أقيم يوم السبت 26 جانفي 2019 بقاعة محاضرات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات وبتنظيم منها وعلى رأسها الدكتور الباحث والمؤرخ السيد عبد الجليل التميمي وبمشاركة جمعية تماقيت متمثلة في السيدة هاجر بربانة والسيدة نهى قرين وبحضور مجموعة من نشطاء أمازيغيين متمثلين في السيد فتحي بن معمر والسيد علي الوسلاتي والسيد احمد ولهازي والسيد محمد السندي والسيد احمد الزروي والسيد محمد خلف الله والسيد انيس المكني وبحضور مجموعة من الأساتذة والمثقفين ونشطاء من المجتمع المدني، ندوة حول الأمازيغية في تونس تندرج في اطار مجموعة من ندوات ترمي الى حفظ الذاكرة الوطنية والمصالحة.
وقع التطرق في البداية الى محتوى وموضوع الندوة وأهميته بكلمة افتتاح من الدكتور السيد عبد الجليل التميمي باثارة المسألة الأمازيغية التي لطالما ظلت من المحضورات في المنابر الاعلامية والبحثية والأكاديمية ، ثم أخذت السيدة نهى الكلمة وقامت بتعريج أولا على تعمد اثارة موضوع الأمازيغية دائما الى جانب مواضيع لا علاقة لها بالأمازيغية كالأقليات الدينية والمذهبية والملونين في حين أن الأمازيغية موضوع أعمق وأشمل وقضية شأن وطني ولم يعرف يوما أحد من نشطاء الأمازيغية أن المسألة تندرج ضمن مواضيع الأقليات ويجب وضع حد لهذا اللبس على الرأي العام التونسي ثم قامت باعطاء تقديم عن الأمازيغية من الجانب الحقوقي وقراءة لقوانين ومناشير منع الأسماء والألقاب الأمازيغية والذي مازال يطبق الى اليوم على التونسيين والتونسيات كما رافقتها قراءة لتوطئة دستور 2014 وبعض فصوله كالفصل 39 وفصول أخرى ذات العلاقة بمسألة الهوية والانتماء والثقافة والمواطنة والتساوي في الحقوق وعرجت على التغييب الواضح للأمازيغية والتركيز على الهوية والانتماء والثقافة والحضارة على جانب واحد ونظرة أوحادية تعبر عن أفكار وايديولوجيات من قامو بصياغة الدستور ألا وهي الهوية العربية الاسلامية فقط وهذا لا يمثل جميع التونسيين والتونسيات ومن ذلك الفصل الذي يدعو الى ترسيخ الناشئة في هويتها العربية الاسلامية .
ثم أحيلت الكلمة الى الحاضرين فكانت المداخلات ثرية ومتميزة تراوحت بين طرح الأسئلة لمزيد الفهم والتعمق في موضوع الأمازيغية وهناك من تدخل من ذلك الدكتور منصف وناس الذي وجه وابل من التهم الجاهزة وبنبرة شديدة اللهجة يحذر من الأمازيغية في تونس وهي دعوة لاثارة النعرات وتقسيم المجتمع والانفصال وأنه لا توجد أصلا لغة أمازيغية بل هناك ما يقارب ثلاثة آلاف لهجة بربرية شفوية وأن الأمازيغية قضية مفتعلة وفرنسا هي من تقف ورائها .
تدخل كل من السيد نوفل سلامة صحفي والسيد طاهر خواجة مختص في توثيق المعلومات يصرون على اقحامها في خندق الطرح العرقي والتصارع الاثني ويرون أن الأمازيغية قضية مفتعلة زرعها الاستعمار الفرنسي ولا فائدة منها وأمر الهوية محسوم وهو الهوية العربية والمجتمع التونسي كله عرب وأن الأمازيغ أقلية ويجب احصائهم ومعرفة عددهم ، في مقابل ذلك كانت أغلب التدخلات ايجابية للغاية وزادت في اثراء الندوة حيث أكد السيد الأستاذ بديع جراد على أهمية موضوع الأمازيغية وهذا شيء ايجابي وفخر للتوانسة وأنه حان الوقت لتونس والتوانسة ليتصالحوا مع تاريخهم وهويتهم وثقافتهم الأصلية المتجذرة وأن يعيدوا لها الاعتبار وأن يفتخروا بأمازيغيتهم ، ثم مداخلة السيد رمضان قديش الخبير في مجال السياحة وعلم الجغرافيا الذي أبرز جذور تونس والتوانسة اللوبية النوميدية وعدد خصائص حضارتها ومعالمها ورموزها من ذلك التركيز على مزيد مراجعة برنامج التاريخ المدرسي الذي يغيب عديد الفترات الايجابية في تاريخنا وبالأخص الحقبة النوميدية .
ثم أخذ السيد احمد ولهازي الكلمة للرد على بعض التدخلات وتوضيح بعض النقاط فأجاب بأن اعادة الاعتبار للأمازيغية يكون بالاعتماد على الحوار والهدوء وبأسلوب ديمقراطي وبطرح فكري بعيدا عن التشنج والانفعالات لأن الأمازيغية هي قضية حرية وديمقراطية كما وضح بأن الأمازيغية كذلك ليست لا مسألة أقلية ولا مسألة عرقية كما يراد لها أن تكون بل هي قضية وطنية وشأن وطني يهم جميع التوانسة لا بد من اعادة الاعتبار له. واستعرض بعض من أهداف النشاط الأمازيغي كالمحافظة على الموروث الأمازيغي التونسي المادي واللامادي وتثمينه وتنميته والتعريف به وتنمية اللغة الأمازيغية ونشر الوعي بالهوية الوطنية المتجذرة في الأرض التونسية الشمال افريقية وبث روح الانتماء الوطني حتى تكون شخصية التونسي صلبة ثابتة لا تعرف الهزات حتى لا يكون شبابنا فريسة سهلة لهويات اجنبية مستوردة بديلة ولأجندات مشاريع معادية لتونس ثم ابراز أهمية الأمازيغية في عملية التنمية في تونس من ذلك ادراجها في النهوض بالسياحة الثقافية والمساهمة في الدورة الاقتصادية.
وتدخلت السيدة هاجر بربانة حول علاقة اللغة الأمازيغية بالدارجة التونسية وأعطت مجموعة من الأمثلة لمفردات أمازيغية مستعملة في الدارجة التونسية كما تطرقت الى أسماء الطوبونيميا الامازيغية في تونس . كذلك أخذ الاستاذ فتحي بن معمر الكلمة للحديث بأكثر عمق وتحليل علمي عن اللغة الأمازيغية واستعرض بعض ما جاء في كتابه “مدخل الى اللغة الامازيغية التونسية المعاصرة” ،ثم شدد على أن الأمازيغية لا تخوض معركة لاقصاء الآخر بل تخوض معركة لمزيد تكريس قيم التسامح وقبول الآخر وهذا شيء ايجابي وثراء لهويتنا الوطنية التونسية مما يزيدها قوة وصلابة .أخيرا كانت مداخلة السيد علي وسلاتي الذي أبرز بعض من ملاحم مقاومة التوانسة للاستعمار الفرنسي والحصول على الاستقلال وبناء الدولة الوطنية التونسية وأكد أن المحافظة على المكاسب الوطنية ودعمها واثرائها وأن تونس فوق كل اعتبار ولا نسمح لأحد بأن يزايد علينا في الوطنية والدفاع عن تونس.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.