بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للمرأة أجد من الضروري تناول قراءة في تموقع النساء التونسيات بالخارطة السياسية و هل أن المساواة مجسدة في هذا الإطار خصوصا بعد مرور عدة عقود على صدور مجلة الأحوال الشخصية التي منحت المرإة حقوقا و مكتسبات كثيرة؟ بقراءة متأنية في هذا الجانب يصدمني واقع لا يمكن التغافل عنه إذ أن عدد الوزيرات و كاتتبات الدولة -مثلا-في حكومات ما بعد الثورة يعتبر محدودا جدا،أما عدد الواليات فلم يتجاوز الواحدة و هي الموجودة حاليا على رأس ولاية نابل بعد أن كانت هي نفسها والية على أريانة ، مع العلم أن ولايات الجمهورية تبلغ أربعا و عشرين، هذا و لا يتجاوز عدد المعتمدات عشرين في أكثر من 300 معتمدية موزعة على كامل أنحاء البلاد،و لكن تمثيلية المرأة في مجلس نواب الشعب تقارب درجة المعقول و ذلك بعد أن فرض القانون الإنتخابي حضورا لافتا للمرأة على هذا الصعيد فلم يسجل التغييب “حضوره” و أن ما تمتعت به المرأة التونسية في الإنتخابات البرلمانية انعكس أيضا على الإستعداد للإنتخابات البلدية إذ إشترط القانون الإنتخابي التناصف العمودي و التناصف الأفقي عند تقديم القائمات المترشحة لخوض غمار هذه المنافسات التي ستشهدها تونس لأول مرة منذ قيام ثورة 14 جانفي 2011 بعد أن تم تأجيل موعدها في أكثر من مرة،و بلا شك فإن هذا المكسب الإنتخابي يحمل بارقة قوية من الأمل في أن تصير تمثيلية المرأة في الحياة السياسية متوهجة و ذات وقع واضح في اتخاذ القرارات و في تنفيذ السياسات التي تحدد المسار من أجل مستقبل أفضل للبلاد.
و في جانب آخر يسترعي انتباهنا الحضور الضعيف للمرأة في واجهات الأحزاب و في المراكز القيادية بها و هو ما يتطلب وعيا أكيدا لمزيد ادماج المرأة داخل هذه التنظيمات.
صحيح أن المرأة التونسية قد إكتسحت -بكفاءتها الكبيرة و بحضورها الفاعل -كافة المجالات و تغلبت في بعضها على الحضور الرجالي و لكن تظل نسبة تمثيليتها في المجال السياسي دون المأمول و هو ما يفرض توفر إرادة قوية في رؤساء الحكومة -سواء الحالي أو من سيأتون بعده – لتدعيم تكليف المرأة بالحقائب الوزارية و لتعزيز نسبة تعيينها في سلكي الولاة و المعتمدين و ذلك حتى تكون مكاسبها شاملة و تمس مختلف الميادين، و في هذا الصدد فإني أشيد بمجموعة من الأقطار الإفريقية التي مكنت المرأة من فرص كبيرة في الحياة السياسية تضاهي البلدان المتقدمة من نسبة تمثيلية النساء داخل التشكيلات الحكومية و في البرلمانات و في غيرها من اوجه النشاط السياسي.
لذا فإن الإنتظارات كبيرة في تونس حتى تصعد المرأة بالكيفية الجديرة بها في سلم المسؤوليات السياسية العليا و تتبوأ-عمليا و بالكامل-المكانة اللائقة التي أسستها مجلة الأحوال الشخصية منذ ما يزيد عن الستين عاما.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.