أغنية فاض الكاس .. بين أصالة الكلمة وحداثة الموسيقى…
بقلم الفنان بشير إرگي
” فلسفة الموسيقى فرع من الميتافيزيقا، أو الأنطولوجيا (فلسفة الوجود بما هو وجود)، وهي في هذا تختلف عن النقد الموسيقي وعن الفلسفة الجمالية للموسيقى كليهما. ” الدكتور كريم الصيّاد
” فاض الكاس” هي الأغنية الجديدة للفنان محمد جبارة بكلمات الكاتب علي الداه، تأتي كعمل موسيقي مليء بالأحاسيس والقضايا الاجتماعية العميقة التي تستحق قراءة نقدية متأنية.
قراءة في الكلمات:
الافتتاحية: “من حالنا شاخو صبيان..
من صغرنا رابو لكتاف”
تقدم بداية الأغنية صورة شديدة العمق عن المعاناة التي تثقل كاهل الإنسان منذ طفولته. الكاتب يستخدم صياغة شعرية مكثفة تسلط الضوء على النضج المبكر الذي تفرضه الظروف القاسية، حيث يتحول الأطفال إلى رجال قبل أوانهم، وهو تعبير عن الانكسار الاجتماعي الذي يستهلك براءة الطفولة.
“فاض الكاس”: .. يرمز هذا العنوان إلى لحظة الانفجار أو النقطة التي لم يعد فيها الإنسان قادراً على تحمل الضغط. هذه العبارة الافتتاحية تعبر عن حالة من الاحتقان النفسي والاجتماعي، وتشكل محور الأغنية الذي يدور حوله العمل الموسيقي ..
الرسائل الاجتماعية للأغنية:
الأغنية تسلط الضوء على الإهمال المجتمعي والضغوط التي تتسبب في فقدان التوازن النفسي. الكلمات تتجاوز الفردية لتلامس قضايا أوسع، مثل الظلم، الفقر، والقسوة التي تواجهها المجتمعات.
الجانب الموسيقي:
محمد جبارة، كفنان عالمي، يوظف ألحاناً تمزج بين الأصالة والحداثة. اللحن في هذه الأغنية يعكس عمق الكلمات باستخدام إيقاعات متصاعدة تدعم تصاعد المشاعر. هناك توازن مميز بين الموسيقى الهادئة في البداية، التي تعكس الانكسار، وبين الإيقاعات القوية لاحقاً، التي تعبر عن الانفجار.
الأداء الصوتي:
جبارة يؤدي الأغنية بإحساس عالٍ يعكس معاناة الكلمات. صوته يجسد الألم والغضب معاً، ما يجعل المستمع يشعر بأنه شريك في هذه التجربة الإنسانية العميقة.
القيمة الفنية:
الأغنية تجمع بين الشعر والموسيقى لتعبر عن واقع اجتماعي مرير، وهي تسهم في رفع الوعي بقضايا مجتمعية حساسة. الكلمات لا تقدم فقط وصفاً للواقع، بل تدعو المستمع على التفكير وإعادة النظر في مواقف إنسانية كثيرة…
الفيديو كليب “فاض الكاس” للفنان محمد جبارة يعد من الأعمال الفنية التي تحمل أبعادًا رمزية ودلالات قوية، خصوصًا عندما يتم تقديمه بالأبيض والأسود. استخدام هذا الأسلوب البصري يعكس أجواءً خاصة تحمل معاني متعددة ودلالات فرمزية الأبيض والأسود تشيران إلى التباين بين النور والظلام، الخير والشر، والأمل واليأس.
يعزز الإحساس بالزمن والتاريخ، وكأنه دعوة للتأمل في الماضي أو حالة وجدانية محددة.
بصريا يزيل التركيز عن الألوان ويوجه الانتباه إلى التفاصيل الأخرى كالتعبيرات الوجهية(الملامح)، الحركات، والتكوينات.
ـ الكأس كرمز مركزي:
الكأس الذي يفيض قد يرمز إلى الانفجار العاطفي، أو اللحظة التي تصل فيها الأمور إلى نقطة اللاعودة.. وقد يكون الكأس إشارة رمزية إلى الحياة، أو التجربة، أو الضغوط النفسية التي وصلت إلى أقصاها.
الدلالة في السياق الغنائي:
الكأس يمكن أن يمثل الحزن، الألم، أو حتى الحب الذي لم يعد يحتمل.
إن استخدام الأبيض والأسود في فيديو كليب “فاض الكاس” يفتح أفقًا للتأويل الفني والرمزي. يُمكن أن يُفهم الكليب كتعبير عن صراعات داخلية، لحظات تأمل، أو حالة شعورية مكثفة. هذه الألوان تضيف جوًا من البساطة الغنية بالتفاصيل، مما يجعل التركيز على الرسالة الشعورية والموسيقية أقوى وأعمق.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.