متى يكتشف المغاربة لغتهم الدارجة؟

hommage-mohamed-boudhan

محمد بودهان

تقديم:

من كان يخطر بباله، وفقط قبل عدة سنوات، مجرد إمكانية التساؤل: هل الدارجة لغة متفرعة عن العربية أم لا؟ ذلك أن عروبية الدارجة كانت موضوعا محسوما كبديهية لا تناقش. لكن يبدو أن هناك من أخذوا يضعون اليوم هذه “البديهية” موضع تساؤل ونقاش، وهو ما بدأ، نتيجة لذلك، ينزع عنها شيئا فشيئا طابعها “البديهي”، نظرا أن ما هو بديهي لا يُطرح للنقاش والتساؤل، باعتباره حقيقة ثابتة، واضحة، بسيطة وأولية. لقد كان من المنتظر والمفترض أن يتصدى المتخصصون اللسانيون لموضوع الدارجة، ومناقشة أصلها الجغرافي والبشري واللسني. لكنهم لم يفعلوا لأنهم حسموا في أنها لغة عروبية في أصلها ومنشئها، وبالتالي فمن العبث وضياع الوقت إثارة مسألة بديهية ومحسومة بالنسبة لهم.

هذا “الانسحاب” للسانيين فتح الباب للمعلّقين ـ وغالبا من خارج المتخصصين في اللسانيات ـ على كتابات “هسبريس”، ذات الصلة بإشكالية العلاقة بين الأمازيغية والدارجة، ليدلوا برأيهم في الموضوع على شكل تعليق يحدد حجمه الأقصى في 1000 حرف. وهذا ما تكشف عنه قراءة ما ينشر بـ”هسبريس”، ويتصل بالدارجة وعلاقتها بالعربية والأمازيغية، إذ لا يكاد يخلو مقال، له علاقة بالموضوع، من تعليقات حول طبيعة الدارجة وأصلها وهويتها اللسنية والبشرية والجغرافية والتاريخية. وإذا أسقطنا من هذه التعليقات نسبة السب والشتم المرتفعة، ونسبة التعليقات العنصرية الصريحة، ونسبة الكلام التافه والفارغ، سنحصل، مما تبقّى، على آراء واجتهادات محترمة وذات مصداقية، تستحق التأمل والمناقشة. وهي آراء واجتهادات تبيّن قراءتُها كيف فرضت الكتاباتُ حول الموضوع، مع ما تتضمنه من أسئلة مزعجة ومفحمة حول عروبية الدارجة، الانتقالَ، ولدى نفس المدافعين عن عروبية الدارجة، من القناعة أن “الدراجة تمثّل المستوى الشفهي والعامّي للغة العربية”، كما نقرأ في العديد من التعليقات، إلى الاعتراف بأنها لغة عروبية لكنها مستقلة عن العربية الفصحى.

لن أكرر في هذه المناقشة ما سبق أن كتبته في موضوع: “هل الدارجة المغربية أداة للتعريب أم وسيلة للتمزيغ؟”، المنشور ضمن كتاب “في الهوية الأمازيغية للمغرب” (متوفر على الرابط: http://tawiza.byethost10.com/identite.pdf)، ولا ما سبق أن شرحته في موضوع: “من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟” (الموجود على رابط “هسبريس”: http://www.hespress.com/writers/141391.html)، حيث خلصت إلى أن الدارجة «منتوج أمازيغي»، وأنه «حتى على فرض أنها لغة عربية، فإنه لا يمكن نفي أن صانعي هذه الدارجة “العربية” هم أمازيغيون، ما دام أنها ترجمة للأمازيغية إلى العربية، وأنه لا يمكن أن ينجز هذه الترجمة إلا الأمازيغيون الذين يجيدون الأمازيغية». سأتناول إذن في هذا الموضوع الجديد، حول الدارجة المغربية، أسئلة جديدة حول العلاقة الممكنة بين هذه الدارجة واللهجات العروبية المفترض أن الدارجة هي إحداها أو تطور لها، بعد أن أصبح من الصعب على المدافعين عن عروبة الدارجة الاستمرار في القول بأنها تمثّل المستوى العامّي للعربية الفصحى، كما يقول غالبية اللسانيين، وذلك بعد أن أثبتنا لهم أن العربية لا تتضمن إلا مستوى واحدا هو المستوى الفصيح الكتابي، الذي يُتعلّم في المدرسة أو ما يقوم مقامها، ولا تعرف مستوى عامّيا أو شعبيا أو وسيطا، كما في العديد من اللغات الحية والمكتوبة، مثل الإسبانية والفرنسية والإنجليزية والألمانية… ذلك لأن هذه المستويات، لاستعمال نفس اللغة، تفرضها وتخلقها إكراهات الاستعمال الشفوي اليومي لتلك اللغة. والحال أن العربية لا تستعمل في التخاطب الشفوي اليومي بحكم أنها لغة كتابة فقط. فمن أين ستكتسب إذن مستويات الاستعمال الشفوي في التخاطب اليومي وهي فاقدة لهذه الوظيفية التخاطبية الشفوية؟

ما سأناقشه إذن، في هذا المقال الجديد حول موضوع قديم، هو تلك الاعتراضات الجديدة، التي تتضمنها تعليقات وجيهة منشورة بـ”هسبريس” كما أشرت، على الأطروحة التي تقول إن الدارجة منتوج أمازيغي وليست لهجة عروبية، وأرد عليها بتعليقات منشورة، هي أيضا، بـ”هسبريس”، تدحض تلك الاعتراضات وتدعم الأصل الأمازيغي للدارجة. وبهذه المناسبة أود أن أشكر أصحاب هذه التعليقات، المؤيدة لأطروحتي حول الانتماء الأمازيغي للدارجة، على قراءتهم لما كتبته حول هذا المضوع، كما تؤكد ذلك تعليقاتهم هذه، التي انطلقوا فيها مما طرحته من فرضيات وقدمتُه من أمثلة، مع إغنائهم للنقاش، وتوضيحهم للإشكالية، ودفاعهم عن تلك الأطروحة بمزيد من الأمثلة الجديدة، والتي يصحّح بعضها ما سبق أن سقته من أمثلة ربما كانت غير مناسبة.

لدحض هذه الاعتراضات الجديدة على أطروحة الأصل الأمازيغي للدارجة، وبالاستناد أساسا على تعليقات قراء “هسبريس” الذين يردون على هذه الاعتراضات، سأناقش الأسئلة التالية:

ـ هل الدارجة تطور خاص لإحدى اللهجات العروبية؟

ـ ألا يمكن أن تكون الأمازيغية ترجمة للدارجة وليس العكس؟

ـ ما معنى التطابق والترجمة والبصمة اللسنية الأمازيغية؟

ـ لماذا تحضر الأساطير والمعتقدات الأمازيغية في الدارجة؟

ـ لماذا أبدع الأمازيغ الدارجة، التي هي أمازيغية بألفاظ عربية؟

ـ ما هي العوامل الثلاثة للتعريب الطوعي للأمازيغ؟

ـ لماذا يفهم المغاربة اللهجات العروبية الخليجية؟

ـ وأين اختفت اللهجة العروبية التي جاء بها بنو هلال؟

ـ وأين اختفت لهجة الموريسكيين الأندلسيين؟

ـ إذا كانت الدارجة ذات أصل أمازيغي، فلماذا لا تختلف باختلاف الجهات مثل أمها الأمازيغية؟

ـ ولماذا لم يبدع المسلمون العجم دارجتهم مثل الأمازيغ؟

ـ ولماذا لا يطالب الأمازيغ بترسيم الدارجة وكفى؟

ـ وأين المشكل إذا كان أجدادنا الأمازيغ قد اختاروا الانتماء إلى العروبة؟

ـ لماذا يستوي الأميّون والمثقفون في موقفيهما من الدارجة؟

هل الدارجة تطور خاص لإحدى اللهجات العروبية؟

إذا كانت الدارجة لغة مستقلة عن العربية، ولم تعد بنتا لها ومستوى عامّيا لاستعمالها، فمن أين تستمد إذن عروبتها؟ يجيب المدافعون عن الأصل العربي للدارجة بأنها تستمد عروبتها من كونها إحدى اللهجات العروبية، التي ليست بالضرورة هي الفصحى، والتي انتقلت إلى المغرب مع العرب الذين استقروا بهذا البلد.

لكن عيب هذا الجواب أنه عاجز عن الإجابة عن العديد من الأسئلة، التي يطرحها نفس الجواب، من قبيل:

لماذا لا نجد لهذه اللهجة العروبية ـ الدارجة ـ أصلا ولا أثرا لها بموطنها الأصلي المفترض بالجزيرة العربية (بلدان الخليج)، والذي تكون منه انتقلت إلى شمال إفريقيا والمغرب على الخصوص؟ فتعابير الدارجة، مثل:

ـ لحم خضر (لحم نيء)،

ـ حل الباب (افتح الباب)،

ـ جرى عليه من الدار (طرده من الدار)،

ـ عندك تنسى (وإياك أن تنسى)،

ـ حظ راسك من الشفارة (احترس من اللصوص)،

ـ مشاو لو حوايجو في الكار (ضاعت أغراضه في الحافلة)،

ـ فات عليه تران (فاته القطار)،

ـ كيف راك داير؟ (كيف حالك؟)،

ـ غير كنضحك معاك (أضحك معك فقط)،

ـ دّيها فراسك (لا تتدخل في ما لا يعنيك)،

ـ لما طايب (الماء فائر)،

ـ …

ومئات أخرى غيرها من التعابير، لا تستعمل في أي بلد من بلدان المشرق العربي، ولا يفهم معناها أي عربي ينتمي إلى هذه البلدان، لأنها، رغم استعمالها لمعجم عربي، تختلف جذريا عن اللهجات العروبية المشرقية، إما في التركيب أو في المعنى أو في كليهما. وهو ما يثبت أن الدارجة المغربية لغة مستقلة ومختلفة عن اللهجات العروبية بالشرق الأوسط. وأصل هذا الاختلاف والاستقلال هو الخصوصية اللسنية الأمازيغية التي تحكم تراكيب ومعاني الدارجة، مما جعل منها، بسبب هذه الخصوصية، عبارة عن ترجمة حرفية للتعابير الأمازيغية إلى العربية، وهو ما أصبحت معه تلك الترجمة تعبيرا أمازيغيا، في التركيب والمعنى، وعربيا في الألفاظ والكلمات. وهذا دليل على أن أول من تكلم الدارجة وأبدعها، أي ترجم الأمازيغية إلى العربية، لا يمكن أن يكون عربيا بل هو أمازيغي يجيد الأمازيغية، وهو من أنتج هذه الدارجة المغربية التي لا تفهم في أي بلد عربي، لأنها، في معانيها وتراكيبها، ليست لهجة عربية. وحتى إذا اعتبرناها تجاوزا لغة عربية، فستكون عربية أمازيغية، أي عربية الأمازيغ وليست عربية العرب.

