أحمد قيلش، رئيس المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان: لا يمكن إثبات الخروقات التي شابت الانتخابات في غياب حالة التلبس
حاوره: الحسين أبليح//
أياما قليلة على مرور حدث السابع من أكتوبر الذي أرخ لانتخابات تشريعية هي الأكثر حرارة في تاريخ الاقتراعات بالمغرب أفرزت خارطة سياسية ملأت الدنيا وشغلت الناس، فتباينت وجهات النظر بصددها ما بين مستبشر من نتائجها ومنذر بالكوارث التي تخبؤها في مستقبل الأيام.
أزول بريس التقى الدكتور “أحمد قيلش”، أستاذ التعليم العالي، المتخصص في القانون الجنائي ورئيس المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان الذي راقب عن كثب مجريات استحقاقات 7 أكتوبر عبر المركز الذي يشرف عليه كواحد من الإطارات التي كلفها المجلس الوطني لحقوق الانسان بملاحظة عملية الانتخاب، فكان لنا الحوار التالي:
- أزول بريس: حظي المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان بملاحظة عملية انتخاب أعضاء مجلس النواب مكلفا من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان بذلك، كيف تأتى لكم هذا الأمر علما أنكم مركز شاب قياسا بعمر تواجدكم على الساحة الحقوقية؟
أ.قيلش: بالرغم من حداثة سنه (المركز عمره اليوم ثلاث سنوات)، فقد تمكن المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان من تقديم ملف متكامل للمجلس الوطني لحقوق الإنسان. لقد حاولتا خلال هاته السنوات الثلاث أن نراكم تجربة مهمة في المجال الحقوقي. نحن لا نقيس العمل بالزمن بقدر ما نقيسه بالتراكم العملي وهو الشيء الذي أجاده المركز بامتياز. نحن نتوفر اليوم على عدة فروع على الصعيد الوطني، علاوة على عدة لجن تحضيرية هنا وهناك، استطاعت هاته الترسانة التنظيمية خلق عدة شراكات مع عدة جامعات وهيئات من المجتمع المدني إضافة إلى الجماعات الترابية.
اشتغلنا على عدة ملفات مهمة كتأطير الطلبة والحقوقيين والمرأة والأشخاص في وضعية إعاقة مما أعطى لعملنا مصداقية كبيرة عززه الحضور الإعلامي الكبير لمختلف التظاهرات التي كان المركز مهمازا لها. لعل كل هذه الأسباب هي التي جعلت ملفنا يحظى بالقبول لأنه يحمل مشروعا قويا ومتكاملا، فكان لنا شرف رصد عملية الانتخابات التشريعية ل7 أكتوبر 2016.
- أزول بريس: حسب معطيات، حصلت عليها، استطعتم تجنيد أزيد من 100 ملاحظ. أبقى دائما عند مقياس حداثة سن مركزكم، كيف استطعتم تحقيق هذا الأمر؟
أ.قيلش: قدمنا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان 132 ملاحظا بالتحديد، وثلثهم من العنصر النسوي، تم انتقاؤهم بعناية من الفروع التابعة للمركز، وهم يشتغلون بشكل تطوعي ولا يتقاضون تعويضات عن مهامهم، لأن الأمر يتعلق بواجب وطني بالأساس.
- أزول بريس: ما هي الخروقات التي رصدتموها من خلال عملية الملاحظة التي اضطلعتم بها؟
أ.قيلش: سجلنا – على امتداد جهات ومدن المملكة- خروقات بالجملة لم تتميز عن سابقاتها، فهي دائما مرتبطة باستغلال النفوذ ومقدرات الجماعات الترابية من سيارات وآليات وعتاد في الحملات الانتخابية، وكذا في يوم الاقتراع نفسه. كما تم التأثير على الناخبين من خلال مجموعة من الوقائع والملفات تم تحريكها بعد أن كانت راكدة زمنا طويلا، كما تم منع الكثيرين من الحصول على وثائقهم المعززة لملفاتهم. وأعتقد أن هاته الخروقات كانت في الانتخابات السابقة وستستمر في الانتخابات اللاحقة إذا لم يتم الاستثمار في تكوين المنتخبين كما الناخبين. فقد عاينا أن جل هاته الخروقات ناتجة عن جهل بالمباديء العامة للعملية الانتخابية. أحمل المسؤولية أيضا للأحزاب السياسية التي لا تقوم بتكوين وتوعية القاعدة الانتخابية، فماذا ننتظر من مرشحين أميين يفتقرون إلى أبسط الأبجديات السياسية؟ وماذا نتوقع من مثقفين لا يكادون يتميزون عن الأميين في شيء؟ لا شيء غير توقع الكوارث وهي التي عشناها يوم اقتراع 7 أكتوبر 2016.
هناك نقطة أخرى تتعلق بالبرامج، دعني أؤكد لك أنه لا جديد يسجل في هاته النقطة. فليست فقط برامج غير واضحة وانتهى الكلام، بل نحن إزاء شعبوية ومغالطات للرأي العام وشعارات جوفاء (التغيير الآن.. لنتعاقد على الديمقراطية الخ..). أملي أن تنسج الأحزاب برامج حقيقية تستجيب لانتظارات المواطنين، برامج واقعية يتم الترافع بشأنها ، وليس برامج موضوعة بطريقة القص واللصق ( كوبي كولي).
- أزول بريس: هل تتوجهون بأصبع الاتهام إلى الحياد السلبي للسلطة إزاء هاته الخروقات؟
أ.قيلش: في الحالة التي تسكت فيها السلطة عن الخروقات فلا مجال لنفي المقولة المعروفة ” الساكت عن الحق شيطان أخرس”. بيد أن هناك تباينات من منطقة إلى أخرى، وعلى صعيد البادية والمدينة، حيث سجلنا حضورا مكثفا للسلطة في مناطق دون أخرى. صحيح أن ثمة إكراهات ذات صلة بشساعة الدوائر وكثرة مكاتب التصويت أثر سلبا على إعمال منطق الحياد، لكن ومهما يكن من أمر، فإن المسؤولية لا تقع على السلطة، بل تقع على الناخب والمنتخب على حد سواء. سأضرب لك مثلا عملية استعمال المال، لا يمكن الدفع بالبات والمطلق بخلو الانتخابات من استعمال مكثف للمال، ولكن هل يمكن إثبات ذلك؟ نحن رجال قانون ونعرف مجريات هاته الأمور. فأمام صمت الجميع مواطنين وسلطة ووسائل إعلام، ما العمل؟. الجميع يطالب الملاحظين بتسجيل خروقات استعمال المال، لكن السؤال كيف؟ كيف السبيل إلى إثبات استعمال المال في ظل غياب حالة التلبس. إن المطلوب يتجاوز هذه الجوانب، الورش الحقيقي يتجلى في إصلاح العملية من مضمونها وترسيخ المواطنة وحقوق الانسان ووقف أنتاج نفس الأنماط والوجوه. أتساءل أين الباحثون والمتختصون والكوادر الكفيلة بإعادة اللحمة إلى المجتمع وتحقيق المصالحة مع السياسة.
- أزول بريس: ماهي الملاحظات التي صغتموها في شأن بروفايلات المرشحين والكتلة الناخبة؟
أ.قيلش: أنا أعجب كل العجب لأحزاب تقوم بتزكية مرشحين لا ينتمون البتة للدوائر التي أسقطوا فيها إسقاطا، لا لشيء إلا لأن الحزب يتوفر على قاعدة انتخابية في تلكم المنطقة وهذا هو المهم دون أن يكلف مسؤولو هاته الأحزاب عناء تزكية وجوه تنتمي على الأقل للمجال المعني، وهنا أذكر أستاذنا محمد الغالي حينما يتحدث عن المقاربة المجالية يقول لعلى أنها ذات أضلاع ثلاثة، الإنسان والتراب والقيم. فالمرشح الذي سقط في دائرة معينة بالمظلة في غيبة تامة لإرادة الناخبين لا ينتمي لا ترابا ولا قيما إليها. وأتحدى الكثير من المرشحين إن كانوا يعرفون المناطق التي ترشحوا فيها لتمثيل ساكنتها. فما هي التمثيلية البرلمانية غير أن ينبثق البرلماني من المنطقة التي تربطه به قيم وانتماء يستطيع التعبير عنهما بكل أريحية.
بالإضافة إلى أن المرشحين الذين قدمتهم الأحزاب هم ذات الوجوه التي ملها الشارع كأن الأرض المغربية بائرة لا تلد جديدا. ولأمر ما، تراجعت نسبة المشاركة في هاته الانتخابات فبالرغم من أن وزارة الداخلية ظلت تنفخ في نسبة المشاركة، فإن ملاحظينا سجلوا إلى حدود 12 زوالا من يوم الاقتراع نسبة لم تتجاوز 2 في المائة في الوقت الذي وصلت فيه النسبة عند وزارة الداخلية 12 في المائة، هذا وأحيطك علما أن الداخلية أصدرت تعليمات ليتم السماح للموظفين بالحج بكثافة لمكاتب التصويت ولكن دون جدوى، لتبقى الكتلة المصوتة هي المشكلة من النساء وأي نساء.. الأميات منهن للأسف الشديد، والعجائز من الرجال وبعض الشباب من هنا وهناك.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.