أبعاد جريمة قتل سائحتين أجنبيتين
جريمة قتل سائحتين أجنبيتين بضواحي مراكش ، شكلت هذا الأسبوع الحدث البارز الذي استأثر اهتمام الراي العام و الصحافة الوطنية و الدولية ، وذلك لسببين : أن الجريمة ارتكبت غي حق اجنبيتين ، ثانيا أن المتهمين بارتكاب الجريمة ينتمون الى جماعة متظرفة ، مما يجعل الجريمة ذات طابع إرهابي .
ظروف هذه الجريمة و طبيعتها ومكانها يستدعي دراسة تحليلية ، التي بلا شك ليست بالسهلة على المحللين ، لتداخل أبعادها : البعد السلوكي ( همجية الجريمة و وحشيتها ) ، البعد الديني ( الفكر المتطرف و الجهل بالدين ) ، البعد الاقتصادي ( ضرب السياحة الوطنية خصوصا ارتكبت الجريمة بضواحي مراكش المدينة السياحية بامتياز ) ، البعد التربوي ( مدى قدرة المناهج الدراسية و التعليمية في تكوين و تنشئة الفرد السوي ) البعد الاجتماعي ( الفقر و الهشاشة الأسرية والعطالة ) ، البعد الأمني ( مدى نجاعة السياسة الأمنية في مكافحة التظرف ) .
وفي هذا الإطار ، سنحاول من خلال تخبلي مقتضب إبراز بعض أبعاد هذه الجريمة :
1- البعد السلوكي : الجريمة التي نحن بصددها ارتكبت في حق سائحتين بريئتين لا يمكن أن ترتكب إلا من قبل شخص لا يتمتع بشخصية سوية ، منعدم الضمير و الأخلاق ، يحمل كراهية للآخر ، محروم عاطفيا ، جاهل بالدين و متشبع بالفكر الإرهابي عن طريق جماعة ينتمي إليها أو تأثر بأفعال إجرامية من خلال وسائل
التواصل الاجتماعي متوهما دخول الجنة و لو كلفه ذلك حياته . وهنا ينبغي أن تؤدي الأحزاب السياسية و هيئات المجتمع المدني بوظيفتها في تأطير الشباب و تربيتهم على المواطنة و إخراجهم من براتين اليأس و الانحراف .
2- البعد الديني : الجريمة ارتكبت من قبل أشخاص ينتمون إلى جماعة متظرفة ، لا علاقة لفعلهم الإجرامي بالإسلام دين السلام و الأمن و المحبة و التعايش مع الآخر ، و أي تفسير للدين ، بدعوى الجهاد في الله بقتل النفس ، انحراف كبير و جهل بالدين الإسلامي، حيث قال الله تعالى : (…مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ..) )المائدة : 32 )
3 – البعد الاقتصادي : من المتوقع أن مثل هذا النوع من الجرائم في ضواحي مدينة سياحية مثل مراكش قد ينعكس سلبا على السياحة بالمنطقة ، مما يلحق أضرارا بالسياحة و بوضعية الشغيلة في هذا القطاع .
4 – البعد التربوي و التعليمي : القاسم المشترك بين المتهمين الأربعة، هو أن عمرهم لا يتجاوز 34 سنة، ويمتهنون مهنا بسيطة. فهم شباب محرومون اجتماعيا ، غير مؤهلين تربويا و تعليميا لفهم الدين بشكل صحيح ، وبالتالي قد تكون استغلتهم جماعات متطرفة لشحنهم بأفكار هدامة لزعزعة الاستقرار و الأمن ببلادنا و ضرب السياحة الوطنية .
5 – البعد الاجتماعي : المتهمون ينتمون لفئة اجتماعية مسحوقة بمراكش، حولتهم الآلة الدموية للإرهاب إلى قتلة ومجرمين. لذلك ينبغي تأهيل منظومة التربية و التكوين لصناعة شباب يحظى بالفرص والمؤهلات و تفتح له باب الأمل في الانخراط في الحياة العامة و المساهمة في التنمية .
6 – البعد الأمني : لا ننكر المجهودات الجبارة التي تقوم بها فرقة مكافحة الجريمة المنظمة بالمكتب المركزي للأبحاث القضائية في هذا الشأن، التي يتحدد مجال تدخلها واختصاصاتها، وفقا للمادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، في مكافحة الجريمة الإرهابية ، حيث نجحت في تفكيك العيد من الشبكات الإرهابية التي تنشط بالمغرب .
لكن الحدث الأخير الذي نحن بصدده ، يحتم على السلطات الأمنية البحث عن الطرق و السبل الناجعة والفعالة لمواجهة المخاطر الإرهابية مستقبلا، وتكثيف الجهود لمحاصرتها في إطار العمل الاستخباراتي الاستباقي ، و العمل على مراقبة كل الأنشطة المتطرفة التي تتم عن ظريف وسائل التواصل الاجتماعي .
وأيضا ينبغي إعادة النظر في منهجية التعامل مع المعتقلين بسبب الجرائم الإرهابية، في إطار سياسة العفو التي نهجتها الدولة في السنوات الأخيرة ، لأن هناك معتقلون تم الافراج عنهم في ظل العفو و عادوا الى ارتكاب جرائم ارهابية ، أي أن سلوكهم لم يتغير ، و إن كانت حالات جد محدودة قد اندمجت في المجتمع .
*مدير مركز الرباط للدراسات السياسية و الاستراتيجية
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.