كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري

30 غشت

#الإختفاء_القسري_جريمة_ لا_يمكن_التسامح_معها

في الثامن عشر من ديسمبر من عام 1992م اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وقد جاء في الإعلان أن الاختفاء القسري يقع عندما يتم “القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون”.

ويظهر من هذا أن ممارسة الاختفاء القسري تقوم على ركنين هما حرمان شخص من حريته، ورفض الكشف عن مكان أو مصير هذا الشخص، ويترتب على هذه العملية خروج هذا المختفي من مظلة حماية القانون.

إن الاختفاء القسري واحدة من أبشع الجرائم التي عرفتها الإنسانية، وإذا ما تمت هذه لجريمة بشكل منهجي فإنها تصبح جريمة ضد الإنسانية، وتتبدى بشاعة هذه الممارسة في أن أثرها يمتد إلى أبعد من الضحية المباشرة التي تعاني فوق حرمانها من الحرية ومن حماية القانون، من الألم الذي يسببه إدراكها لأن ذويها وأهلها لا يعلمون عنها شيئا، فيصبح الأهل والأحباب ضحية ثانية للاختفاء القسري فهم يجهلون مصير ذويهم المختفين أحياء هم أم أموات وتتأرجح عواطفهم بين الأمل واليأس لفترات تطول أو تقصر، وفي بعض الأحيان يتهددهم ذات المصير، وكثيرا ما يترتب على الاختفاء القسري متاعب مادية عندما يكون المختفي قسريا هو العائل الرئيسي للأسرة، فينقطع رزق الأسرة وفي بعض الحالات لا تسمح التشريعات الوطنية بتلقي معاش أو أية إعانات أخرى إذا لم تقدم شهادة وفاة، و في أغلب الأحيان يدفع النساء ثمن هذه المحنة، فالمرأة في الغالب هي التي تتصدى المرأة لإيجاد حل لقضية اختفاء أفراد أسرتها مما يعرضها لكثير من المتاعب، أما إذا وقعت المرأة نفسها ضحية للاختفاء القسري فإنها تصبح معرضة بشكل خاص للعنف الجنسي ولغيره من أشكال العنف.

كما يمتد أسر الاختفاء القسري للمجتمعات، ذلك أنه كثيرا ما يستخدم كاستراتيجية لبث الرعب والخوف داخل المجتمع، فيصبح أداة فاعلة في تكميم الأفواه ومصادرة الحريات.

لقد صكت الأمم المتحدة عددا من الوثائق لمحاربة الاختفاء القسري ففضلا عن الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (1992م)، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري في 20 ديسمبر من عام 2006م، كما احتوى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على بعض النصوص عن هذه الممارسة التي تنامت لتصبح مشكلة عالمية لا تقتصر على بلاد بعينها، ومما يثير القلق بشأنها أنها تسهم بشكل خاص في استمرار المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، وأقارب الضحايا، والشهود، والمحامون الذين يعملون في قضايا الاختفاء القسري، الشيء الذي يؤدي إلى إفلات مرتكبيها من العقاب.

إننا في معهد جنيف لحقوق الإنسان إذ نحي ذكرى ضحايا الاختفاء القسري في كل أنحاء العالم الأحياء منهم والأموات نلفت النظر إلى انتشار هذه الممارسة في المناطق التي تشهد حراكا سياسيا واجتماعيا في سياق النضال من أجل حقوق الإنسان وبسط الحريات والديمقراطية الحكم الراشد.

وندعو كافة الدول للانضمام للاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الإختفاء القسري، والتي وقعت عليها حتى الآن 98 دولة بينما صادقت وإنضمت إليها 68 دولة من بينهم العراق، موريتانيا، المغرب، سلطنة عمان، السودان وتونس. ونتمنى أن يعود هذا اليوم العام القادم ليجد أن عدد الضحايا في تناقص.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading