أي مقاربة لمساعدة النساء العالقات في دواليب الدعارة ؟

يفسر البعض الدعارة أو البغاء بممارسة خدمات جنسية مقابل مادي، ويرى الآخرون  أنها رمز الفقر في المجتمع ومهنة مقيتة ، فضلا على أنها ظاهرة قديمة قدم المجتمع وفعل حرام شرعا و جريمة قانونيا .فهو إذن طابو اجتماعي خطير لما يشكله من زلزال أسري واجتماعي وأخلاقي .

فلكل حكايتها مع التعاطي للدعارة ،منها من ربط ذلك بالفقر و العوز ،ومنها من سلكها انتقاما .فكانت ردود و تصريحات متباينة للنساء العالقات في الدعارة .ففاطمة .ع كان جوابها عن أسباب ممارستها لهذه الرذيلة ،مادي إثر فقدانها لزوجها تاركا لها ثلاثة أبناء ،ناهيك عن مصاريف الكراء و تمدرس الأبناء ،لتخرج من المنزل إلى وقت متأخر من الليل ،تاركة أولادها بمفردهم  .هذا وقد سبق لفاطمة أن اشتغلت كخادمة في بيت أحد الفلاحين بمدينة أكادير ،لكن الأجرة التي تتقاضاها عن ذلك ،لم تسد رمقها مما دفعها لكي تصبح عاهرة  .

إلى ذلك ،فقد ذهب بعض السوسيولوجيين ،إلى تسمية دعارة المتزوجات  بعلاقة خارج مؤسسة الزواج أو خيانة زوجية ،حيث كشفت الاحصائيات أن 44 في المائة من ممتهنات الدعارة متزوجات .

“نعيمة .ر” متزوجة دخلت هذا العالم لعدم كفاية أجرة زوجها لتحمل مصاريف الكراء والتغذية ،ولم تدري أنها يوما ستستمر في طريق الزنا وتسقط في براثن الدعارة . وهي تسرد للجريدة بمسحة حزن عميق على وجهها وبنبرة أسى وتلوذ بصمت دفين .

“نادية .ن ” طالبة بجامعة ابن زهر بأكادير  ،تقول عن تداعيات ولوجها للدعارة ،حيث تريد أن تعيش حياة الرفاهية، وتحصل على مبالغ مالية قصد الاثراء السريع ،والتباهي أمام زميلاتها بشراء ملابس آخر موضة ،وهواتف راقية .

وللتصدي لهذه الآفة ،طرح بعض المختصين مقاربات لمساعدة النساء العالقات في دواليب الدعارة ،نساء قهرهن الزمن و الوضع الاجتماعي المعقد .

فهذا الدكتور  أحمد ليسيكي ،أستاذ علم النفس بجامعة إبن زهر ،يؤكد أن الاسباب المؤدية إلى بزوغ الدعارة بشكل ملفت هي أسباب اجتماعية وتجلياتها تؤثر في واقعنا الراهن مبرزا ان هذه الظاهرة قديمة لكن أن تجد طريقها إلى نوع من الاستفحال بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية جعله يبحث عن مكونات هذه الظاهرة من الداخل ،بغية التعرف على طبيعة العاهرة أو العاملة في الجنس ،والتساؤل عن الدوافع الحقيقية التي جعلتها تصدق في جسدها من أجل الاسترزاق طلبا للارتقاء الاجتماعي ،أو من أجل بلوغ اللذة الجنسية التي تفتقر إليها في دفء الأسرة .

وخلص الأستاذ أحمد ليسيكي إلى أن  هذا الجسد له تداعيات كثيرة و أساسيات مختلفة، منها بالأساس الوضعية الهشة التي تعرفها عل مستوى الدين و القيم الأخلاقية ،إضافة إلى المبادئ الأسرية وعلى مستوى نفسيتها كأنثى ، مشددا على وضع آفاق مفتوحة على المستوى التربوي أو المهني لتمكين من تكييف المرأة من اجل أن تكون قادرة على قيادة المجتمع .

اما على المستوى الديني  يقول الدكتور  عبد الله الراجي، أستاذ بكلية الشريعة بأيت ملول، أن المعالجة الشرعية لهذه الظاهرة ،يستلزم تنزيل أحكام الشريعة على واقع الناس، ولا يمكن معالجة هذه الظاهرة إلا بفقه  واقعها من الواقع الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي والصحي وغيرها من المقاربات، مؤكدا أن في هذا الاتجاه كانت الشريعة سباقة إلى الحديث عن هذه الظاهرة باعتبارها مهدمة للبناء الأساسي في المجتمع الذي هو الأسرة، حيث كانت الشريعة الاسلامية تدعو إلى إيجاد حلول تهم إعطاء الناس حقوقهم ومطالبة الالتزام بالواجبات التي تفرضها الشريعة والقانون.

فلا خيار عن علاج هذه الظاهرة دون الحديث عن الجانب التربوي والأخلاقي والايمان الشرعي، وتدخل العديد من المسؤولين من وزارة الأوقاف والصحة والأمن وغيرها من الهيئات لتظافر الجهود في إطار مقاربة تشاركية من أجل إيجاد الحلول لهذه الظاهرة سيما أن جميع المقاربات أبانت قصورها لوحدها .

ومادام  أن الهدف مشترك و الرؤية واضحة ،فعلى جميع المتدخلين أن يساهموا في إطار الحكامة الجيدة ،لتحقيق التنمية على أساس إحداث مشروع يساعد هذه النساء لإيجاد حلول ناجعة لأوضاعهن الاجتماعية .

وليبقى السؤال المطروح،هل هذه الشريحة لها قابلية المشاركة في هذا المشروع المجتمعي ، ويرضين بمشاريع ربما تدر عليهن دخلا أقل مما يتقاضهن من براثن الدعارة؟ ومن المسؤول عن الدعارة الرجل  بما أنه هو المبادر أو المرأة أو هما معا ؟


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading