرم أم اعتقل..فهو على الأقل قدّم لنا خدمة اكتشفنا من خلالها هذا الجار الشمالي وحجم العداوة والنفاق.. يوسف الغريب
إنّ فاتح يونيو 2021.. وأيّاً كانت قراراته القضائية.. وسواء غادر المجرم أم اعتقل..فهو على الأقل قدّم لنا خدمة اكتشفنا من خلالها هذا الجار الشمالي وحجم العداوة والنفاق.. يوسف الغريب
أحالني هذا الماثل أمام القضاء الإسباني اليوم إلى مشهد التحقيق من هوية رأفت الهجان بتلاثة أسماء مختلفة.. ( هل أنت كوفي لوهين.. أم جوندارلي.. أم رأفت الهجان..)
تماما كالماثل اليوم أمام أنظار العالم وهم يبحثون عن هوية هذا المخلوق الذي يحمل جواز سفر اسباني باعتباره عميل سابق للمخابرات الاسبانية تحت رقم تحت رقم 8360 ببطاقة هوية B-7248055، وكان يتآمر على أهله في المناطق المحتلة قبل العام 1975، وعلى رفاقه داخل جبهة البوليساريو التي تأسست قبل التاريخ المذكور بعامين فقط، وكان يمدها بتقارير سرية يتقاضى لأجلها مبالغ مالية مهمة..
أم هو ابن بطوش بجواز سفر دبلوماسي جزائري… أم مغربيّ من الرحامنة كما تشير إلى ذلك بعض المصادر..
لذلك حار كل المتتبعين لأطوار هذه المحاكمة الصورية كيف استطعت أيها القاضي أن تتوصّل إلى اسمه الحقيقي.. ونفس الشخص دخل إلى إسبانيا بتزكية وتواطئ من حكومة بلدك بهوية مزوّرة وانتحال صفة كما مدوّن بسجلات المستشفى..
لماذا تمّ تغييب هذه النقطة الجوهرية أصل الأزمة مع بلدنا.. وهي أهمّ بكثير من ملفات هذا المجرم المتعدد الأوجه والهويات كأي مرتزق..
لماذا تأخرتم سيدي القاضي كل هذه المدة.. ولم تحركوا مسطرة الاستنطاق إلاّ بعد التهديد الذي جاء في البلاغ الأوّل لوزارتنا الخارجية.
إن فاتح يونيو وإطلاق مسطرة استنطاق هذا المجرم وبكل السيناريوهات فهو من حيث الشكل انتصار لبلدنا في فضح عالمي لمخطط سريّ حيك بين دولتين داخل البيوت المغلقة..
هو رضوخ واستسلام للمغرب بل واعتراف بقوته ونفوذه.. وإلاّ كان بإمكانكم أن تبقوا أوفياء لوعودكم مع العصابة الجزائرية..
وتعلنونها تحدّياً في وجه بلدنا.. وأن تخرجوه علنا وأمام الرأي العام العالمي.. ففي آخر الأمر هو شأنكم الداخلي..
لم تستطيعوا.. لأنها فضيحة أخلاقية بالأساس سقطت القناع عن كل الشعارات ذات الصلة بالمرجعية الحقوقية والمدنيّة..
فضيحة لطخت وجه تاريخكم الحديث كأي دولة راعية ومحتضنة لمجرمي الحرب..
لذلك اعتبرت محاكمة اليوم وبشكلها وهزالتها محاكمة للضمير والوعي الإسباني..
محاكمة لكل الصراخ والعويل الذي رافق هذه الفضيحة.. حد التهديد الصريح بالحرب ضدّنا كما جاء على لسان وزيرة الدفاع ذاك التهديد الصادر عن الشخص المرتبك والملتبس بجريمة خرق القوانين الدولية أمام العالم..
هي محاكمة لكل المسؤولين الإسباني الذين حاولوا أن يأخذواالموضوع إلى عناوين أخرى مثل الهجرة من جهة.. والموقف من الصحراء المغربية.. آخرها إدّعاؤهم الكاذب بالانسحاب من مناورات الأسد الإفريقي 21.. والحال أن بلدي هي من قامت بطردكم منها..
لأنّكم لا تستحقون الاحترام والتقدير كبلد يحترم التزاماته مع شركائه..
أنتم فقط كما في تاريخكم قراصنة البحر لاغير.. ولولا فضل الاتحاد الأوروبي بداية ثمانينيات القرن الماضي لبقيتم يد عاملة في آخر قوارب الصيد المغربية.. ففي رمشة عين ودون أدنى احترام للانسان استعملت السلطات الإسبانية العنف من قنابل الغاز والهراوات وألقت بالمهاجرين في البحر، في صور يُكشف عنها مؤخراً، كما أسفر عن ذلك تحقيق لجريدة ليبراسيون الفرنسية وتقارير منظمات حقوقية دولية
علماً أنّ بلدنا كان أول دولة تطرح موضوع الهجرة في السياق الدولي ، من خلال استضافتها المؤتمر الأوروبي الافريقي الأول للهجرة والتنمية ، الذي توج بإعلان الرباط 2006. وقناعة راسخة مؤمنة بأن الهجرة ظاهرة عالمية يجب التعاطي معها ضمن روح الشراكة وبطريقة متشاور بشانها . وهذا لا يتم من خلال ابتزاز إعلامي ولا عن طريق المزايدات اللفظية
هذا هو مغرب اليوم.. مغرب الوضوح والانتصار للقيم الإنسانية
ويكفي لكل صناع الرأي الإسباني والمهتمين بهذه الأزمة المفصلية طبعا.. يكفي العودة إلى كل البلاغات الصادرة عن وزارة خارجيتنا.. أوتصريحات سفيرتنا بإسبانيا ليقف عند الجمل والمفردات المستعملة والمختارة بدقة وحرفية كبيرة. كلها تعود إلى مرجعية القيم والتربية والأخلاق.. وبأستاذية مؤدبة ومهذبة مقابل لغة مرتبكة عند الأسبان..
ها هو (المورو) يعطيكم دروسا في الدبلوماسية الأخلاقية ويطالبكم بتحيبن معطياتكم البئيسة
إنّ فاتح يونيو 2021.. وأيّاً كانت قراراته القضائية.. وسواء غادر المجرم أم اعتقل..فهو على الأقل قدّم لنا خدمة اكتشفنا من خلالها هذا الجار الشمالي وحجم العداوة والنفاق..
لذلك كان البلاغ الأخير لوزارتنا بأن المحاكمة لا تعني حل الأزمة.. بل هي نصف فرصة تدفعنا إلى إعادة فتح كل الملفات.. بدءا بتحديد الموقف من الصحراء المغربية.. وصولاً إلى قضيتي سبتة ومليلية.. والنظر في كل جرائم الحرب المرتبة في حق المغاربة بالشمال..
فالجار الوحيد الذي نثق فيه اليوم هو المحيط الأطلسي.. ومغرب الموانئ
غير ذلك فمناورات الأسد الإفريقي 21 قد انطلقت قرب المحبس وعلى مرمى حجر من جزر الكناري..
وأكثر من ذلك لبوءة مغربية برلمانية بوحدها أوقفت عملية التزوير بجنوب إفريقيا حليف ذاك المجرم وعصابته.. – يالها من صدفة-
وأقلّ من ذلك بلغت نسبة التطعيم الجماعي والتحصين من الوباء أكثر من 30٪ من المغاربة دون أن نتوسّل الصدقات من أحد..
وخارج كل هذا وذاك..وانتم تتذكرون وصية إليزابيث التي ربطت قوة إسبانيا بضعف وفقر المغرب..
فإننا نتذكر وصية الملك المغربي محمّد الرابع الذي حاول تحرير مدينة سبتة ولم يفلح في ذلك..
فنحن مغاربة محمد السادس ذاهبون لتحريرها..
فالزمن التاريخي بطيء جدّاً..
لكنّه غير منقطع..
التعليقات مغلقة.