نلاحظ إذن أن ما قلناه، في مقالات سابقة، عن كون الدارجة غير تابعة للفصحى ولا نابعة منها، يصدق أيضا على علاقتها بأية لهجة عروبية عامّية تستعمل ببلدان المشرق العربي. وأمام هذا الواقع الذي ينفي عن هذه الدارجة أي انتماء عربي، سيلجأ المدافعون عن أصلها العربي إلى حيلة أخرى “ذكيةّ” لإنقاذ عروبة الدارجة. تتمثل هذه “الحيلة” في القول إن الدارجة المغربية، إن كانت مختلفة حقا عن اللهجات العروبية العامّية، فذلك أمر طبيعي ناتج عن تطورها الذاتي المستقل عن تطور أخواتها بالمشرق العربي، بسبب انقطاع التواصل وبُعد المسافة بين المغاربة والمشارقة. يجب الاعتراف أن هذه “الحيلة” لا تخلو من وجاهة وجدية. ذلك أن اللغات، وخصوصا اللهجات منها، تتطور وتتغير في العديد من مقوماتها الأصلية، مثل المعجم على الخصوص، وحتى التراكيب في حدود وشروط معينة. إذن، حسب هذا الحل/الحيلة، اختلاف الدارجة المغربية عن اللهجات العروبية العامّية هو شيء طبيعي، وبالتالي لا ينفي ـ بل يؤكد ـ الأصل العربي لهذه الدارجة.

لكن هذا الحلّ يؤدي إلى مأزق لا مخرج منه، لأنه لا يستطيع أن يفسّر لماذا تطورت الدارجة المغربية، المفترض أنها لهجة عروبية، فقط بالشكل الذي جعل منها نسخة مترجمة لمعاني وتراكيب الأمازيغية؟ فعندما نقارن بين تعابير الدارجة وتعابير الأمازيغية، مع تجاهل ـ طبعا ـ للتراكيب المشتركة بين كل اللغات، سنكتشف أن أزيد من تسعين في المائة من تعابير الدارجة مطابقة، في معناها أو مبناها أو في كليهما، لتعابير الأمازيغية.

من أمثلة المطابقة في المعنى:

ـ “لحم خضر” (لحم نيئ، غير ناضج، يحتاج إلى طبخ ـ حرفيا: لحم أخضر اللون): تركيب عام مشترك بين العربية والأمازيغية وغيرهما من اللغات، لكن لا معنى ولا استعمال له في أية لهجة عروبية. إذا كانت هذه العبارة غير مستعملة وغير ذات معنى في أية لهجة عروبية، اللهم إذا قصد بها لون اللحم إذا صار أخضر، وهو ما لا علاقة له بمعنى النيوءة التي تدل عليها العبارة في الأمازيغية والدارجة، فهذا يعني أن أصل هذا المعنى ليس عربيا ولو أن الألفاظ المكونة للعبارة عربية. فمن أين اكتسبته إذن الدارجة؟ اكتسبته من الأمازيغية. وما هو الدليل على ذلك؟ الدليل أنه مستعمل في الأمازيغية كخاصية لسنية تنفرد بها، وتتصل بالانزياح الدلالي للفظ “أزكزا” (أخضر)، الخاص بلون النباتات، والذي انتقل إلى معنى “النيئ” في عبارة “أكسوم د أزكزا” (لحم خضر)، لأن اللحم النيئ يكون، في هذه الحالة من النيوءة، لا زال “أخضر”، أي “حيا” و”يانعا” مثل النبات الأخضر، وهو ما يعطي لعبارة “أكسوم د ازكزا” (لحم خضر)، معنى “النيء” و”غير الناضج”. وهذا الانزياح الدلالي، الخاص بلفظ “أزكزا” (أخضر) الأمازيغي، لا وجود له في اللهجات العروبية، المفترض أن الدارجة تنتمي إليها (سنناقش في ما يأتي فرضية ما إذا كانت الأمازيغية هي التي اقتبست التعبير من الدارجة وليس العكس). فمعنى لفظ “أخضر” في العبارة الدارجة (لحم خضر) مطابق إذن لمعناه الأمازيغي، وليس لمعناه العربي، الفصيح أو اللهجي، الذي لا علاقة له بهذا المعنى في العبارة الدارجة، لأن هذه الأخيرة هي ترجمة حرفية لأصلها الأمازيغي. وهو ما يؤكد أن من نطق للمرة الأولى بهذه العبارة لا يمكن أن يكون إلا أمازيغيا يجيد لغته الأمازيغية، التي ترجم معانيها ترجمة حرفية إلى العربية.

ـ “قتل راسو” (انتحر ـ حرفيا: قتل رأسه): تركيب عام مشترك، كذلك، بين العربية والأمازيغية وغيرهما من اللغات (بالفرنسية نفس التركيب مثلا في عبارة: Il a touché sa tête). لكن لا معنى ولا استعمال له في أية لهجة عروبية. ومن يدع العكس فليأتنا بدليل منطوق أو مكتوب. وما قلناه عن عبارة “لحم خضر” يصدق كذلك على عبارة “قتل راسو”، التي لا تفسير لها إلا أنها ترجمة حرفية إلى العربية لأصلها الأمازيغي: “إنغا إخف نس”. فازدواج مدلول (إخف) في الأمازيغية، الذي يعني، حسب السياق، رأس الشيء والجزء الأعلى منه، أو ذات الإنسان (النفس)، هو الذي يعطي لعبارة “قتل راسو” الدارجة معناها الأمازيغي الذي يفيد “قتل نفسه”، أي انتحر، وليس “قتل رأسه”، حسب ما تفيده هذه العبارة في العربية. فمعنى لفظ “راسو” في العبارة الدارجة (قتل راسو) مطابق إذن لمعناه الأمازيغي، وليس لمعناه العربي، الفصيح أو اللهجي، الذي لا علاقة له بهذا المعنى في العبارة الدارجة، لأن هذه الأخيرة هي ترجمة حرفية لأصلها الأمازيغي. وهو ما يؤكد أن من نطق للمرة الأولى بهذه العبارة لا يمكن أن يكون إلا أمازيغيا يجيد لغته الأمازيغية، التي ترجم معانيها ترجمة حرفية إلى العربية.

ـ “رد البال” (انتبه، احذر، احترس): تركيب عام مشترك، أيضا، بين العربية والأمازيغية وغيرهما من اللغات. لكن لا معنى ولا استعمال له كذلك في أية لهجة عروبية. ومن يدع العكس فليأتنا بدليل منطوق أو مكتوب. وما قلناه عن “لحم خضر” وقتل راسو” يصدق كذلك على عبارة “رد البال”، التي لا تفسير لها إلا أنها ترجمة حرفية إلى العربية لأصلها الأمازيغي: “أرّ د تاونكيمت”. فمعنى فعل “رد” في العبارة الدارجة (رد بالك) مطابق إذن لمعناه الأمازيغي، وليس لمعناه العربي، الفصيح أو اللهجي، الذي لا علاقة له بهذا المعنى في العبارة الدارجة، لأن هذه الأخيرة هي ترجمة حرفية لأصلها الأمازيغي. وهو ما يؤكد أن من نطق للمرة الأولى بهذه العبارة لا يمكن أن يكون إلا أمازيغيا يجيد لغته الأمازيغية، التي ترجم معانيها ترجمة حرفية إلى العربية.

ومن أمثلة المطابقة في التركيب (وغالبا في المعنى أيضا نظرا للعلاقة بين التركيب والمعنى):

ـ “غير تكلمت معه بدا يبكي” (بمجرد ما تكلمت معه بدأ يبكي): أداة الاستثناء العربية “غير” التي تبتدئ بها هذه العبارة الدارجة، لا تستعمل، في أية لهجة عروبية، بهذه الصيغة التركيبية، حيث تكون في أول الجملةَ متبوعة بفعل. وهذا التركيب، الغريب عن أية لهجة عروبية، هو الذي يجعل عبارة “غير تكلمت معه بدا يبكي” فاقدة للمعنى وللاستعمال في أية لهجة عروبية. ومن يدع العكس فليقدم دليلا منطوقا أو مكتوبا. فـ”غير”، هنا في هذه الجملة، هي ترجمة حرفية للأداة النحوية الأمازيغية “غاس”، التي تتضمن معنى الاستثناء ولكن بمدلول قريب من “فقط”، “بمجرد”. فالتركيب الذي صيغت به العبارة الدارجة “غير تكلمت معه بدا يبكي”، مطابق إذن لنفس التركيب في الأمازيغية (غاس سّيولغ ديدس إسنتا إتالا)، وليس لتركيب العربية، الفصيحة أو اللهجية، التي لا تقبل قواعدها مثل هذه الصيغة التركيبية. فالعبارة الدارجة هي إذن ترجمة حرفية لنفس العبارة في أصلها الأمازيغي، وبنفس صيغتها التركيبية الأمازيغية. وهو ما يؤكد أن من نطق للمرة الأولى بهذه العبارة لا يمكن أن يكون إلا أمازيغيا يجيد لغته الأمازيغية، التي ترجم معناها وتركيبها ترجمة حرفية إلى العربية.

ـ “عندك تنسى” (إياك أن تنسى): هذا التركيب، بهذه الصيغة التي تبتدئ فيه العبارة بأداة “عندك” الظرفيةَ متبوعة بفعل مضارع، لا معنى ولا استعمال له في أية لهجة عروبية. فسواء اعتبرنا “عندك” ظرف زمان أو مكان مضافين، فلن يكون للعبارة معنى في أية لهجة عروبية. فمعناها في الدارجة لا تستمده إذن من أصلها العربي المفترض، لأن هذا الأصل لا يقبل هذا المعنى المصاغ بهذا التركيب، وإنما تستمده من أصلها الأمازيغي الذي هو العبارة “غورك أتتّود”، والتي ترجمت حرفيا إلى العربية فأعطت التعبير الدارج “عندك تنسى”. فالتركيب الذي صيغت به العبارة الدارجة “عندك تنسى”، مطابق إذن لنفس التركيب في الأمازيغية (غورك أتتّود)، وليس لتركيب العربية، الفصيحة أو اللهجية، التي لا تقبل قواعدها مثل هذه الصيغة التركيبية. فالعبارة الدارجة هي إذن ترجمة حرفية لنفس العبارة في أصلها الأمازيغي، وبنفس صيغتها التركيبية الأمازيغية. وهو ما يؤكد أن من نطق للمرة الأولى بهذه العبارة لا يمكن أن يكون إلا أمازيغيا يجيد لغته الأمازيغية، التي ترجم معناها وتركيبها ترجمة حرفية إلى العربية.

ـ “باقي ما وصل” (لم يصل بعدُ): هذا التركيب، المشكّل من اسم الفاعل وأداة النفي “ما” ثم الفعل الماضي، لا معنى ولا استعمال له في أية لهجة عروبية. وحتى إذا حاولنا تحوير العبارة إلى معناها الحرفي في العربية كأن نقول: “بقي لم يصل” أو “بقي ما وصل”، فلن يكون لها، كذلك، معنى ولا استعمال في أية لهجة عروبية، لأن معناها لا تستمده من التركيب العربي، مثل “بقي لم يصل”، الذي لا معنى له، وإنما تستمده من تركيبها الأمازيغي الأصلي الذي ترجمت منه حرفيا إلى العربية: “إيسول أور إلكم”. فالتركيب الذي صيغت به العبارة الدارجة “باقي ما وصل”، مطابق إذن لنفس التركيب في الأمازيغية (إيسول أور إلكم)، وليس لتركيب العربية، الفصيحة أو اللهجية، التي لا تقبل قواعدها مثل هذه الصيغة التركيبية. فالعبارة الدارجة هي إذن ترجمة حرفية لنفس العبارة في أصلها الأمازيغي، وبنفس صيغتها التركيبية الأمازيغية. وهو ما يؤكد أن من نطق للمرة الأولى بهذه العبارة لا يمكن أن يكون إلا أمازيغيا يجيد لغته الأمازيغية، التي ترجم معناها وتركيبها ترجمة حرفية إلى العربية.

الخلاصة إذن هي أن التعابير الدارجة، أي اللغة الدارجة، بمعناها ومبناها، لا يمكن أن تكون تطورا لإحدى اللهجات العروبية المفترض أنها انتقلت إلى شمال إفريقيا وأعطت الدارجة، وإلا فما هو سر تطورها بالضبط في اتجاه تراكيب ومعاني اللغة الأمازيغية؟ ليس هناك من تفسير لذلك سوى أن الدارجة لم تأت إلى الأمازيغيين من خارج الأمازيغيين، بل هي من إبداعهم وإنتاجهم، كما يدل على ذلك كون معانيها وتراكيبها هي نفسها معاني وتراكيب لغتهم الأمازيغية، التي استمروا في استعمالها في الدارجة لكن بألفاظ عربية.

وحتى يقنع التعريبيون أن الدارجة هي تطور لإحدى اللهجات العروبية، وينفوا عنها أصلها الأمازيغي، يقارنونها باللغات الأوروبية ذات الأصل اللاتيني، مثل الفرنسية والإسبانية والإيطالية والبرتغالية، فيقولون إن الدارجة هي لغة عربية ولكنها ليست هي العربية الفصحى، مثلما أن الفرنسية هي لغة لاتينية ولكنها ليست هي اللغة اللاتينية. هذه مقارنة مهمة ومفيدة لموضوعنا، وهي حجة أخرى على أن أصل الدارجة أمازيغي وليس عربيا.

فحتى إذا لم نكن متأكدين أن الفرنسية تتشكل، على غرار الدارجة، من معجم لاتيني مصاغ في قوالب ومعاني وتراكيب اللغة المحلية للسكان الأصليين لفرنسا، مثل الكلتية (Langue celtique) والباسكية (Langue basque)، فإنها، بالتأكيد، هي لاتينية الفرنسيين وليست لاتينية الرومان ولا لاتينية اللاتين (Les Latins)، أي ذلك الشعب الذي ينتمي في الأصل إلى المنطقة الإيطالية المعروفة تاريخيا بـ”اللاتيوم” (Latium)، والذي تنسب إليه اللغة اللاتينية، مثل العرب الذين ينتمون في الأصل إلى بلاد الجزيرة العربية، والذين تنسب إليهم اللغة العربية. الفرنسية هي لاتينية الفرنسيين، بمعنى أن الفرنسيين، ولو أن للغتهم هذه أصولا لاتينية، هم الذين أبدعوها واستعملوها وتكلموا بها، وليس الرومان واللاتين، الذين يكونون قد هاجروا إلى بلاد فرنسا واستقروا بها، ونقلوا إليها ونشروا بها لغتهم اللاتينية لكونهم أصبحوا يشكّلون الأغلبية الديموغرافية، كما يزعم التعريبيون بالنسبة للدارجة التي يقولون إنها لغة عربية يتكلمها العرب، الذين أتوا بها من البلاد العربية، والمشكّلون للأغلبية الديموغرافية بالمغرب. وكون الفرنسية هي لاتينية الفرنسيين، وليست لاتينية الرومان واللاتين، لا يتنافى ـ بل يدعم ويؤيد ـ مع ما كتبناه وكررناه وشرحناه، من كون الدارجة، إذا اعتبرناها تجاوزا لغة عربية، فهي عربية الأمازيغ وليست عربية العرب. فالرهان، هنا، في ما يخص انتماء الفرنسية أو الدارجة، ليس فقط رهانا لسانيا، بل هو رهان هوياتي في المقام الأول: من هو الشعب الذي يتحدث الفرنسية بالبلاد الفرنسية؟ هل هو شعب روماني لاتيني (شعب اللاتيوم) لأن للفرنسية أصولا لاتينية؟ الجواب أنه شعب فرنسي في هويته التي يحددها موطنه الجغرافي، وليس شعبا رومانيا أو لاتينيا، بغض النظر أنه قد يوجد ضمن هذا الشعب الفرنسي من تعود أصولهم العرقية إلى الرومان واللاتين. ومن هو الشعب الذي يتحدث الدارجة في المغرب؟ هل هو شعب عربي، كما يدّعي التعريبيون، لأن للدارجة أصولا معجمية عربية؟ الجواب أنه شعب أمازيغي ـ أو شمال إفريقي بالنسبة لمن له حساسية مع كلمة “أمازيغي” ـ في هويته التي يحددها موطنه الجغرافي بشمال إفريقيا، وليس شعبا عربيا، بغض النظر أنه قد يوجد ضمن هذا الشعب الشمال الإفريقي من تعود أصولهم العرقية إلى العرب.

إذن، وكما نلاحظ، “الاستنجاد” بحالة اللغات الأوروبية ذات الأصول اللاتينية لإثبات الهوية العربية للدارجة المغربية، وللانتماء العربي للمتحدثين بها كلغتهم الفطرية، يثبت، عكس ذلك، أن المغاربة ليسوا عربا، وأن دارجتهم ليست عربية لأنها من صنعهم وإبداعهم، ولم تأت إليهم من البلاد العربية، مثلما أن الفرنسية لغة من إبداع الفرنسيين ولم تأت إليهم من بلاد “اللاتيوم”.

ألا يمكن أن تكون الأمازيغية ترجمة للدارجة وليس العكس؟

بتبيان أن الدارجة، باستعمالها لمعاني وتراكيب الأمازيغية، لا يمكن أن تكون تطورا لإحدى اللهجات العروبية المفترض أنها جاءت من بلاد الجزيرة العربية، سيلجأ المدافعون عن عروبية الدارجة إلى “حيلة” أخرى، مفادها أن الأمازيغية، ولكونها لغة ضعيفة مقارنة مع العربية كلغة أقوى منها، فلا يمكن أن تكون هي المؤثرة في الدارجة بالشكل الذي يجعل هذه مجرد ترجمة للأمازيغية، وإنما العكس هو الصحيح، أي أن اللغة الأضعف (الأمازيغية في هذه الحالة) هي التي تأخذ من اللغة الأقوى. وبالتالي، فإذا كان هناك تطابق بين تعابير الأمازيغية وتعابير الدارجة، فهذا يعني أن الأمازيغية هي التي ترجمت وأخذت هذه التعابير من الدارجة.

ـ أولا، تأثير اللغة الأقوى على اللغة الأضعف، معطى حقيقي وتاريخي وعلمي، ثابت ومؤكد. لكن هذا المعطى لا يدعم، كما يعتقد التعريبيون، فرضية الأصل العروبي للدارجة، بل يكذّبها وينسفها من أساسها، ويثبت الأصل الأمازيغي لهذه الدارجة. كيف ذلك؟

صحيح أن الأمازيغيين أرادوا تعلم اللغة الأقوى والتحدث بها، وهي العربية، كلغة دين وكتابة وثقافة، مع ما يرافق ذلك من تحول جنسي قومي وهوياتي، متمثلا في الرغبة في تقليد أصحاب هذه اللغة القوية والتشبه بهم والتماهي معهم، وهم العرب، لاستمداد القوة من قوتهم، اللغوية والدينية والرمزية. فالهدف من تعلم الأمازيغيين للعربية والتحدث بها، حتى وإن كان الدافع الأصلي دينيا، هو أن يظهروا كعرب يستعملون لغتهم العربية. لكن بما أن هذه العربية كانت قد فقدت وظيفة استعمالها الشفوي في التخاطب لما وصلت إليهم بشمال إفريقيا، فلم يكن من الممكن لهم إذن تعلمها كلغة تخاطب، ولا استعمالها للتواصل الشفوي في الحياة اليومية. فكل ما كان بإمكانهم أن يفعلوه، حتى يستخدموا العربية في التخاطب اليومي، هو أن يستعملوا ألفاظا من العربية الفصحى، التي لم تعد مستعملة في التخاطب الشفوي، مع صياغتها في قوالب لغتهم الأمازيغية التي يعرفونها ويجيدونها. فصنعوا بذلك لغة “عربية” جديدة بمعجم العربية الفصحى، لكن بمعاني وتراكيب لغتهم الأمازيغية. هذه اللغة “العربية” الجديدة هي الدارجة المغربية، التي اعتقد صانعوها الأمازيغيون أنها اللغة العربية التي نجحوا في تعلمها وفي استعمالها باعتبارها اللغة الأقوى. ومع انتشار هذه الدارجة، لنفس السبب الذي شرحناه، انتشر معها كذلك الاعتقاد أنها لغة عربية، وأن متحدثيها، الذين هم أمازيغيون في الأصل والحقيقة، هم عرب، ليتحقق بذلك الهدف من صنع واستعمال الدارجة، وهو التحول جنسيا إلى الجنس العربي، تماهيا ـ مع ـ وتقليدا لمن كان يُعتقد أنهم الأقوى، لغويا ودينيا وعرقيا ورمزيا وسياسيا، وهم العرب.

