تازناخت: أية أهداف لمهرجان الزربية الواوزكيتية ؟
اختتمت الدورة السادسة لمهرجان ” الزربية الواوزكيتية ” ، بتازناخت ، منذ أيام ، وجمعت كل عارضة من نساء ءايت واوزكيت و ءيزناݣـن ما عرضته من الزرابي وغيرها من المنسوجات ، لتعود به إلى حيث جاءت به ؛ وفككت الخيمتان ، خيمة رواق الزربية ، و خيمة الأنشطة الثقافية للمهرجان ، الموازية لعرض المنسوجات الصوفية . كما فككت منصة عروض الغناء والموسيقى ، و توقف ضجيجها ، و ذهب زوار الرواق ، وتفرقت جموع المحتشدين والمحتشدات أمام منصة السهرات ، وانقشع الغبـار ، وانتهت المآدب ، وعادت حركة سيارت النقل بين القرى ومركز تازناخت إلى إيقاعها العادي ، ليتحسس المستفيدون، في مختلف بنود المصاريف ، جيوبهم ، ويستريح المتعبون والمتعبات من عنائهم . ينفض المهرجان ، وتبقى تازناخت في انتظار الدورة القادمة .
ينفض دون أن يقدم المشرفون عليه ، أو القائمون به تقريرا تقييميا له ، يبرز جوانب النجاح ( إن وجدت) وجوانب الإخفاق ، ليكون الرأي العام المحلي والإقليمي والجهوي ، بل والوطني ، على بينة من الأمر . وهذا حقه . ولعل غياب هذا التقييم ، بل وحتى تصريح عن هذه الدورة وغيرها من الدورات السابقة من هذا المهرجان ، يعكس العشوائية والإرتجال الذي يطبع إقامـتـه ، منذ ” تنظيم ” الدورة الأولى ، إلى الآن .
ومن حق الرأي العام أن يتساءل عما حققته الدورات الست المقامة ، حتى الآن ، من هذا المهرجان ، من أهداف ( إن كانت هناك أهداف واضحة و محددة في أذهان المشرفين عليه والقائمين به ) ، وذلك مقابل الأموال التي تصرف عليه ؟ ، وحتى لا يبقى المهرجان نفسه هو الهدف .
ويحق لنا ، من موقعنا ، أن نتساءل : ماذا تحقق ، بعد ست دورات من مهرجان الزربية الواوزكيتية ، ماذا تحقق على الصعيد العملي ، أي على مستوى تحسين الوضع الإقتصادي و الإجتماعي لنساء أيت واوزكيت وإيزناكن ، وأسرهن ؟ ، أي ماذا تحقق على مستوى تسويق زربية أيت واوزﯖـيت وءيزناﮜـن ، بل هل تحقق شيء ، أصلا ؟
الواقع ، وبعيدا عن النظرة التبخيسية لعمل الآخرين ، فإننا لا نلاحظ في الميدان أي تحسن على صعيد تسويق منتوجات تلكم النسوة ، الصانعات المفنات الكادحات ، من المنسوجات الصوفية ، وفي مقدمتها الزربية ؛ فلا زالت هذه المنسوجات تباع بأثمان بخسة ، مما يعني أن أي تحسن لم يطرأ على الوضع الإقتصادي والإجتماعي لأسر تلك النسوة . فأي أثر للمهرجان ، إذن ؟
وتكفي زيارة واحدة لسوق الزرابي بتازناخت ، حيث نساء أيت واوزﮜـيت وءيزناﯖـن ، اللائي يعرضن عرق جبينهن من الزرابي وغيرها من قطع النسيج ، للبيع ؛ وسيجد الزائر أن بعضهن جالس جنب حائط بناية مجمع الصناعة التقليدية ، وبعضهن واقف ، وهن يعرضن عرق جبينهن من المنسوجات للبيع . وبالتأمل مليا فيهن ؛ في أوضاع وقوف بعضهن وجلوس الأخريات ، وقراءة ملامح وجوههن ، سيدرك الملاحظ مدى المعاناة التي يعشنها ؛ ففي هذا السوق يقعن تحت رحمة تجار وسطاء بينهن و بين أصحاب ” بازارات ” مراكش ، اولئك التجار الذين لا تظهر الشفقة على ملامحهم وحركاتهم وكلامهم ، والذين يكون همهم الوحيد هو انتزاع قطعة المنسوج من صانعته بأقل ثمن ، حيث تضطر العارضات للتخلي عـنـها ، تحت وطأة الحاجة ، بأبخس الأثمـان .
وإذا كان واقع نساء ءايت واوزﯖـيت وءيزناݣـن ، المبدعات لفن المنسوجات الصوفية ، قد ظل هو هو ، كما كان قبل انعقاد المهرجان ، و بعد عقد ست دورات منه ، فمعنى هذا أن انعقاد كل هذه الدورات لم تساهم في تحسين الوضعية الإقتصادية والإجتماعية لهؤلاء النسوة و لأسرهن ، كما هو مأمول ومنتظر .
وإذا كانت المشكلة مشكلة تسويق ، أي تسويق المنسوجات الصوفية لنساء ءايت واوزكيت وءيزناكن ، وفي مقدمتها الزربية ، بالثمن المناسب والمجزي ، فإن الهدف المرحلي الذي من شأنه أن يوصل إلى ذلك يتمثل في إيجاد آلية حديثة للتسويق ، داخل الوطن وخارجه .
ومن الواضح أن هذا يتطلب وجود خلايا إعلامية ، من بين تلك النسوة ، سواء منهن المنضويات في إطار التعاونيات ، أو غير المنضويات . ولا يتأتى ذلك إلا بتوفر أفراد تلك الخلايا على التكوين المطلوب ، سواء على مستوي المعلوميات أو على مستوى ثقافة التسويق الحديثة .
وللوصول إلى ذلك ، نقترح أن يجري اختيار فتيات متوفرات على المستوى الدراسي الذي يؤهلهن لاكتساب التكوين المطلوب ، في المعلوميات وفي ثقافة التسويق ، على أن يتوفرن على عدد من اللغات الأجنبية ، كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية ، …
و في حال ما إذا لم تتوفر اللغات الضرورية ، من المطلوب أن توفر لتلك الفتيات فرصة اكتسابها من خلال المرور بفترة دراسية تكون كافية لاكتساب المستوى اللغوي الوظيفي المطلوب ، بإشراف الوزارة المشرفة على قطاع ” الصناعة التقليدية ” ، و تمويل منها . وذلك لتتعلم نساء ءايت واوزﯖـيت و ءيزناݣـن اصطياد السمك ، الذي لا يعطىاهن ، أصلا
هذا ، وإن عملية تكوين خلية معلوماتية أو أكثر ، حسب الحاجة ، و تحقيق مستوى التمكن الوظيفي من اللغات الأجنبية المطلوبة ، عند عضواتها ، ينبغي أن يسير بموازاة مع تنظيم مهرجان الزربية الواوزكيتية ، وشقيقاتها من المنسوجات الصوفية ، ولكن على أساس تصور جديد ، يتجاوز النظرة التلقائية الحالية التي يقام بها المهرجان ، حتى الآن .
فإذا كانت منطقة تازناخت لا تشمل كل المجال الجغرافي لأيت واوزكيت ، فإنها هي التي تمثل المركز الرئيس لزربية ءايت واوزݣيت وبقية المنسوجات الصوفية لكل هذا المجال الجغرافي . وإلى جانب ذلك فإن منطقة تازناخت تضم قبيلة ءيزناكن الكبيرة المعروفة بمنسوجاتها الصوفية ، أيضا ، والتي تتشابه مع منسوجات ءايت واوزﯖيت في بعض الملامح ، لكنها تحتفظ بطابعها الخاص .
فالمطلوب ، إذن ، هو الإنتقال إلى أفق جديد يبنى فيه المهرجان على أساس تصور جديد يستمد منظوره من المعرفة العلمية التي من شأنها استحضار مختلف المتغيرات المتعلقة به (المهرجان ) بالوضوح النظري الكافي ، وذلك بدءا بتصور المفاهيم ، ووعي الدوافع ، و تمثل الأهداف ، و الإحاطة بالمكونات ، ومعرفة مختلف الإجراءات ، إلخ … ، على ضوء رؤية تدبيرية مقتصدة في صرف الغلاف المالي المرصود ، تبنى على التقويم المستمر ، لكل العمليات ، و لكل دورة من دورات المهرجان ، على حدة . ومن المعلوم أن مختلف القرارات ، في الدول والمجتمعات المتقدمة ، لا تتخذ إلا على ضوء المعرفة العلمية ، وعلى أساس نتائج البحوث التي تجرى في هذا القطاع أو ذاك . وقد آن الأوان أن نعي هذا ، وأن نطمح إلى الإنخراط فيه شيئا فشيئا .
وفي هذا الإطار ، نقترح أن تنشأ لجنة يتكون أعضاؤها من ممثلي الوزارة المشرفة على القطاع والجماعات الترابية بمنطقة تازناخت ، وخاصة منها جماعة تازناخت ، و ممثلين عن بعض الجمعيات ، يبنى إشراكهم على أساس الموضوعية ، لا بدافع حيثيات أخرى ، على أن يكون أعضاء هذه اللجنة ، بالنسبة لمختلف الأطراف، مؤهلين للقيام بالعمل المطلوب ، لا مجرد أشخاص لشغل مقاعد العضوية فيها .
وتلك مقترحات نعرضها أمام أنظار مختلف الأطراف المعنية بقطاع صناعة النسيج التقليدي الصوفي بمنطقة تازناخت ، وعموم ءايت واوزﯖـيت ، آملين أن تكون أرضية لانطلاق حوار بناء وصريح وشفاف ، للإنتقال بهذه الصناعة الإبداعية الفنية الثقافية ، التي تمثل وجها حضاريا مشرقا من وجوه وطننا ، على المستوى الدولي ، إلى المستوى الذي تكرم فيه نساء ءايت وازݣـيت و ءيزناﯖـن ، في معنويتهن ، وعلى مستوى حياتهن وحياة أسرهن الإقتصادية و الإجتماعية .
محمـد فــراح
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.