أٓلواليد، ما تبقاش تهضر بالشلحة!
- الطيب أمكرود //
في الموروث الشعبي حكاية للبغل حينما تم سؤاله عن أبيه، فكان جوابه بكون أخواله هم الخيل.
حال البغل كحال عدد من ضعاف النفوس من الناس، لقد تجنب البغل أن يذكر أن أباه هو الحمار، ظانا منه ان انتسابه للحمير يسيء إليه وينقص من شأنه وسط محيطه، وهو بالضبط ما يحدث لعدد من الأمازيغ وأبنائهم وبناتهم ممن ينكرون انتماءهم لظنهم أن ارتداء لباس الغير سيستر عوراتهم.
يغفل هؤلاء أن اللغة أداة للتواصل، وأن الرقي الإجتماعي او الإندماج وسط المجموعات الجديدة… لا تقتضي بالضرورة إنكار الذات والتنكر للأصل والهوية، ويعتقدون أن قبول الآخر لك يقتضي بالضرورة أن تهجر ذاتك وتغادر كينونتك وتتشبه به، وهو ما أدى لإنتاج عاهات مجتمعية تافهة أضاعت مشيتها وهي تحاول تقليد مشية من تظنه أرقى، فأضحت كمثل طائر أبغايش في الحكاية الأمازيغية.أعجب أبغايش بمشية الحمامة، حاول تقليدها ولم يفلح، فأراد استعادة مشيته القديمة فلم ينجح، فأضحى يقفز منذ تلك اللحظة، وهي تماما حال المنكرين ذواتهم منا.
لقد اضطر آلاف الآباء لهجر دواويرهم والهجرة بسبب ظروف الطبيعة والاقتصاد، وانتقلوا وأسرهم من عوالم تسود فيها الأمازيغية كلغة وثقافة وهوية لا ينافسها أي نظام آخر، نحو أوساط تسود فيها أنظمة لغوية أخرى كالدارجة والحسانية.
في اوساطهم الجديدة، وفي ظل سنوات الرصاص الثقافية التي مارسها ويمارسها بعض المواطنين في حق إخوانهم اكثر وأفظع من السلطة، بكل أساليب العنف اللفظي والرمزي، في ذاك المناخ ولدت أجيال كثيرة، أسهم الآباء والأمهات المغلوبون على أمرهم، وتوابل السياسة والمجتمع الجائرة، في مسخهم هوياتيا.
حيث حرم آباء وأمهات كثر فلذات أكبادهم من لغتهم الأم وأنشأوهم بألسن مناطق الاستقطاب، وعاشت بيوت ازدواجية لسانية فجة حيث ظل الأب والأم يتخاطبان بلغتهم الأمازيغية ويخاطبون أبناءهم بالدارجة أو الحسانية، تكالبت على الأمازيغية مختلف الظروف حتى أضحى ضعاف النفوس يرونها علامة من علامات الدونية يتوجب تجنيب الأبناء لعنتها المزعومة.
يتألم المرء وهو يستمع لابن أو ابنة في ريعان الشباب يمارس السلطة على احد أبويه فيأمره بعدم الحديث بالأمازيغية، زاعما أنها تقلل من شأنهم، ويحدث أن تزور أحد المستلبين، فيطلب منك بكل وقاحة أن لا تحدثه بالأمازيغية أمام الناس لأنهم لا يعرفون أنه “شْلْحْ”…
فمتى يفهم البعض منا أن منكر أصله مذموم، والمتضجر من اهله واهم، وأن العقل يقتضي أن يقبلك الآخر كما أنت لا كما يريد هو، وأن الأمازيغية كنز عريق ثليذ يجب أن نفتخر به جميعا، وليس العكس.
التعليقات مغلقة.