أزول بريس عبد الرحيم أريري //
كل يوم يموت 8 عمال في الوحدات الإنتاجية بالمغرب. فحسب المنظمة الديمقراطية للشغل تم تسجيل 3000 حالة وفاة عام 2018 لوحده، داخل المصانع والورشات الإنتاجية ببلادنا. هذا الرقم يجعل المغرب يتصدر قائمة البلدان العربية بتسجيل 43 ألف حادثة شغل في السنة.
الفاجعة التي هزت المغرب يوم الاثنين 8 فبراير 2021 بوفاة 28 عامل وعاملة في قبو ورشة صناعية بإحدى الفيلات بطنجة، لم تكن هي الأولى ولن تكون هي المأساة الأخيرة، بالنظر إلى أن المغرب لم يرق بعد إلى خانة «دولة المؤسسات والقانون»، إذ مازال يقبع في صنف الدول التي ليست فيها محاسبة، ومازال يدمج في خانة الدول التي لا تعير للضوابط الخاصة بالسلامة أي اعتبار، سواء تعلق الأمر بالوحدات الإنتاجية أو السكنية أو الترفيهية، بدليل أن المغرب لما اهتز عام 2008 عقب فاجعة روزامور، أعلنت السلطات العمومية عن حزمة من التدابير والإجراءات لمنع تحويل المعامل والورشات إلى مقابر جماعية لدفن العمال. وتحركت الماكينة الحكومية والإدارية طوال سنة 2008 و2009، أثمرت عن إحداث هيأة متخصصة في الصحة والسلامة المهنية تجسدت في ميلاد «المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية»، المعروف اختصارا بحروف «INCVT».
هذا المعهد عرف النور قانونا يوم 2 دجنبر 2010 بعد توقيع قرار مشترك بين كل من أحمد رضى الشامي، وزير الصناعة والتجارة، وصلاح الدين مزوار، وزير المالية آنذاك. وتم النشر في الجريدة الرسمية عدد 5896 (الصفحة 5169).
المشرع أناط بالمعهد المذكور «تنزيل البرنامج الوطني في الصحة والسلامة المهنية على أرض الواقع»، وحصر مهمته الأساسية في «تكريس كل الجهود لتعزيز السلامة والصحة في أماكن العمل»!
لكن، خلال عشر سنوات، وبدل أن تترسخ السلامة المهنية تحولت العديد من الوحدات الإنتاجية بالمغرب إلى «أفران غازية» لإبادة الشغيلة التي تعد الطرف الأكثر هشاشة والأكثر افتقادا للحماية، لغياب نقابات قوية ترافع عنهم أولا، ولغياب حكومة «عندها الكبدة» على البلاد والعباد ثانيا، ولغياب منتخبين يطبقون اختصاصاتهم المسنودة إليهم في مجال الشرطة الإدارية من حيث تأمين السلامة والصحة العامتين بتراب مدنهم ثالثا، ولغياب ولاة وعمال مهووسين بالحرص على التطبيق السليم للقانون وللوصاية على المجالس الترابية رابعا.
لا يعقل أن المغرب، رغم توفر هذا المعمار المؤسساتي وهذه الترسانة القانونية، لم يفلح بعد في طي ملف السلامة المهنية بالمعامل.
لسنا بحاجة إلى التذكير بكل الحالات المأساوية التي عرفتها المؤسسات الإنتاجية بالمغرب في السنوات الأخيرة، لكن حسبنا التوقف عند أشهر الحوادث المؤلمة منذ حريق معمل روزامور بالبيضاء وهي:
26 أبريل 2008
وفاة 56 فردا في حريق بمعمل روزامور للأفرشة بحي ليساسفة بالبيضاء.
4 يناير 2010
اختناق 150 عامل في حريق بمعمل «الكاغيط الأحرش» بالجديدة.
5 يوليوز2010
وفاة امرأة وإغماء 10 آخرين في معمل لطبع الرسومات في سيدي معروف بالبيضاء.
11 نونبر 2012
وفاة 3 عمال بفندق في البيضاء إثر سقوط مصعد كانوا بصدد صيانته.
5 يونيو 2013
وفاة 4 عمال في ورش بناء فندق بفاس.
22 نونبر 2016
إصابة مجموعة من العمال بحروق وإغماء الآخرين في حريق بمعمل للخياطة بسيدي غانم بمراكش.
20 ماي 2019
وفاة 3 عمال اختناقا بقناة للصرف الصحي بالمدينة الخضراء ببوسكورة (إقليم النواصر)
30 دجنبر2019
وفاة عامل بورش بناء مصحة بتزنيت
25 يناير 2021
حريق بمصنع بمنطقة مغوغة بطنجة كاد أن يخلق وفيات لولا الألطاف الإلاهية.
8 فبراير2021
وفاة 25 فردا في قبو بورشة بفيلا بطنجة بسبب الغرق أو صعقة كهربائية بعد فيضانات أغرقت عاصمة البوغاز.
فلن ننتظر كورونا أو الأمراض السرطانية الأكثر فتكا وإزهاقا للأرواح، فقد ظهر فيروس أخطر وأشرس هو فيروس «الفساد»، ومن أعراضه الجشع والانتهازية واستغلال النفوذ واللامسؤولية.
فاللهم لا تحشرنا مع القوم الضالين والظالمين!!
السابق
التعليقات مغلقة.