أرحموش: ندعو للقطع مع التردد وجعل الفاعل الأمازيغي يتحول من مستهلك للحدث إلى فاعله
أزول بريس – توصل الموقع بنص هذا الحوار من الناشط والمناضل الأمازيغي أحمد أرحموش، وهو الحوار الذي أجراه معه الموقع بديل أنفو ، نعيد نشره تعميما للفائدة، مع الشكر للصديق سي أحمد أرحموش .
خالد بوخش( عن بديل أنفو)- قال القيادي الامازيغي والناشط الحقوقي أحمد ارحموش، إن الإفراج عن جميع معتقلي الاحتجاجات الاجتماعية موقف حقوقي مهم؛ إلاّ أنّ التحديات التي تنتظر الجميع متعددة و متنوعة، فيها ما هو اجتماعي واقتصادي و سياسي و حقوقي.
و فيما يخص اختيار الجبهة السياسية الأمازيغية لحزب الأحرار من أجل خوض تجربة الفعل السياسي، أضاف أرحموش أنه لا يعتقد بوجود أحزاب إدارية و أخرى غير إدارية بالمغرب تبعا، لأن جميع الأحزاب أسست في إطار منظومة إدارية مؤسساتية و قانونية واحدة.
و بشأن الغاية من تأسيس الجبهة السياسية الأمازيغية، قال إنها تتلخص في تحقق الممكن فكريا، و سياسيا، من مشروع الحركة الأمازيغية، و استيعابه من قبل المنظومات المؤسساتية للدولة، و كذا بسبب تزايد منسوب المخاطر ضد حياة الأمازيغية، و الحركة الأمازيغية معا.
و يرى أرحموش، بشأن سؤال الدمقرطة في شموليتها، أن السياسة فن الممكن أو فن الاحتمال، و أن الجبهة تسعى لتكون تيارا مجتمعيا يمارس مهامه من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان و الشعوب.
و قال إنّ مناضلي الجبهة مقتنعين بما ينتظرهم من توافقات، و بصعوبة المهام التي يتحمّلونها.
1-مباشرة بعد تأسيسكم لجبهة العمل السياسي الامازيغي، و ذلك من أجل الارتقاء بالامازيغية، نظمتم لقاءات مع عدد من الأحزاب السياسية، و في الأخير قررتم الالتحاق بحزب التجمع الوطني للأحرار. فما هي الأسس و البواعث السياسية التي استند إليها اختياركم لهذا الحزب ضمن الآخرين؟
بداية أشكركم على دعوتكم وعلى اهتمامكم بمبادرة جبهة العمل السياسي الأمازيغي.
تفاعلا مع سؤالكم، أود في البداية أن أوضح أن جبهة العمل السياسي الأمازيغي، أنشأت بعد مسار من النقاش استغرق حوالي ثلاث سنوات، إذ كانت مناسبة لتشخيص الوضع التنظيمي والسياسي للحركة الأمازيغية والأمازيغية، انتهت باقتناع المؤسسين أولا بتزايد منسوب المخاطر ضد حياة الأمازيغية والحركة الأمازيغية معا، وثانيا بحتمية إبداع سبل جديدة تمكن من التأثير عبر ممارسة المعارك المطلوبة ببدائل ممكنة وواقعية، وهو ما يستدعي ضرورة القطع مع تقديس مساراتنا النضالية التقليدية، وبالتبعية، مراجعة بعض الثوابت والأسس والمواقف من النظام كالانتخابات / الأحزاب وملحاحية التعايش مع أغلب مكونات النسيج السياسي والحزبي باعتماد برغماتية سياسية، من منطلق أن المشاركة السياسية تُمَكِّن من ضمان التحصين بالقانون وتضمن الحضور بمراكز القرار بدل التواجد خارجها.