وينتج عن هذه السيرورة لنشأة الدارجة كمنتوج أمازيغي، أن العربية، لو كانت لغة التداول الشفوي في الحياة اليومية، لتعلمها الأمازيغيون ولاستعملوها كلغة في حياتهم اليومية بدل الدارجة، ولما وجدنا اليوم، في هذه الحالة لاستعمال العربية كلغة الحياة اليومية، أثرا لسنيا للأمازيغية وللأمازيغ في هذه اللغة العربية، يدل على أن متكلمي هذه اللغة هم أمازيغيون. وهذا واضح من مثال اللغة الإسبانية والإنجليزية والبرتغالية في القارة الأمريكية. فالأمريكي أو المكسيكي أو البرازيلي، ذو الأصول الهندية (نسبة إلى الهنود الحمر، السكان الأصليين لبلدان القارة الأمريكية)، والذي يجهل لغته القومية الأصلية، ولا يعرف ولا يستعمل إلا إحدى هذه اللغات ذات الأصل الأوروبي، لا يمكن التعرّف على أصله الهندي هذا، بناء على استعماله للإنجليزية أو الإسبانية أو البرتغالية. لماذا؟ لأنه يستعمل هذه اللغات بنفس معانيها وتراكيبها التي تستعمل بها في مواطنها الأصلية بأوروبا، وهو ما لا يسمح بافتراض أن مستعملي هذه اللغات بالقارة الأمريكية هم من الهنود الحمر، لأنه لا يمكن القول إن هذه اللغات، ذات الأصول الأوروبية، والمستعملة اليوم بالقارة الأمريكية، هي ترجمة، في معانيها وتراكيبها، للغة المحلية للسكان الأصليين، مما قد ينتج عنه أن صانعي ومتحدثي هذه اللغات هم من الهنود الحمر. وهذا عكس الدارجة التي تحمل البصة “الوراثية” اللسنية (ADN اللسني) الخاصة بالأمازيغية، مما يؤكد أن صانعيها والمتحدثين بها هم في الأصل أمازيغيون، واصلوا، عبر الدارجة، استعمال أمازيغيتهم، بمعانيها وتراكيبها، مع تغيير كلماتها بكلمات عربية، مما يُظهر ـ الظاهر فقط ـ هذه الدارجة كما لو كانت لغة عربية. ولهذا فهذه الدارجة مختلفة، في معانيها أو تراكيبها أو هما معا، عن كل اللهجات العروبية لأنها ليست منها ولا تنتمي إليها، كما سبق أن شرحنا.

فليست إذن الدارجة هي التي كانت اللغة الأقوى، والتي أراد الأمازيغيون، بسبب ذلك، تعلمها واستعمالها، بل لغة القرآن التي هي العربية الفصحى. أما الدارجة فلم تكن موجودة بعدُ إلا بعد أن أوجدها الأمازيغيون أنفسهم حتى يظهروا أنهم عرب، وأنهم يتكلمون العربية.

ـ ثانيا، هؤلاء الذين يقولون إنه من الممكن ـ بل من الأرجح ـ أن تكون تعابير الدارجة، المتطابقة في معناها ومبناها مع تعابير الأمازيغية، هي الأصل الذي اقتبست منه الأمازيغية هذه المعاني والتراكيب، لا يعرفون اللغة الأمازيغية ولا يتقنونها. وجهلهم بهذه اللغة هو الذي جعلهم يفترضون أن الأمازيغية هي التي تكون قد أخذت من الدارجة باعتبارها لغة عربية، ظنا منهم، بسبب جهلهم بالأمازيغية، أن هذه التعابير المتطابقة بين اللغتين، الأمازيغية والدارجة، لا تتجاوز عددا محدودا، لا يختلف عن الحالات المماثلة من التأثير والتأثر بين لغتين متجاورتين، حيث تأخذ اللغة الأضعف من اللغة الأقوى. لكن لو كانوا يجيدون الأمازيغية، إجادة تسمح لهم بالمقارنة بين معانيها وتراكيبها ومعاني وتراكيب الدارجة، لاكتشفوا أن التطابق، في المعاني والتراكيب بين اللغتين، لا يقدّر بعشر حالات ولا بخمسين حالة، ولا بمائة ولا بمائتين…، بل هو عام يسري على أزيد من تسعين في المائة من تعابير الدارجة، مع تجاهل التراكيب المشتركة بين كل اللغات، والتي لا تدخل، طبعا، في الحسبان. فالمقارنة، بين متني الأمازيغية والدارجة، يبيّن أن إحداهما تكاد تكون نسخة مترجمة حرفيا من الأخرى. وكما شرحنا، تشكّل الأمازيغية المتن الأصلي الذي ترجمه الأمازيغيون إلى العربية، مما أعطى لغة عربية في ألفاظها، وأمازيغية في معانيها وتراكيبها، وهي ما نسيمه الدارجة، التي هي من إبداع الأمازيغيين عندما تكلموا العربية بمعاني وتراكيب لغتهم الأمازيغية، لأن العربية، كما سبق القول، لم تكن لغة تداول شفوي في الحياة اليومية. النتيجة، إذن، هي أن العلاقة بين الأمازيغية والدارجة هي علاقة سببية وتكوينية: فلولا وجود الأمازيغية ووجود الأمازيغيين الذين يتكلمونها، لما وجدت الدارجة قطعا، لأن أصل معانيها وتراكيبها هو اللغة الأمازيغية، ولأن صانعيها هم الأمازيغيون. فالأمازيغية ومستعملوها الأمازيغيون يشكّلون السبب، الذي لولاه لما كانت هناك دارجة كنتيجة لهذا السبب.

أما إذا قلنا، كما يفعل المدافعون عن الأصل العروبي للدارجة، إن الأمازيغية هي التي أخذت معانيها وتراكيبها من الدارجة، فهذا يعني، نظرا للنسبة الكبيرة لتطابق معاني وتراكيب اللغتين، أنه لولا وجود الدارجة لما وجدت قطعا الأمازيغية. فهل هناك عاقل يمكنه، ليس فقط الدفاع عن هذه الفرضية الخرقاء، بل مجرد تصورها والتفكير فيها؟

ما معنى التطابق والترجمة والبصمة اللسنية الأمازيغية؟

“فضيحة كبرى” تنفجر بالوسط القضائي المغربي

فجرت فضيحة كبرى بالوسط القضائي المغربي بعدما أثاره طلاق مواطنة بمدينة أسفي من استغراب لعدد من المتتبعين، وسبب هذا الاستغراب أن مسطرته (الطلاق) لم تتجاوز ثلاثة أيام، قبل أن يقوم القاضي الذي أشرف على عملية التطليق بالزواج من المطلقة ذاتها في وقت وجيز، والعيش معها رغم  استمراراها في معاشرة طليقها معاشرة الأزواج.

وبحسب ما أوردته يومية “المساء” في عددها ليوم غد الثلاثاء 23 غشت الجاري، فإن حادث الطلاق هذا، يخص مهاجرا مغربيا بالديار الإيطالية ظل يجهل طلاقه لزوجته منذ 2005، تاريخ صدور الحكم إلى شهر دجنبر الماضي، حيث عرف المهاجر عن طريق الصدفة، فقط مؤخرا، أن زوجته متزوجة من رجل آخر ليس سوى القاضي الذي نطق بحكم طلاقه، رغم أنها ما زالت إلى الآن تتعامل معه معاملة الأزواج، إذ ظل ينفق عليها وعلى أبنائه ويبعث لها بحوالات مالية تجاوزت قيمتها في بعض الأحيان 20 ألف درهم شهريا، كما سافرت معه إلى إيطاليا عدة مرات، وعاشرته معاشرة الأزواج.

الطلاق كان خلعيا، حيث تم من طرف المهاجر المغربي، رغم أن الأخير لم يكن يعلم به نهائيا، ما يؤكد وجود تزوير في الوثائق، وهو الأمر الذي يثبته عدم تطابق أسماء العدول الذين حرروا رسم الطلاق الخلعي مع الإمضاءات والتأشيرات التي ذيل بها الرسم.

ومن الأمور الغريبة التي حملها الملف أن السيدة رغم أنها طلقت من المهاجر المغربي، إلا أنها ظلت تطلب منه إنجاز مجموعة من الوثائق الإدارية التي تتعلق بها وبأبنائها وكأنها ما زالت على ذمته، ومن بينها وكالات وتفويضات استطاعت من خلالها التصرف في العديد من ممتلكاته.

والأخطر من ذلك أنها تمكنت من تغيير نسب ابنها الذي ازداد سنة 2008 وسجل بدفتر الحالة المدنية الخاص بالمهاجر، فيما الطلاق المزعوم تم سنة 2005، والغريب أنها استطاعت فيما بعد تغيير نسب الطفل باسم القاضي، رغم أن الابن كان مسجلا في دفتر الحالة المدنية الخاص بالمهاجر.

تساءل البرلماني عن “حزب العدالة والتنمية”، محمد سالم البيهي، عن أسباب توجيه الديوان الملكي الدعوة لحضور احتفالات عيد الشباب لهذه السنة، للاتحادي عبد الوهاب بلفقيه، المتورط في فضيحة تهريب مع كولونيل الدرك الملكي بكلميم” حسب البيهي، ولم توجه لبرلمانيين أخرين؟

وقال البرلماني المذكور في بيان نشره على حسابه بالفيسبوك، ” نريد توضيح هذا الإقصاء والحيف من الديوان الملكي والجهات المختصة، حيث ظهر بعض ممثلي مجلس النواب باحتفالات عيد الشباب بطنجة، هذا الحفل الذي يرأسه جلالة الملك”، مضيفا “سؤالي كمنتخب عن دائرة العيون لماذا لم توجه لي الدعوة؟ ولماذا لم توجه للكثيرين من ممثلي الدولة ووجهت لبلفقيه الذي ظهر على فضيحة تهريب قبل أيام متورط فيها كونونيل الدرك الملكي بكلميم!”

وأشار برلماني البجيدي، البيهي، “ليس هكذا يتم التعامل مع ممثلي الأمة وليس هكذا يتم دعم الوحدة الترابية، أصابنا إحباط شديد كما أصاب الذين تم تجاهلهم من ممثلي الأمة”، معتبرا “أن الملك لا يحتكر والوطن لا يحتكر والمؤسسات لا تحتكر، ونحمل من قاموا بهذا الفعل الشنيع التداعيات المستقبلية لهذا الإقصاء الغير مقبول”


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading