قلة المناصب المالية وتكليف أساتذة التخصص بتدريس مواد أخرى تنم عن الارتجالية في تدبير ملف الأمازيغية
بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف 21 فبراير من كل سنة، ارتأينا أن نقدم لكم حوارا مع الفاعل الجمعوي و أستاذ اللغة الأمازيغية “محمد المعين” حول وضعية تدريس اللغة الأمازيغية بالمدرسة المغربية.
حاوره: مصطفى مروان
- هل يتوفر أستاذ اللغة الامازيغية على الوسائل و العدة المناسبة لكي يقوم بالمهام المنوطة به في أحسن الظروف؟
لا شك ان اتفاقية الشراكة بين المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ووزارة التربية الوطنية في 26 يونيو 2003 ، التي تم بموجبها إدراج الامازيغية في المنظومة التربوية لتعتبر مكسبا كبيرا للامازيغية ، حيث أن التراكم الذي حققه المعهد في هذا الإطار لتنزيل بنوذ هذه الاتفاقية لا يستهان به، على المستويين التنظيمي و البيداغوجي، فعلى المستوى التنظيمي أصدرت وزارة التربية الوطنية المذكرات الوزارية التالية : – المذكرة الوزارية رقم 108 – 03 بتاريخ 01 شتنبر 2003 حول ادماج الامازيغية في المسارات الدراسية المذكرة رقم 82 – 04 بتاريخ 20 يوليوز 2004 حول تنظيم الدورات التكوينية في بيداغوجيا وديداكتيك اللغة الامازيغية المذكرة رقم 90 – 05 بتاريخ 19 غشت 2005 حول تنظيم تدريس اللغة الامازيغية وتكوين اساتذتها المذكرة رقم 130 – 06 بتاريخ 12 شتنبر 2006 حول تنظيم تدريس اللغة الامازيغية وتكوين اساتذتها المذكرة رقم 133 – 07 بتاريخ 12اكتوبر 2007 حول ادماج الامازيغية في المسارات الدراسية المذكرة رقم 116 – 08 بتاريخ 26 شتنبر 2008 حول تنظيم تعميم تدريس اللغة الامازيغية المذكرة رقم 187 – 10 بتاريخ 13 دسمبر 2010 حول تأطير وتتبع اجراء فروض المراقبة المستمرة لمادة اللغة الامازيغية بسلك التعليم الابتدائي المذكرة رقم 952 – 012 بتاريخ 09 يوليوز 2012 بشأن تسريع وتيرة تعميم تدريس اللغة الامازيغية المراسلة رقم 4094 – 2 بتاريخ 1 نونبر 2012 في شأن تدريس اللغة الامازيغية بمؤسسات التعليم الخصوصي المراسلة رقم 2465 – 2 بتاريخ 3 اكتوبر 2012 بشأن الترخيص لكتابة اسم المؤسسات التعليمية ” بحرف تيفيناغ” ، كل هذه المذكرات الوزارية و إن كان تطبيقها محتشما و غير مرهون بالمحاسبة فإن تراجع الوزارة عن هذه المكتسبات لعلامة فارقة خطيرة في نيتها تبني سياسة واضحة و صريحة لتعميم تدريس اللغة الامازيغية افقيا و عموديا. و هنا لابد أن نشير إلى تجربة التخصص كمعطى قار في البنية التربوية تبنته الوزارة منذ الموسم الدراسي 2013/2014 مقابل تخليها تدريجيا عن تجربة الأستاذ المكلف حيث تخرج افواج من الاساتذة المتخصصين- و إن على قلتهم(440 أستاذ و استاذة) – مستفيدين من تكوين بالمراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين بكل من أكادير و مراكش و مكناس و الناظور و هو ما مكنهم من تلقي تكوين نظري يهم كل ما يتعلق بالامازيغية لغة و ثقافة و آخر تطبيقي تم من خلاله إجراء وضعيات مهنية مختلفة أما على المستوى البيداغوجي فإن المعهد أصدر الكتب المدرسية و دليل الأستاذ لكافة المستويات الابتدائية بالإضافة إلى عدد كبير من الدعامات الديداكتيكية الرقمية و الورقية منها معجم مدرسي و معاجم وظيفية و مؤلفات شعرية و نترية تستهدف الطفل (اناشيد،حكايات،قصص…) و عدد من الإصدارات الأدبية والثقافية و اللسانية مكنت الأستاذ من تأهيل قدراته المعرفية و البيداغوجية ، إلا أن الوزارة لم تواكب بالشكل المطلوب تخرج هؤلاء الأساتذة بتحديد حاجياتهم و تشخيص ظروف اشتغالهم لمدهم بها حيث ان توفر كل الأساتذة على هذه الدعامات أمر صعب للغاية نظرا لقلتها و عدم توفرها بكافة المكتبات ، و هو ما جعل الأساتذة يلتئمون في عدد من مجموعات شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت لتبادل الخبرات و الأفكار و الوثائق و الأيقونات التربوية و هو أمر في أخذ و عطاء استفدت منه شخصيا، و من خلالها اكتشفت ان أستاذ الأمازيغية يتميز بميزتان فريدتان : الإبداع و نكران الذات.
- ما هي في نظركم بعض النواقص و الاختلالات التي تشوب المنهاج المدرسي و الكتب المدرسية المعدة لتدريس اللغة الأمازيغية؟
قبل أن أتحدث عن هذه النواقص لابد أن أشير أن تجربة التخصص في حد ذاتها تشوبها نواقص عدة اكتفي بذكر البعض منها :-قلة المناصب المالية المخصصة و نمط و معايير إجراء الامتحان تنم عن الارتجالية في تدبير هذا الملف – تكليف بعض أساتذة تخصص الأمازيغية بتدريس المواد الأخرى لسد الخصاص دليل على أن هذه التجربة ما هي إلا سياسة لذر الرماد في العيون – صعوبة تهيئة استعمال الزمن الأسبوعي بالتنسيق مع باقي الأساتذة و غيرها من المشاكل لا يسعني ذكرها هنا . و جوابا على سؤالكم حول نواقص المنهاج المدرسي و الكتب المدرسية ، أقول اكيد أنها ناقصة كما وكيفا بالنظر للظروف و السياق الذي تم فيها إدراج الامازيغية في المنظومة التربوية حيث أن الوزارة لم يتسنى لها تجريب هذه الكتب بالشكل الأمثل منذ 2003 و لم تتم مراجعتها منذ ذلك الحين ، فمن حيث الكم نجد انه لا يتلاءم و الغلاف الزمني المخصص للامازيغية (3ساعات) و كذا تضمينه لنصوص قرائية طويلة بعيدة احيانا عن المعيش اليومي للمتعلمين و بالتالي عن خصوصياته . أما الأنشطة اللغوية المتضمنة في التوازيع السنوية نجدها غير مدرجة بالترتيب الملائم ، و ما زاد الأمر صعوبة تبني مقاربة تواصلية تميز في الكتاب الواحد من المستوى الأول إلى المستوى الرابع بين اللهجات الثلاث بثلاث ألوان الأزرق و الأخضر و الأصفر و هو سلاح ذو حدين يجعل المتعلم يتيه في البحث عن الصفحة المطلوبة و كذا أمر يمكنه من الوعي بالغنى و الاختلاف اللغوي للأمازيغية في سبيل إرساء لغة ممعيرة في المستويين الخامس و السادس و هي غاية صعبة المنال اذا لم تعمم هذه اللغة افقيا على المستوى الوطني و عموديا بباقي الأسلاك التعليمية. كما تجدر الإشارة إلى ان هذه الكتب تعرف جفاف كبيرا على المستوى الايقوني نظرا لطبيعة الصور (رسوم مملة) لا تثير دافعية المتعلم و أسجل أيضا الأخطاء الاملائية الكثيرة خاصة في كتاب المستوى الثالث.
3- هل هناك احترام لخصوصية اللغة الأمازيغية على مستوى التركيبي و المنهجي في طريقة التدريس أم أنه يتم اعتماد نفس منهجية تدريس اللغتين العربية و الفرنسية؟
لاشك أن “الامازيغية” كمادة دراسية – ليس اللغة الأمازيغية – تتطلب من الأستاذ الإلمام بكافة جوانبها اللسانية و الثقافية حتى يتمكن من أداء مهمته على أحسن وجه ، و هذا لن يتأتى إلا إذا كان هذا الأستاذ محبا لهويته الأمازيغية و لمهنته. و الأمازيغية كمادة دراسية تتضمن ست أنشطة أساسية : التعبير – القراءة- التراكيب و الصرف(التوظيف اللغوي) – الكتابة- الأنشطة الترفيهية و التقويم ، مدة كل نشاط 30 دقيقة و هي مدة غير كافية بالنظر لحجم المضامين و الموارد اللغوية المتضمنة في المنهاج ، فكيف يعقل تخصيص 45 دقيقة مثلا لمادة الصرف في العربية و الفرنسية و 30 د في الامازيغية أم أن هذه الأخيرة لا صرف لها . إشكاليات و أخرى يعيشها الأستاذ المختص تجعله يكتفي بالاهم أحيانا -و إن تعتبر كافة الأنشطة مهمة- مثل التعبير و القراءة و الكتابة أما على المستوى المنهجي فإن منهجية تدريس هذه المكونات لا تختلف كثيرا عن منهجية تدريس اللغات الأخرى اللهم بعض الاختلافات الطفيفة المرتبطة بالجانب الثقافي.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.