لست ممن يناصرون الديكتاتور بشار الأسد ضدا على الإمبريالية الأمريكية، و لست ممن يناصرون الإمبريالية الامريكية ضدا على الديكتاتور بشار الأسد. التجربة وحدها علمتني و من موقع المعايشة خطر النظام البعثي الاستبدادي على شعبه و على الشعب الفلسطيني بحكم انني عشت في سوريا قرابة أربع سنوات و نيف و عاينت الممارسات الاستبدادية التي استهدفتهما، و علمتني التجربة خلال وجودي بالولايات المتحدة الامريكية مدة 7 سنوات خطر السياسات الخارجية الامبريالية في عهد بوش الابن و قبله بيل كلينتون على العديد من الشعوب العالم الثالثية و ضمنها شعوب عربية. لكن ضرب سوريا في عهد ترامب لا يدفعني البثة للاصطفاف إلى من يدعمون ديكتاتورية بشار الأسد، لان الأخير بممارساته الديكتاتورية ضد شعبه و ضد الفلسطينيين، يجعلني مقتنع أن هذا النظام سواء في عهد الاب حافظ أو الابن بشار، يجب أن يزول نهائيا فقط لان المنطق الديمقراطي السليم يقضي بأن ينعم الشعب السوري بنظام ديمقراطي تعددي علماني مدني يحفظ له سيادته و وحدته الترابية الوطنية و إرادته المستقلة في اختيار نموذج حكمه بعيدا على النموذج العسكريتاري الديكتاتوري الدي حكم و يحكم الشعب السوري بمنطق الاستبداد و الديكتاتورية المغلفة بشعارات الممانعة و التوازن الاستراتيجي و الوحدة العربية و ما الى ذلك من الشعارات البراقة التي لا تصلح سوى للاستهلاك الأيديولوجي.
الأسد لا يستخدم فقط السلاح الكيمياوي في ضرب معارضيه سواء كانوا يساريين أو إسلاميين إرهابيين يخدمون اجندات قطرية أو سعودية، و إنما يستخدم كل الوسائل بما فيها وسائل التضليل الإيديولوجي و الديماغوجي لتصوير ان المعركة التي يخوضها هي من اجل محاربة الإرهاب، فكيف لنظام بعثي كان مند البداية يساعد الإرهابيين مثل أبو نضال بغاية قتل قياديين قادة في حركة فتح يزعم انه يحارب الإرهابيين؟ و كيف لنظام بعثي ديكتاتوري يزعم محاربة الإرهاب و هو الذي مارس أخطر الأشكال إرهابية في حق الفلسطينيين خلال سنوات الحرب الاهلية بلبنان حيث قتل العديد من الفلسطينيين و شارك الفاشيين المسيحيين اللبنانيين في خططهم التي كانت تنتهي في كل مرة بتنفيذ مجازر رهيبة في حق الفلسطينيين.
نظام الأسد الديكتاتوري و الفاشي كان اخطر نظام يناقض مرجعيات القومية العربية و الوحدة العربية عندما اصطف الى جانب دولة الامام الخميني الثيوقراطية لضرب دولة البعث العراقية التي يفترض انها شقيقته في العروبة و الأيديولوجية بينما مشروع الامام الخميني هو استهداف لكل المرجعيات المتعلقة بالقومية العربية و بالوحدة العربية.
الذي يدعون المعارضة اليسارية في سوريا لمواجهة الديكتاتور بشار الأسد عليهم ان يخجلوا من انفسهم عندما يطالبون الولايات المتحدة بضرب سوريا، لانهم بذلك يرتكبون نفس الخطأ الخدير الذي ارتكبه من كانوا يعتبرون انفسهم معارضة عراقية يسارية و قومية عندما طالبوا الابن جورج بوش بالتدخل في العراق لإزاحة صدام حسين حيص كانوا يتوهمون ان التدخل الأمريكي سيخلصهم من ديكتاتورية صدام و بانهم سيحلون محله في حكم الشعب العراقي بتصورهم الهلامي الملتبس.
فلا يمكن لتدخلات أمريكا العسكرية في العراق او في سوريا أن تحل مشكلة الديمقراطية و ضمان السيادة الحرة و المستقلة لهما، و الذين ساهموا في تعميم هذا الوهم بان التدخلات الخارجية ستخلص شعبهم من ويلات الاستبداد و الديكتاتورية ارتكبوا خطأ خطيرا لا بد و ان يحاسبوا عليه في يوم ما، لان ادبيات النضال الوطني لكافة حركات التحرر الوطني العربية كانت تعي بشكل أساسي لأهمية استقلال كل مكونات الحركات الوطنية العربية في نضالها من اجل حماية و الدفاع عن بلدانها و استرجاع أراضيها المستعمرة. فكما يجب إدانة الديكتاتورية في عهد صدام حسين في العراق يجب إدانة إملاءات القوميين و اليساريين الذي طالبوا جورج بوش ان يغزو العراق و الإطاحة بالديكتاتور صدام حسين، و في نفس الاتجاه بالقدر الذي يجب فيه إدانة ديكتاتورية و فاشية بشار الأسد، يجب إدانة ضربات أمريكا ترامب الموجهة إلى الأراضي السورية، فأي حل في العراق يجب أن ينبع من خطة نضالية ليسار وطني حقيقي مستقل عن مخططات القوى الخارجية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.