أنا و البحر..تجربة الشاعر والكاتب ” حسن أبراهيم أموري’’

عندما تحاول أن تصف مدينة أكاد ير لا تستطيع الغوص في الوصف دون أن يقف البحر شامخا بزرقته يلوح في الأفق. إنه سيد الطبيعة في هذه المدينة، شاهد على تاريخها وجمالها، أعجب الناس بسخائه، أحبوه وعشقوه، لذلك بصم حياتهم فهو في حد ذاته عمق و حياة و أسرار .

         وإذا كان الشاعر هو صديق اللغة ومهندسها فشاعرنا الأستاذ ” حسن  أبراهيم ” هو بدوره عشق البحر حي ألفه فجعل منه صديقا وخليلا،  يشد به أزره،  بل يصنع منه مادة لكتاباته، فحينا يحكي له أحزانه وأتراحه وحينا أخر يستمع له ولأمواجه. شاعرنا يحاول فهم رسائل الأمواج ويؤول لغة البحر لصالحه لتكون طاقة ودفقة نفسية تساعده على الإبداع والعطاء .

          ” أموري ” هو الشاعر الذي ترعرع في سوس العالمة، تربى بين أحضان جبالها وتلالها، فانتشى بعمق قيمها حتى صار فارسا من فرسان الكتابة والشعر، فأصدرعدة منجزات فنية وأدبية فراكم تجربة مهمة في مجال الكتابة و الأدب.

       ولعل من بين قصائده التي أثارتنا كمتتبعين نجد هذه  القصيدة التي  يجالس فيها الشاعر البحر في شكل بلاغي مشحون بالاستعارات والمحسنات البديعية  :

nkkin d  yill  ”أنا و البحر ‘

gawrɣ s yil nkki dis nga sin itnɣ

rbuɣ ixf ar swngimɣ iggi n ujaṛif ,

anlli iẓẓay usin ifdawn n usqsi !

ngr s iẓṛi  inu yawi  t waḍu yawit id

iga zun d azzan mẓẓin ɣ ifasn n innas ,

ar nsaqsa tayuɣin yat ɣ tama n yat ,

tanna d iddan nluḥ asmammi nu tawi t

ar nsifsus aẓaẓu walli aɣ ibrrin :

max a yill ar iffrg ufgan aɣaras ns

ɣinna ɣ izri imdi gis tizza d usnnan ?

nga takniwin ar itgalla yan ɣ yan !

max a yill ar ittagwr waṭṭan asafar

uḍnn iḍbibn wida nɣ ukan issutln

iwiɣ aggas inu darsn yaru mnnaw ?

max a yill ar tati tguḍi inu tumrt

atin ussan n imṛzig wid n timimin ?

max a yill akal ad inw ur yi sul uman

immaɣ aɣ waḍu d tagut nili ɣ ijawwan ?

nga zun d ifr yasusn ar yi snnkfan !

max a yill achrrig inw ur jud imun

utin iɣrisn d izzan willi t in ikkan ?

itrm anɣ uṣmmid akhnif ikka tasut !

max a yill ur ufiɣ afra gim a tudrt

akal ismɣi d lhul yutn s iẓuran ?

iḥrch iblis ismd asn amazir issu t !

max  a yill ar ttatin imawn tiram

azrg ar iẓẓaḍ aqur awrn ur ufiɣ ?

nkrz nsrut nzuzzr t asiɣ iwrman !

Aourir , juillet 2013

         انطلاقا من هذه القصيدة يتبين أن الشاعر له صلة قوية بفن القول والصياغة الفريدة لترجمة الإيحاءات إلى تجربة شعرية متفردة.  في هذه القصيدة يفتح الشاعر قلبه للبحر، يستغيث به بل يستمد القوة منه، تلك القوة الروحية والطاقة الجمالية التي من خلالها سيواجه الشاعر أمواج الحياة. يعتبر الشاعر البحر طبيبا نفسيا ومؤنسا ساعة الوحدة فنجده يطرح عليه أسئلة استفهامية، أسئلة الألم و الحرمان والإقصاء، أسئلة الاغتراب داخل الوطن، ربما شساعة البحرورحابته وسخائه وجبروته كدالك  كلها عوامل تساعد على جعله ملجئا وحضنا لمناجاته و العودة إليه .   

الشاعر والكاتب ”حسن ابراهيم ” أصدر عدة كتب منها ما هو شعري وروائي وقصصي وهناك خيط رفيع نابض يربط بين كل هذه الأعمال أو المنجزات الفنية ألا وهو الانتصار للقيم . كتابة شاعرنا تتميز باستثماره لجل مظاهر الثقافة الأمازيغية من أساطير وحكم وأمثال وتاريخ … كما أن أعماله تتجه إلى نقل وجهة نظره حول قضايا كثيرة يعج بها المجتمع المغربي و المجتمعات الإنسانية فهو يحاول محاربة الرداءة في بناء الكلمة وضعف الصياغة وسطحية المعنى … يدافع وبرافع بشعره عن هموم الإنسان في المغرب وفي بلاد تمزغا، يرافع عن الحضارة الأمازيغية وعن الهوية الأمازيغية التي تعرضت لجروح كثيرة عبر العصور التاريخية .

          رغم هذه المعاناة فالشاعر بإبداعاته هاته يبتعد عن التشاؤم في كتابته بل يحدوه الأمل والطموح الجامحين والرغبة الأكيدة في التغيير والبناء والعطاء. ولعل أفضل دليل على دلك هو استمراره وعزمه على مواصلة الكتابة والعطاء بشكل غزير.

           إن أشعار وكتابات ” حسن ابراهيم” تنم عن حكم وعبر منشؤها الاحتكاك بالمجتمع ، والانصهار ضمن فعاليات ثقافية يستمد منها طاقة ايجابية للإبداع فيتحدث بلغة تمزج بين عبارات شفيفة تدل على معاناته مع الأخر وعبارات أخرى قوية يرد ويدافع عن حق الوجود وحق الحياة  الكريمة .

 وفي الأخير ،إن تجربة الشاعر حسن أبراهيم تستحق المزيد من البحث و الدرس و التأمل النقدي العميق وما قمنا به في هذا المقال لا يعدو أن يكون سوى محاولة للتعريف الأولي بالشاعر ففي الحقيقة نجده قد راكم تجربة تستحق الاشتغال عليها في اعداد البحوث الجامعية خاصة في سياق الدراسات الأمازيغية .

واليكم بعض الصور لعناوين و إصدارات الكاتب والشاعر ”حسن ابراهميم ” وأملنا كبير بان يطلع عيها أبناؤنا وطلبتنا في شعب الماستروالدراسات الأمازيغية قصد نقدها وكتابة قراءات موازية وتحليلة لها .

بقلم ذ.الفنان عمر أيت سعيد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد