أكادير: تنظيم ندوة فكرية حول: التعاون اللامركزي وتحديات التنمية بجامعة ابن زهر.

أزول بريس

تم عقد لقاء الدراسي جمع أكاديميين، باحثين، مهتمين و منتخبين يوم السبت 15 يناير 2022 بقاعة الماستر- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –جامعة ابن زهر أكادير.
بمبادرة من الفريق البيداغوجي لماستر حكامة الجماعات الترابية والتنمية المستدامة وفريق البحث في القانون العام والحكامة، و في إطار التعاون مع المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، نظمت كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بجامعة ابن زهر لقاءا علميا في موضوع : ” التعاون اللامركزي و تحديات التنمية “. ويأتي اللقاء كمواصلة لسلسلة اللقاءات الدورية الهادفة التي تتيح تبادل التجارب وتحديد مسارات تفكير وآفاق “واعدة” للشأن الترابي، من خلال التطرق لمواضيع ذات راهنية واهتمام مشترك بالنسبة للجماعات الترابية. وفي هذا الإطار، تقوم هذه الوحدات الترابية بتطوير آليات وأشكال مختلفة من التعاون والشراكات من أجل مواجهة الإشكالات المتشعبة التي لا يمكن للجماعة الواحدة أن تتولى زمامها بمفردها. ويعتبر التعاون اللامركزي الدولي من بين أهم هذه الآليات، باعتباره مقاربة متكاملة لصقل التجارب، وتعبئة الموارد، واستكشاف طرق جديدة للتدبير على أساس رؤية استراتيجية مواكبة للجماعات الترابية.
انطلق هذا اللقاء العلمي الهام صبيحة يوم السبت 15 يناير2022 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بقاعة الماستر برحاب الكلية، . وتميز بالحضور الفعلي لعميد الكلية الذي نوه بنوعية موضوع اللقاء، الذي يسعى إلى الإحاطة بكل جوانب التعاون اللامركزي من خلال تقديم تدخلات تتقاطع فيها قراءات معرفية أكاديمية مؤطرة من قبل أساتذة جامعيين بحضور طلبة باحثين من ناحية، و سرد للتجارب الترابية المختلفة من قبل فاعلين ترابيين من ناحية أخرى. كما عبر السيد العميد على حرص جامعة ابن زهر بمثل هكذا لقاءات على مسايرة انفتاحها على محيطها في علاقة تأثير و تأثر محليا و جهويا. من جانبه نوه رئيس الجلسة الدكتور رضا الفلاح، مدير فريق البحث في القانون العام، بالموضوع ذي الراهنية، باعتباره مدخلا وآلية للتنمية الترابية، حيث أصبح يكتسي بعدا “استراتيجيا” ورافعة لتحفيز وتحسين إطار عيش السكان. وسيسمح اللقاء بدراسة المقاربات الممكنة للاستفادة أكثر من هذه الآلية، بعدما وسع دستور المملكة لسنة 2011 من اختصاصات الجماعات الترابية في هذا المجال وأصبحت بذلك “حلقة أساسية” للتنمية المستدامة.

ولرفع تحدي توفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة للمجال الترابي، يجب عقلنة تدبير الموارد المالية والبشرية، بالإضافة إلى الرفع من القدرة التنافسية للجماعات. وكموضوع لمداخلته، اعتبر الدكتور “التعاون اللامركزي كمدخل للتنمية بالمغرب”. وأكد على أن نجاح هذه الآلية رهين بتطويره في إطار علاقات متكافئة، مع الحرص على إعطائه بعدا اقتصاديا تنمويا خالقا للثروة يشرك فاعلين آخرين من الخواص، عوض الاقتصار على توظيفه في معالجة مشاكل اجتماعية و التي من المفروض أن تتكفل بها الدولة. وخلص الدكتور الفلاح إلى غلبة الطابع العمودي التقليدي المرتبط بالإرث الكولونيالي، الذي يختزل التعاون اللامركزي في المفهوم الضيق للتضامن و المساعدات، حيث يتم التركيز على مشاريع ذات بعد تنموي محدود في معزل عن السياسات العمومية في غياب واضح لثقافة وسياسة التقييم. كما دعا إلى الانتقال من التعاون المركزي شمال-جنوب إلى منطق جنوب-جنوب، و بالتالي نموذج جديد يقوم على خلق الثروة، مستحضرا لأساليب جديدة في التدبير مبنية على نقل الخبرة، و لما لا نقل التكنولوجيا عند الاقتضاء. ولقد تساءل الأستاذ عن سر اقتصار التعاون اللامركزي للجماعات الترابية المغربية مع أوربا وعدم توسيعه ليشمل باقي القارات، وكمثال لذلك محدودية اتفاقيات التعاون اللامركزي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر حليفا تقليديا واستراتيجيا هاما للمملكة.

