أكادير أوفلا : حدود التماس بين التاريخ والذاكرة والتراث وتمثلاتهم

أثار وجود جرافات في أكادير أوفلا وهدم سوره ردود فعل قوية من طرف فاعلين مدنيين لا يشك أحد في غيرتهم على مدينة أكادير. ويعود رد الفعل هذا لما لأكادير أوفلا، الذي تستمد منه المدينة إسمها، من مكانة هذا المكان في قلوب الأكاديريين لما له من تاريخ عريق وحمولاته الثقافية والتاريخية. كما أن التأثيرات الإنسانية والنفسية لوجود رفات شهداء زلزال أكادير لسنة 1960 في عين المكان لا زالت لم تنذمل بعد في نفوس أبنائهم وأحفاذهم.

ومنذ الفاجعة اختلطت لدى الأجيال التالية خطابات التاريخ والذاكرة والتراث، وتحت تأثير الخطاب المنتج لا أحد تساءل إن كان السور الحالي هو نفسه سور القصبة الذي يعود للقرن السادس عشر. ولا يعلم إلا القليلون بأن السور الحالي لم يبن إلا بعد الزلزال الذي دمر بشكل شبه كلي أكادير أوفلا وحوله لمقبرة جماعية لشهداء الفاجعة، وأنهت الجرافات ما تبقى حين فقد الأمل في إيجاد أحياء. ومنذ ذلك الحين والأنقاض تخفي سورا تاريخيا يحتاج للتنقيب لإعادة إظهار ما تبقى منه. وهذا يعني أن العلاقة الوجدانية التي رباها أبناء أكادير لمابعد الزلزال بأكادير أوفلا، خاصة السور، متعلقة ببناية جديدة لا علاقة لها بالقرن السادس عشر ولا بالسعديين، (باستثناء الباب والعبارة أعلاه). فإذا كان المكان يحمل هذه الحمولة التاريخية فالبناية في حد ذاتها ما هي إلا محاولة لحفظ ذاكرة مجروحة ببناية جديدة. وبعد 60 سنة وكنتيجة لمنظور الأكاديريين وكذا الزوار وتحت تأثير الخطاب التراثوي للمرشدين السياحيين أصبح لهذا السور نفسه تاريخا عريقا يعود لقرون، يثير المساس به ردود فعل قوية.

إن هيكلة أكادير أوفلا يستلزم التدخل على مستويات عدة ومنها إعادة بناء السور باحترام القوانين المعمول بها في هذا المجال والالتزام بالتقنيات العلمية كما هي متعارف عليها لدى المتخصصين. ومن شأن هذا التدخل أن يظهر ما تبقى تحت الأنقاض من السور التاريخي وتهيئة الفضاء الداخلي بشكل يسمح بإعادة بناء ذاكرته شريطة احترام تاريخ وقدسية المكان ورفاة الشهداء وفي نفس الوقت يساهم في تنمية مدينة أكادير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد