“وادنون” العابرة للقارات

في المشاريع العابرة للقارات، والتي يكون فيها أحد الطرفين بالكاد يفك الخط، فإن الخسائر فورية والأرباح مؤجلة

الحسين أبليح

ما الذي يخفيه مشروع Xlinks الذي تحمله شركة بريطانية ناشئة (start-up) تحمل الاسم نفسه؟ غابة من الأسئلة تنثال على المتتبع للشأن الاقتصادي بصدد مشروع قيل أنه بمكنته نقل أكثر من 10 جيغاوات من الكهرباء المنتجة من الرياح والشمس، من واد نون في عمق الصحراء المغربية، عبر كابل بحري هو الأطول في العالم (3800 كلم)، مرورا بالبرتغال فاسبانيا ففرنسا وصولا إلى المملكة المتحدة.  يبدو أن جميع المكونات باتت مجتمعة من أجل تحقق مشروع فرعوني يدفع إلى أقاصي الخيال وما لا يمكن تصوره.

بالنسبة للوادنونيين، الذين وجدوا أنفسهم بقدرة قادر أمام مشروع عابر للقارات، يبقى السؤال الأهم، ما الذي يمكن أن يحصل عليه المغرب مقابل استغلال موارده الطبيعية؟

في المشاريع العابرة للقارات، والتي يكون فيها أحد الطرفين بالكاد يفك الخط، فإن الخسائر فورية والأرباح مؤجلة، ولأمر ما أصبح كل التفكير مشرئبا إلى حقيقة تأثيرات المشروع على ميزان المدفوعات، باستحضار كون Xlinks رأسمال أجنبي، من تم، هل تصدير الكهرباء سيفيد المغرب في شيء، إذا ما كانت الأرباح سيتم تحويلها بالعملة الأجنبية إلى المساهمين في الخارج؟

هذه مخاوف من بين أخرى تقض مضاجع الجميع، وتعيد للأذهان كوابيس الاستثمارات الضخمة التي عول عليها فقراء الجنوب، وباتت ما أصبحت، كاستثمارات الشركة الصينية بالبيرات والمحمية القطرية بالمحبس. وهي مخاوف تثير أيضا، من بين ما تثيره، ونحن في عز مصادقة لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب يوم الأربعاء المنصرم (5 أكتوبر 2022)، بالأغلبية، على مشروع قانون- إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار، مسألة إعادة توزيع الأرباح (rapatriement des dividendes) وهو الأمر الذي يستدعي بقوة فرض حدود لإعادة توزيع الأرباح، لأن الشأن يهم موارد طبيعية من المستوى الأول، او حتى التفكير بعيدا في فرض عائدات (royalties)، مثلما هو مطبق على الشركات النفطية.

في المشاريع العابرة للقارات، والتي يكون فيها أحد الطرفين بالكاد يفك الخط، فإن الخسائر فورية والأرباح مؤجلة

بالنظر إلى  حجم المبالغ الفلكية المعلن عنها كهوامش ربح من المشروع، فإن الواقعية تفرض طرح – وبالقوة الضرورية – استفادة الوادنونيين وعبرهم باقي المغاربة من فوائده الاقتصادية المفترضة. فعلاوة على فرص العمل المتوقعة من المشروع والتي كشفت مصادر بشأنها أنها ستلامس ما يقرب من 10000 منصب شغل، 2000 منها مناصب قارة، فإن أجزاء مهمة من مكونات الطاقة الريحية والطاقة الشمسية سيتم تصنيعها محليًا، وبالتالي تعزيز الاستثمار الأجنبي في المغرب من جهة، وضمان انخراط قوي للشركات المغربية من جهة أخرى.

فهل سيتم تفادي نفس الأخطاء المرتكبة بمناسبة كل استثمار يهل علينا، وهل سيتم على مستوى نقل التكنولوجيا إعمال معدل تكامل صناعي مرتفع لإنتاج الشفرات والتوربينات والألواح الشمسية علما أن الكابل الكهربائي سيتم تصنيعه في اسكتلندا.

وهل سيتم الأخذ، بعين بصيرة، حقيقة أن ما توفره محطات الطاقة الريحية والطاقة الشمسية من مناصب الشغل ما بعد البناء (emplois post-construction)  قليل جدا لذلك مما يتحتم معه الجاهزية لتطوير صناعة من المنبع، حتى لا نضطر إلى ضرب الأخماس في الأسداس بعد أن تكون حرارة شعاب واد نون قد تجاوزت المعابر واستقرت في الأجساد الصقيعية للبريطانيين.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading