أختتمت الليالي الأدبية و الثقافية والعلمية ، التي نظمها منتدى الأدب لمبدعي الجنوب بتارودانت،في المركب الثقافي الحي المحمدي لسطاح،بتعاون مع مديرية الثقافة والمجلس الجماعي والسلطات المحلية بتارودانت،بالليلة الرابعة والتي خصصت لقراءة في كتاب:تارودانت بعيون فرنسية للدكتور مصطفي المسلوتي،مع قراءات شعرية وسردية.بحضور جمع من الأدباء والشعراء والمهتمين وطاقم صحفي من التلفزة المغربية وفريق من الصحافة المحلية .
وقد أسنددت مهمة التسيير للأستاذ خالد بناني عضو منتدى الأدب طالب في سلك الدكتوراه,الذي افتتح اللقاء بالترحيب بالحاضرين ثم شكر المنتدى ، وبعد تقديم المشاركين أعطى الكلمة مباشرة للدكتور أحمد السعدي استاذ بجامعة ابن زهر بأكادير الذي قدم ورقة مختصرة حول كتاب تارودانت بعيون فرنسية للدكتور مصطفى المسلوتي أشار فيها أهمية المِؤلف لكونه ترجمة لبعض ماكتب حول تارودانت من قبل كتاب فرنسيين وعسكريين استقروا بها أو مروا منها ،ابان الفترة الكلونيالية.
للمعلومات الغزيرة التي تضمنتها هذه الكتابات حول أحوال الناس والحياة الاجتماعية والسياسية في هذه المرحلة، أضاف أن كتابات هؤلاء الفرنسيين تعتبر من اهم المصادر في التأريخ لهذه المرحلة.كما فسر الدكتور السعيدي المفارقة في كون الدكتور مصطفى المسلوتي المتخصص في الدراسات الإسلامية يصدر كتابا في مجال الترجمة والتاريخ،موضحا ان اهتمامه بالدراسات الاستشراقية، (صدرت له عدة مِؤلفات في الموضوع) اضطره للإحتكاك بمجال الترجمة بقوة،وحتم عليه التعمق في معرفة اسرار الترجمة وتقنياتها.
وأضاف أن المؤلف من أبناء مدينة تارودانت،متيم بها مما جعله يخصص لها قسطا وافرا من اهتمامه وجهوده،على شكل اصدارات(ابن سليمان الروداني/رحلة دولاموط …وغيرها).
وبعد هذه المداخلة جاء دور الدكتور حسن الطالب أستاذ الترجمة بكلية الاداب ابن زهر،الذي عبر عن سعادته بحضور هذه الجلسة الثقافيية وبخاصة مع منتدى الأدب حول كتاب يتناول مدينة تارودانت التي يعشقها حتى النخاع.
وثمن العمل الكبير والمضني الذي قام به الدكتور المسلوتي في ترجمة هذه النصووص الأجنبية مؤكدا على أنها في غاية الدقة وتناول معضلة الترجمة واشكالاتها, وقال انها باب يصعب ولوجه إذا لم تتوفر في المترجم شروط الإلمام باللغتين واتقانهما( اللغة المترجم منها واللغة المترجم اليها),وأشار الدكتور الطالب الى بعض المحطات التاريخية للترجمة انطلاقا من عهد المامون الذي أسس بيت الحكمة لترجمة التراث اليوناني،كما قدم الجاحظ كرائد من رواد التنظير في علم الترجمة وقال ان آراءه تدرس الى اليوم.
وأشار الدكتور الطالب الى بعض ( الكوارث ) الأخطاء الفادحة التي ارتكبت في الترجمات كانت لها انعكاسات خطيرة على فهم حقائق تاريخية مهمة تظل بعيدة عن الصواب بفعل الترجمة الرديئة.
وأعطيت الكلمة للدكتور مصطفى المسلوتي صاحب الكتاب،الذي شكر المنتدى بدوره وجميع الحاضرين،ثم قدم الشكر للدكتورين المحاضرين اللذان خصصا بعضا من وقتهما للنظر في الكتاب،وقراءته رغم الإنشغالات الكثيرة.
وذكر أنه قام بتأليف هذا الكتاب في وقت (مسروق) من وقته في خضم المسؤوليات والإنشغال بالتدريس والتأطير والإشراف على الرسائل الجامعية وتصحيح الامتحانات والبحث العلمي, وقال انه يعتبر هذا العمل هو اسهام بسيط يقدمه وفاء لهذه المدينة التي أعطته الكثير وبذلك يحاول أن يرد لها نزرا قليلا من دينها عليه.والتمس من القارئ أن يتقبل هذا العمل بحسناته وأن يتجاوز عن أخطائه ونواقصه ان وجدت.
أما فقرة القراءات الشعرية والسردية ,فقد فسح السيد المسير خالد بناني المجال للزجال محمد بيتي الذي ألقى على مسامع الحاضرين قصيدة زجلية معبرة شدت انتباه الحاضرين ونالت تصفيقاتهم، وبعد ذلك أعتلت الشاعرة فاتحة صلاح الدين (عضو منتدى الأدب )المنصة وشنفت الأسماع بشعرصوفي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ،تفاعل معه الجمهور باهتمام,وبعد ذلك قرأ الشاعر الحاج أحمد ايت بن أحمد نصا شعريا باللغة الأمازيغية حول أزمة القيم في المجتمع مليئة بالحكم والأمثال وبعده جاء دور الزجال الأستاذ ابراهيم جناح الذي شارك بقصيدة زجلية حول الرياضة ومنافعها وضرورة تحقيق التناسق بين الصحة الجسدية والصحة العقلية نالت الاعجاب .
تبعه الشاعر اسماعيل ايت بادو الذي أتحف الحاضرين بقصيدة مهداة إلى والده، امتعت الجمهور,ليأتي دور الشاعرة الأديبة مليكة بزيز ، التي شاركت بنصين سردين متميزين الأول حول فترة الحجر الصحي الذي صورت فيه بدقة متناهية تفاصيل الهلع والقلق منذ الاعلان عن الإغلاق الكامل والاثار النفسية المترتبة عنه, والنص الثاني يتناول تفاصيل تجربة شخصية في العمل الجمعوي، وبذلك اكتشف الجمهور الوجه الاخر للشاعرةمليكة بزيز ككاتبة تمتلك ايضا أدوات ومقومات الابحار في عالم السرد أيضا.
وبعدها فسح المجال للشاعرة امنة أرسايم ،لتقرأ نصا من الشعر الحداثي غارق في الإيحاء والغمض الإيجابي الذي يفتح النص على قراءات متتعددة تفاعل معها الجمهور باهتمام.
وقبل الختام عمد المسير الى فتح باب النقاش أغناه المتدخلون بأسئلة حول ترجمة الكتابات الكولونيالية، هل هي تقارير عسكرية تمهيدية للسيطرة على المغرب ام هي كتابا صادقة بكل ما فيها من اعجاب وانبهار، واسئلة اخرى حول الترجمةواشكالاتها.وقد تصدى السادة المحاضرون للتفاعل والإجابة على الأسئلة
واختتمت الجلسة كالعادة بتوقيع الكتاب مع كؤوس الشاي والحلويات. وبذلك أسدل الستار على الليالي الرمضانية الثقافية لمنتدى الأدب ووعد المنتدى باخراج أعمال هذه الليالي في كتاب من منشورات منتدى الأدب.
التعليقات مغلقة.