أنوال: ” ذكرى جريدة”

15 نونبر1979- 15 نونبر2013. 34 سنة مرت على صدور العدد الأول من تجربة
إعلامية رائدة بصمت عقول وقلوب الكثير من المناضلين في ثمانينات ومنتصف
تسعينات القرن الماضي ومازالت ذكراها تحفر عميقا في ذاكرة الكثيرين منهم.
وكما كتبت جريدة الاتحاد الاشتراكي في ذكراها الثلاثين”… وتبقى أنوال
أرضنا المشتركة لكل من يريد أن يقيم بنزاهة فوق ترابنا…”

“أنوال” فكرة انبثقت في ثنايا الحلم بوطن ديمقراطي يتسع للجميع
وبإمكانيات بسيطة ونكران ذات من مناضلين . مرت الجريدة من شهرية إلى نصف
شهرية إلى أسبوعية فنصف أسبوعية ثم يومية بالإضافة إلى         ” أنوال
الثقافي” و”دفاتر أنوال الاقتصادية “.

” أنوال”التي افتتحت عددها الأول ب”…لا يكفي أن تكون قضيتنا عادلة..”
في إشارة إلى تطورات ملف الوحدة الترابية للمغرب آنذاك وهي الجملة التي
لا تزال صالحة في ظل الأوضاع الراهنة لهذا الملف. وكانت القضية الوطنية
إلى جانب النضال الديمقراطي(دمقرطة الدولة والمجتمع ) وإعادة الاعتبار
للجانب الثقافي من ضمن ابرز الدوافع التي حركت طموح الإصدار حسب افتتاحية
العدد الأول.

“أنوال” التي انتصرت منذ البداية لمركزية الثقافة في المشروع السياسي
فكانت صفحاتها مجالا للتداول الفكري والنظري لقضايا الحداثة والديمقراطية
والاختلاف عبر فضائها “فكر وحوار” ثم بعد ذلك في إطار” أنوال
الثقافي”الذي كان مفتوحا لكل الحساسيات الفكرية والثقافية.  فكانت”
أنوال” قاطرة لمشروع نهضوي يتكامل فيه الثقافي والسياسي حيث كان ماركس
حاضرا إلى جانب ياسين الحافظ وعبد الله العروي…

ورغم ارتباطها تنظيميا بمنظمة23 مارس قبل 1983 و بمنظمة العمل الديمقراطي
الشعبي بعد ذلك فان” أنوال” استطاعت أن تنفلت من عقال الالتزام الحزبي
الضيق وتصبح لسانا ناطقا باسم الجميع وصار للحلم الذي انطلق من لاشيء
تقريبا  امتداد جماهيري وشعبي كبيرين.

“أنوال” التي تألقت بتفوق في المزج بين الالتزام السياسي والموضوعية في
التحليل و الجرأة في النقد في محطات تاريخية بصمت الحركية المجتمعية
لمغرب نهاية الألفية الثانية ونتذكر هنا على الخصوص انتفاضة 20 يونيو
1981 ويناير 1984 واعتقال قيادة الاتحاد الاشتراكي بعد موقفها من
الاستفتاء ومنع جريدة المحرر وبداية التسعينات أولا في حرب الخليج
الثانية  ثم في محطة التعديل الدستوري لسنة1992 وكذا محاكمة واعتقال
نوبير الأموي ولا ننسى تغطيتها المتميزة لنضال المعتقلين السياسيين وكفاح
العمال وخاصة أتذكر هنا ملحمة عمال مناجم جبل عوام.

“أنوال” التي توقفت ذات ليلة من شتنبر 1996 قبل أن تتزين صفحتها الأولى
بمانشيت عريض”… لاشيء في الدستور( في إحالة على مشروع دستور 1996)
يجعلنا نقول نعم…” وهو المانشيت الذي صدر صباح ذلك اليوم على صدر جريدة
“الأنوار” التي كان يديرها الرفيق احمد الخمسي.

399202_500621193339320_1806143824_nمع” أنوال” التي كانت… نتذكر اليوم اصد قاءا  ورفاقا وأساتذة ساهموا
جميعا في نحث هذا العنوان في ذاكرة الإعلام المغربي( والتي من الصدف
الجميلة انه يحتفل بيومه الوطني في ذكرى صدور” أنوال”) تفرقت بهم السبل
المهنية والسياسية ومنهم من قضى نحبه(عبد السلام الموذن- حسين كوار- محمد
برني- احمد بنعزوز… ومنهم من نتمنى لهم طول العمر( محمد بنسعيد ايت
ايدر…) ومزيدا من التألق لكثيرين يصنعون تألق العديد من التجارب
الإعلامية في مغرب اليوم.

ومن اجل المساهمة في حفظ ذاكرة اليسار  الديمقراطي المغربي وتوثيقها لدي مقترحين

– الأول أتوجه به إلى قيادة الحزب الاشتراكي الموحد وهو أن تعمل على
تجميع أعداد” أنوال” على امتداد 17سنة وحفظها الكترونيا عن طريق المسح
الضوئي حتى تكون رهن إشارة الباحثين والمهتمين.

– والثاني إلى قيادة تحالف اليسار الديمقراطي وهي تستعد للتحول إلى
فيدرالية بالعمل على إعادة الحياة لهذا المشروع من خلال توفير الشروط
المادية والتقنية والبشرية لإعادة إصدار ” أنوال” لتكون ناطقة باسم
الفيدرالية.

واختم بجملة اقتبسها من احد جنود الظل الذين أعطوا الكثير ل”أنوال”
الرفيق عزيز عوينة”… تحية خالصة للرفاق وأسرهم الذين رحلوا وهم يحملون
بين جوانحهم مشعل الحرية الذي ما انطفأ برحيلهم وتحية لمن ساروا في الدرب
على نهج وخطى هذا المشعل الذي لن ينطفئ مادام في القلب شيء من أنوال”.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد