بينما هي تواجه المطارح العشوائية في المدن بغابات الاركان للمدن الشبه حضرية، والجماعات القروية لإيقاف المد المتنامي والهدام للبيئة والتنمية المستدامة باكادير الكبير، تفاجئت جمعية بييزاج للبيئة بمولود طور النشأة عبارة عن مطرح عشوائي غير محدد المساحة والمجال باكادير على ضفاف واد يقع شرق اكادير ويصب بنهر سوس مباشرة، يسمى (أيغزر العرباء) يفصل بين حي تيكوين التابع للجماعة الحضرية لاكادير، وجماعة الدراركة من جهة، أي بالمنطقة الحدودية حيث تتنافى الحدود الترابية بين السلطات المحلية والجماعات الترابية. فماذا اكتشف نشطاء جمعية بييزاج للبيئة بهذه المنطقة الحدودية والبيئية؟ وبهذه البؤرة الجديد لنشأة وكيفية ولادة المطارح العشوائية؟ بعد أن استبشرت الساكنة والمجتمع المدني خيرا بنهاية هكذا مطارح لا تليق بسمعة ومكانة مدينة السياحة الشاطئية الأولى وطنيا؟ وما علاقة هذا المطرح بالرعاة والسياحة وشاطئ اكادير بوجه الخصوص؟
1- كيف تنشأ المطارح العشوائية ومن المسؤول عن غظ الطرف وعدم تحمل المسؤولية وتفعيل القانون للحد من هذا الدمار البيئي بضواحي المدينة السياحة والشاطئية الأولى وطنيا.
تنشأ المطارح العشوائية بسبب غض الطرف عن تحمل المسؤولية والسكوت عن ظواهر مضرة بالبيئة القروية التي تتحول إلى شيبه حضرية ثم حضرية حسب التقسيم الإداري المعتمد من لدن وزارة الداخلية، وهو ما اكتشفناه أثناء زيارتنا الخاطفة والسريعة لكون المنطقة كذلك غير أمانة، ويمكن بسبب هكذا مغامرات أن نعرض حياة النشطاء للخطر مع أشخاص قد لا تروقهم تحركاتنا وعملنا لكونه يضر بمصالحهم حتى وان كانت ذات ارتباط بالنفايات والمطارح المنزلية، المنطقة تقع بالجنوب الشرقي لاكادير بالمنطقة الواقعة شرق حي “ادرار” وحي “تيليلا” غير بعيد عن الطريق المؤدية لمنطقة “ازراراك الجبلية ” يمينا، المنطقة تكسوها غابات الأركان أصبحت مكبا مفتوحا لنفايات البناء والنفايات الصناعية والمتلاشيات وخردة وهياكل التلفاز البلاستيكي القديم وشيئا فشيئا باتجاه الشرق تستقبلنا أصوات طيور النورس و أسراب من اللقالق الرحالة وهي تباشير وجود مزبلة أو مكب للنفايات الذي لم تحدده أية دراسة تقنية خاصة بتدبير النفايات المنزلية أو الصناعية أو سلطات محلية أو منتخبة بعين المكان، فكيف نشأ هذا الوباء الجديد في غفلة عن الجميع بهذه المنطقة الحساسة بيئيا للواد وغابة الأركان، ونحن نتقدم رويدا رويدا نصادف مجموعات من قطيع المعز والأغنام وما يشبه حواضر لتربيتها بين الأشجار وأولى الخروقات البيئية تتجلى في انتشار ظاهرة الرعي الجائر والغير منظم لمئات القطيع في غابات الأركان بهذه المنطقة السرية، ويستقر بالمنطقة عشرات المجموعات من الرعاة استقرت في أكواخ وبيوت بالغابة معززين بتجهيزات استقرار مختلفة لعربات يدوية أو مجرورة بدواب فيما تتكفل شاحنات صغيرة بخرق القانون وتفريغ المواد الفاسدة ويتكفل آخرون بجمع القمامة عوضا عن عمال النظافة التابعين للجماعات ليلا من مختلف الصناديق التي يتم إتلافها وتفريغها أحيانا في الأرض باكادير والدشيرة انزكان وتيكيون ويقومون بتفريغها، وحسب المعطيات التي تم جمعها فلا يستثنى من تلك الازبال والنفايات أي شيء فهم يأخذون (الجمل بما حمل)، ويقومون بتفريغها بمقربة من الوادي فيحتفظون بالنفايات العضوية لبقايا الخضر وخلافه، بينما يتم رمي الباقي في منحدر الوادي فيما تتكفل النار بحرقه وتحويله إلى رماد وهي عملية من وجهة نظرنا مدبرة بحكمة وتبصر من طرف أطراف أخرى قد تكون هي من أملت هكذا تعامل مع هذه النفايات لكن للأسف وما لا يعرفه هولاء المخربين أن العديد من تلك النفايات تكون مصحوبة بنفايات ثقيلة وسامة عند عملية الإحراق كما أن الحريق لا يأتي على اغلبها وهو ما عيناه ميدانيا. ومبدئيا فإن الرعاة مستقرين بغابة الاركان والتي هي تحت وصاية المندوبية السامية للمياه والغابات، والمطرح العشوائي نشأ بالوادي التابع لمديرة التجهيز ووكالة الحوض المائي لسوس ماسة، وبالنفوذ الترابي للسلطات المحلية لتيكيون، وبالنفوذ الترابي للجماعية الحضرية لاكادير، وهم جميعا مسؤولون عن غظ الطرف عن هذا الانحراف الذي يضر بالمناطق ذات المنفعة البيئية بالبيئة الحضرية وبغابات الأركان والأودية وشاطئ اكادير.
2- شاطئ اكادير والحياة البحرية وجودة مياه البحر والرمال هي المتضرر الثاني بعد الهواء وغابات الأركان ووادي سوس بفعل التلوث الناتج عن المطارح العشوائية بالأودية.
غالبا ما يتم التخلص من النفايات بمختلف أنواعها المنزلية ونفايات البناء والمتلاشيات ونفايات الحدائق والخطيرة بمحاذاة الأودية والغابات المتوارية عن الأنظار لكننا لا نشك البتة أن السلطات المحلية بتيكوين لا تعلم بوجود هذه السلوكات المنحرفة والشاذة ضد البيئة الحضرية بهذه المنطقة الخلاء، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لحماية البيئة والمجهودات المبذولة من طرف السلطات الولائية والدرك الملكي، حيث تشكل هذه المعطيات الطبيعية مواقع بيئية في غاية الحساسية وتتعرض للهشاشة والتدهور بفعل هذا التخريب الناشئ والتلوث المستمر بمختلف أنواعه، فالغابة تتعرض للاستنزاف بفعل الرعي ورمي مخلفات البناء والمخلفات الصناعية الأخرى وانتشار أكياس البلاستيك في أغصان شجر الأركان، والأودية تتعرض للتدهور بفعل التأثير على لفرشة المائية أو المياه الجوفية بفعل الازبال، وانتشار الأدخنة نتيجة عملية حرق غير مسؤولية يمكن أن يشعل حريق في اقرب غابة محيطة باكادير تحتضن آلاف الأشجار من الأركان، والتي نحاول جاهدين التصدي لها بالمطارح العشوائية بالقرى والجماعات القروية وإذا بنا نجدها بالمنطقة الحضرية لاكادير غير بعيد عن مدخل المدينة شرقا.
كثيرا ما نبهت الجمعية لظاهرة تلوث شاطئ مدينة اكادير لذات الأسباب، وهي انتشار المطارح العشوائية على طول نهر سوس حيث يتم التخلص من النفايات المنزلية والجيف وجثث الحيوانات ونفايات البناء من طرف مخربي البيئة، فحمولة الأودية تصب بشاطئ اكادير السياحي وهذه المطارح تؤثر بشكل كبير على جودة المياه والرمال والتنوع البيولوجي والكائنات السمكية والأوساط المرجانية والحية البحرية بصفة عامة أثناء فترة التساقطات المطرية، حيث تجرفها أودية كهاته إلى نهر سوس ومن ثمة إلى شاطئ اكادير مخلفة بذلك عبئ ثقيل على المعطيات والموارد السياحية الشاطئية وعلى التنمية السياحية المحلية والتي تعتبر جودة ونظافة البيئة والشاطئ والمعطيات الطبيعية من ضمن متطلبات السياحة الايكولوجية على الصعيد الدولي وإحدى المؤشرات الغاية في الأهمية لاستقطاب السياح إلى المراكز السياحية العالمية والتي لا تتوانى عن إبراز وتقديم مؤشر حماية ونقاوة البيئة المحلية والطبيعية في إغراءات جلب السياح، والحالة هاته أننا اليوم باكادير أمام محك صعب فمن جهة القضاء على سلوكات منحرفة اتجاه البيئة وحماية المنتوج السياحي الشاطئ من عبث بعيد يضر بالتنمية المحلية.
3- ضرورة التدخل العاجل للتخلص من هذه المعضلة ووضع حد لهذا السرطان الملوث الجديد، قبل أن يتفاقم ويشكل عبئا ثقيلا على الجميع.
معلوم أن استقرار الرعاة بين غابات الأركان واحتلال أراضي الدولة التابعة للمياه والغابات، والاستقرار التدريجي أو بشكل نهائي يقود إلى نشأة ظاهرة المطارح العشوائية وظاهرة ” الزرايب” وهي ضيعات عشوائية لإيواء قطيع الغنام والمعز، كما حدث بمطرح اكادير والتي تحولت إلى سكن صفيحي وبالتالي إلى سكن عشوائي، وهذا غير مقبول بتاتا بالنظر إلى المجهودات التي قامت بها الدولة والجماعات الترابية باكادير الكبير للتخلص من السكن الصفيحي اجتماعيا بيئيا وتنمويا واقتصاديا، يجب كذلك التخلص من هذه السلوكات الرعوية بالمناطق الحضرية والشبه حضرية فالغابات المجاورة والأودية بجانب المدن ليست مروج لرعي الغنم والمعز والجمال التي أصبحت تنشط بالمنطقة الحضرية أكثر من أي وقت مضى، وهنالك ضرورة قصوى لحماية البيئة ميدانيا عبر تفعيل القانون ضد هذه الظواهر الرعوية التقليدية التي يجب أن تنظم قانونيا ومجاليا واقتصاديا وفق الضوابط الخاصة بالحفاظ على السلامة الصحية للمنتوجات الغذائية الحيوانية وليس الرعي في القمامة والقذارة، والتي تنشأ من خلالها ظواهر مضرة بالصحة العامة وبالبيئة، كما يجب تدخل السلطات الولائية لوضع حدا لهذا التجاوز الغير مقبول بالنظر إلى المجهودات المبذولة محليا وإقليميا لحل معضلات المطارح المراقبة، وما بالك بمطارح عشوائية قيد النشأة والتطور من جديد تساهم في تفاقم الوضع البيئي وتشكل خطرا على البيئة الغابوية بسبب الحرائق المشتعلة للتخلص من النفايات الصلبة والبلاستيكية وتهديد الثروة المائية الجوفية بالأودية والشاطئية السياحية، بل على التنمية المحلية ككل ويزيد من أعباء الدولة ويثقل كاهل ماليتها . ……حماية البيئة مسؤولية الجميع
رشيد فاسح
رئيس جمعية بييزاج للبيئة والثقافة اكادير الكبير
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.