على هذا الأساس، تم تأسيس الجبهة وكهيئة مستقلة ذات صبغة سياسية كقيمة مضافة نوعية وليس كمية، وذلك بتاريخ 15/2/2020، في إطار استراتيجية المواصلة والاستمرار، وليس بإستراتيجية القطيعة، وإعلان الانفتاح على جميع مكونات النسيج الحزبي المغربي، حيث تلقت مباشرة بعد تأسيسها حصرا دعوات أربعة أحزاب سياسية، والتي تفاعلت معها بايجابية، وهي حزب التقدم والاشتراكية وحزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الحركة الشعبية وحزب الأصالة والمعاصرة، حيث استغرق مسلسل التحاور معها حوالي ثمانية أشهر انتهت بتوقيع اتفاقات بمخرجات كحد أدنى مذهبية، وسياسية، وتنظيمية، مع حزبي التجمع الوطني للأحرار وحزب الحركة الشعبية، في حين لم نتمكن من الوصول إلى اتفاقيات أو توافقات منتجة مع الحزبين الآخرين.
-2 الأستاذ أحمد؛ من ضمن الانتقادات الموجهة إليكم في هذا الاختيار؛ أنكم اخترتم حزبا ينعت منذ تأسيسه ب”الحزب الإداري”؛ و بذلك تعزلون النضال من أجل الأمازيغية عن النضال العام من أجل الديمقراطية في شموليتها؛ ما ردكم؟
لا اعتقد انه توجد بالمغرب أحزاب إدارية و أخرى غير إدارية، لسبب بسيط أنّ جميع الأحزاب المشكلة للنسيج الحزبي بالمغرب أسست في إطار منظومة إدارية ومؤسساتية وقانونية واحدة، مع اختلاف أحيانا في المرجعيات والبواعث الإيديولوجية.
لكن نوعا من النبوغ والفطنة علاوة على التعقل تستدعي، استحضار عناصر هامة سبق اعتمادها بالأرضية التأسيسية للجبهة ويتعلق الأمر ب :
اولا: أنه إلى الآن لا زالت مقومات الهوية الأمازيغية تفتقد إلى وجود مادي متكامل، أو سياسي أو فكري بدواليب مؤسسات الدولة، كما أجندة أغلب الأحزاب السياسية، خلافا لغيرها.
ثانيا: أنّ العاقل والمتتبع لما يحدث بالمؤسسات المنتخبة، سيلاحظ تواتر الإنكسارات التشريعية بأغلب القوانين التي يتم تمريرها بالمؤسستين التشريعيتين، وبموافقة جل إن لم أقل كل الفرق البرلمانية للأحزاب، بما فيها تلك التي صنفت بسؤالكم بالأحزاب (غير إدارية)، بل يمكن ملاحظة أن ما سمي ايديولوجيا “بالأحزاب الإدارية” وعلى خلاف غيرها، تعاطفت وتبنت في حالات خاصة لوجهة نظرنا ومطالبنا خلاف غيرها.
ثالثا:أن اختزال البعض للنقاش في هوية الأحزاب التي تحاورنا معها أو تلك المتوافق معها، هو نقاش مغلوط وغير سليم في نظري، حيث يتم في هذه الحالة ممارسة نوعا من التمويه، بالتركيز على الجوانب الشكلية، وإقصاء الغايات والأهداف على المدى القريب والمتوسط والتي أسست الجبهة من أجلها، والتي تتلخص في تحقق الممكن فكريا وسياسيا من مشروع الحركة الأمازيغية واستيعابه من قبل المنظومات المؤسساتية للدولة والأحزاب السياسية والنقابية ولما لا باقي مكونات المجتمع المدني.
رابعا: أنه إذا كانت السياسة فن الممكن أو فن الاحتمال، فإن اللحظة والتي قد لا تتكرر، تستدعي من كل المؤمنين والنشطاء الحقيقيين العمل على القطع مع التردد، والعمل لكي يتحول الفاعل الأمازيغي من مستهلك للحدث الى فاعله، ومن متفاعل مع صانع القرار إلى صانعه، ومن منفد (بضم الميم) للقرار إلى واضعه، ومن مبايع ومنمق إلى مبادر.
3- ما هو مستقبل جبهة العمل الأمازيغي ؟ هل ستستمرون في صيغة تيار خاص و منظم داخل الحزب أم ستقومون بحل الجبهة بعد اندماج مناضليكم و مناضلاتكم في أجهزة الحزب ؟
الجبهة كما جاء في الجواب على السؤال الأول، أسّست كهيئة مستقلة ببعد سياسي، وببرنامج عمل على المدى القريب 2021 / والمتوسط 2026، وتروم تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف في أقل فترة زمنية وبأقل التكاليف الممكنة، شريطة ضمان الحضورالمادي بدل الحضور بالدائرة المغلقة.
لذلك وجب التذكير أنها أسست بتوافق مكوناتها لتكون فضاءا مستقلا، متنوعا، فاعلا ومنتجا، وتضم نشطاء الحركة الأمازيغية بأغلب مناطق المغرب بكل انشغالاتهم وقناعاتهم ومعتقداتهم، وبقراءة هادئة لأرضيتها التأسيسية، وميثاقها، يبرز أنها تسعى لتكون تيارا مجتمعيا يمارس مهامه من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، و باستراتيجية ممتدة في الزمان، سواء داخل الأحزاب المعنية أو خارجها.
4 بالعودة إلى سؤال الدمقرطة، صحيح أن لا ديمقراطية دون أمازيغية في المغرب، لكن بنية السلطة قد تحول دون دمقرطة فعلية و سريعة للغة و الثقافة الأمازيغيتين نظرا لإكراهات عدة. أ لا تعلمون ما ينتظركم من توافقات؟
كما يقال بالفرنسية بأنّ ” une décision c’est un choix avec une marge du risque»، وعليه أعتقد أنّ مناضلي ومناضلات الجبهة مقتنعين اولابصعوبة المهام التي يتحملونها، والتي نعتبرها ليست مستحيلة، ومستحضرين ثانيا : التعقيدات التنظيمية والسياسية التي ترافق مسار عملنا لضمان تموقع للأمازيغية ولمكونات الحركة الأمازيغية في التحولات التي قد تحصل بوطننا، والتي نريد أن تكون الأمازيغية طرفا فيها.
لذلك، وكما جاء بسؤالكم أرى شخصيا أنه لا زالت شرعية شعار “أن لا ديمقراطية بدون الأمازيغية” قائمة، لكن بالمقابل وجب تحيين هدا الشعار في رأيي ليتجانس أيضا مع شقه الثاني الذي مفاده أن “لا أمازيغية بدون ديمقراطية”. وهما شعاران يعززان قولنا بأن مشروع الجبهة ليس بمشروع فئوي، أو مشروع يمكن اختزاله حصرا في الجوانب اللغوية أو الثقافية ، بل يمتد ليكون رؤية مجتمعية تروم المساهمة في بناء مغرب الحريات، مغرب العدالة الاجتماعية مكرس ومستوعب ومعتز بعمقه الإفريقي وامتداداه المتوسطية.
في هذا السياق، أسجل شخصيا الإيجابية النسبية التي رافقت حوارنا مع المكونات الحزبية التي تحاورنا معها، والمخرجات التي تم تحقيقها، والتي كانت جزئا من بوصلتنا في برنامجنا لسنة 2020. وأعتقد أنّ المؤشرات التي نعتز بتحقيقها، ستمكننا من وضع تخطيط جيد قابل للتحقق على المدى المتوسط 2021/2026.
5 أثير مؤخرا مفهوم “تامغرابيت” لدى الكثير من الباحثين المغاربة، ماذا يعني لكم هذا المصطلح ؟.
لست متخصصا في مجال العلوم اللغوية، لكن في اعتقادي ومن الزاوية السياسية، هو مفهوم استعمل وتدوول كما هو عليه الآن أول مرة في الحقل السياسي وبالضبط من قبل احدى النخب السياسية، وذلك في إحدى الحملات الإنتخابية البرلمانية لسنة 2007 ، وما دام كذلك فان المقصود به قد يختلف من فاعل إلى آخر حسب الخط المذهبي أو الإيديولوجي كما الموقع السياسي أو الحزبي لكل واحد منهم.
6-بناء على جوابك، فؤاد العروي شرح في كتابه le drame linguistique marocain أن “الدارجة المغربية”، و أظن أنه نفس فحوى مصطلح “تامغرابيت”، هي الحل من أجل جمع شمل جميع المغاربة عربا و أمازيغ، ما تعليقك ؟
الحل بالنسبة للمغاربة في رأيي هو استثمار التراكمات الإيجابية الحاصلة خلال العشرين سنة الأخيرة، في مجال الحريات والعدالة اللغوية والإجتماعية والعمل على تعزيزها ومأسستها.
وعليه فلا أعتقد أنّ الصراع بالمغرب على الأقل بالنسبة للحركة الأمازيغية صراع عرقي أو لغوي او فئوي، أو حتى إثني، حتى يمكن الرهان في اي تجربة على معالجة ما سمي بسؤالكم (جمع شمل جميع المغاربة ) ، وأعتقد أن المتتبعين لتاريخ المغرب غير الرسمي، سيلاحظون الفكر الأمازيغي، ومنظومة قيم العيش لدى الأمازيغ كانت صمام أمان لضمان سيادة مبدأ التعايش بين السكان بمختلف معتقداتهم ولغاتهم وثقافاتهم. وبالتالي فالرهان بغربنا الحالي هو كيف يمكن القطع مع الأساطير الإيديولوجية والعرقية التي أسست لها التجارب السياسية التي كرست لها القيادات السياسية لمرحلة نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي.
7 سؤال أخير، يتحدث العديد من الفاعلين السياسيين و الحقوقيين عن وجوب انفراج سياسي بإطلاق المعتقلين السياسيين بما فيهم معتقلي الريف، خصوصا و أن الانتخابات على الأبواب، ما موقفك ؟
إضافة إلى الموقف العام الحقوقي و المبدئي الذي مفاده أهمية الإفراج عن جميع معتقلي الاحتجاجات الاجتماعية ، أعتقد أنّ التحديات التي تنتظر الجميع، متعددة ومتنوعة، فيها ما هو اجتماعي، وماهو اقتصادي، وفيها أيضا ما هو سياسي وحقوقي، لذلك أميل شخصيا إلى ملحاحية التعامل مع القضايا أولا في شموليتها دون تجزيئ، وثانيا بالتركيز عند المعالجة على الأسباب بدل النتائج.
أعتقد شخصيا أنه، إذا كانت الحرية مطلب مقدس، فإنها بالمقابل مسؤولية، وفي هذا السياق أرى وضعية حرية التعبير وحرية الاجتماعات و التجمعات.
أولا من الزاوية التشريعية ، واقصد اساسا القانون رقم 76/00 ، تستدعي مراجعة جدرية لتتماشى مع المستجدات الحقوقية والدستورية، وهي مسؤولية الجميع، وهنا الوم كل الأحزاب السياسية وفرقها البرلمانية التي لم تتحمل مسؤولياتها في فتح اوراش في هدا الموضوع على الأقل مند 2011 .
وثانيامن الزاوية المؤسساتية واقصد غياب مؤسسات الوساطة التي يمكنها ان تلعب ادوارها الحقوقية ، علاوة على ضعف اداء المؤسسات الموكول لها تتبع ومرافقة وتقييم مسارات الممارسات الإتفاقية ببلادنا، والعمل على تفعيل ما تبقى من التزامات بلادنا الاتفاقية في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، و هي التزامات يفترض أن تتم أجرأتها بالأولوية من خلال تفعيل الملاحظات الختامية و التوصيات الموجهة إلى بلادنا من طرف هيئات المعاهدات و أصحاب الولايات برسم المساطر الخاصة و كذا في إطار الاستعراض الدوري الشامل.
التعليقات مغلقة.