وتطرق الدكتور الحسين الرامي، منسق ماستر حكامة الجماعات الترابية ورئيس المركز المغربي للدراسات وتحليل السياسات، في مستهل كلمته للمكانة الدستورية التي أصبحت تتمتع بها الجماعات الترابية في ظل دستور المملكة لسنة 2011، حيث خصص الباب التاسع منه للجهات والجماعات الترابية. وجاء النص الدستوري بمجموعة من المبادئ المنظمة لعمل الجهات وباقي الوحدات الترابية أهمها مبدأ التدبير الحر ومبدأ التفريع. ولقد أرسى المشرع من خلال الوثيقة الدستورية تصورا جديدا في إطار إرساء دعامات الجهوية المتقدمة. توج هذا التصور بصدور القوانين التنظيمية الجديدة للجماعات الترابية سنة 2015 والتي سعت في فلسفتها إلى تعزيز قدرات المجالس المنتخبة وكذا الهياكل الادارية للجماعات الترابية في تدبير الشأن الترابي بمنحها آليات وهياكل للعمل، إذ نصت على إحداث مؤسسات للتعاون بين الجماعات التي تشكل إحدى أهم الآليات التي توظفها الجماعات الترابية لتجسيد التنمية التشاركية بعناصرها ومفهومها الواسع نظرا للمزايا العديدة التي تحققها في الاستجابة أكثر للحاجيات المتنامية للسكان.

وتناول الدكتور الرامي بإسهاب موضوع ” آليات التعاون اللامركزي و سؤال النجاعة ” من خلال الإجابة على مجموعة من التساؤلات خاصة المتعلقة بأسباب قلة اتفاقيات التعاون اللامركزي المفعلة. واستهل عرضه بسياق بروز هذه الآلية بربطها بالتطورات السياسية، القانونية، الإدارية و الدستورية التي عرفها المغرب. كما أوضح كيفية مساهمة التعاون اللامركزي في التنمية، إلى جانب السبل و الطرق الممكنة لتجاوز العراقيل و بناء تعاون مشترك ناجع داخليا و خارجيا. كما تحدث الدكتور عن ضرورة تقوية القدرات التدبيرية للجماعات الترابية وقدرتها على الترافع و التفاوض على أسس متكافئة. واختتم بالمقاربات الممكنة من اجل تعزيز مركزها القانوني والتفاوضي للجماعات الترابية، واعتبر أن تأهيل النخب مدخل لا مناص منه لكل مشروع إصلاحي يروم خدمة قضايا التنمية.
كان اللقاء فرصة لحضور باحثين وأكاديميين و مهتمين لسماع كلمة السيد محمد افقير، رئيس جماعة النحيت بإقليم تارودانت، رئيس مؤسسة التعاون بين الجماعات حوض ارغن، التي تضم ست جماعات، للتعريف بتجربة التعاون اللامركزي المغربي الفرنسي من خلال : مشروع حوض أرغن، كنموذج للتعاون اللامركزي في مجال تدبير الموارد الطبيعية. ولقد عقد هذا التعاون بين مؤسسة التعاون بين جماعات حوض أرغن و مجموعة Montpellier Méditerranée Métropole بفرنسا، و التي تضم 31 جماعة فرنسية. و برزت أول ملامحه نتيجة تعاون بين وكالات حوض سوس ماسة بالمغرب و Rhône Méditerranée Corse associées و منطقة l’Hérault بفرنسا، من اجل إعداد مخطط للتهيئة والتدبير المندمج للمياه (SAGIE) بحوض أرغن. ولقد تنامت هذه المبادرة و توسعت و عرفت زخما كبيرا بفضل اتفاقية التعاون اللامركزي بين قطب Montpellier Méditerranée Métropole و مؤسسة التعاون بين الجماعات حوض ارغن.
والتقرير من إعداد الطلبة الباحثين بسلك ماستر حكامة الجماعات الترابية و التنمية المستدامة:
مصطفى بلحاج، محمد شرموش، علي الطايش، أحمد بغرار ومحمد اوعجين.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading